مهاجرون
مهاجرون ناجون من الغرق في ليبيا ينتظرون بصمت
ـ الخُمس ـ بالقرب من أحد شواطىء ليبيا، ينتظر الناجون من إحدى أسوأ مآسي البحر الابيض المتوسط نقلهم إلى مركز للمهاجرين، بينما تعتلي وجوههم الحزينة نظرات مشدودة إلى الفراغ، وسط جهلهم مصير رفقائهم الذين لا يزالون مفقودين.
كانوا نحو ثلاثين يجلسون على الأرض صامتين في الخلاء بعدما تمّ إنقاذهم الخميس إثر غرق مركبهم قبالة شاطىء مدنية الخمس (غرب ليبيا).
على بعد خطوات، كانت الجثة الوحيدة التي جرى انتشالها من البحر ملفوفة بكيس للهلال الأحمر الليبي، بينما تمّ إعلان أكثر من مئة مهاجر في عداد المفقودين.
ولكن لا يبدو أنّ ثمة عمليات بحث في عرض البحر لانتشال الضحايا، ويبدو أنّ العدد الفعلي سيبقى غير معروف. وفي الأثناء، يكشف أحد أفراد خفر السواحل لصحافيي فرانس برس المتواجدين في المكان أنّه “بسبب الافتقار للموارد، سننتظر أن يعيد البحر الجثث”.
ويتوزع الناجون بين اريتريين، في غالبيتهم، بالإضافة إلى فلسطينيين وسودانيين.
ووضِعت النساء في مقطورة بشكل موقت، لكي يستعدن قواهن بعدما أمضين أكثر من ست ساعات في المياه، كما تشرح إحداهن.
ويروي عبدالله عصمان، أحد الناجين، لفرانس برس “انطلقنا نحو الساعة 23,30 وبعد ساعة ونصف ساعة على ذلك، دخلت المياه إلى مركبنا فقال قائده المصري إننا سنرجع الى الشواطئ الليبية”.
ويتابع الشاب الاريتري ذو الـ28 عاماً أنّهم رأوا “سفينة كبيرة تحمل اسم Turkon Line”، مضيفاً “ظننا أنها ستنقذنا، أشرنا لها ونادينا عليها بصوتنا وصفرنا ولكن لم يستجيبوا لنا مع أنّهم كانوا ينظرون إلينا”.
بعد نصف ساعة، امتلأ القارب بالمياه وتعطل محرّكه. ويقول عبدالله “بقينا في الماء من 6 إلى 7 ساعات. قضى تقريباً 200 شخص، رجالا ونساء وأطفالا”.
ينقل الناجون أنّهم لم يكونوا بعيدين إذ رأوا أضواء ميناء مدينة الخمس الواقعة على بعد 120 كلم شرق طرابلس.
ويشير الشاب الاريتري إلى أنّه “قرابة الساعة السادسة، بعد شروق الشمس” جاء صيادون “بقواربهم الصغيرة وبدأوا ينتشلوننا مجموعات، في كل مرة خمسة اشخاص… واستمر ذلك حتى الساعة 9,00 صباحاً”.
ويروي أحد الصيادين لفرانس برس أنّ “جثثاً كانت تطوف على سطح الماء في منطقة غرق المركب”.
“ذعر”
ذكر مكتب منظمة الهجرة الدولية أنّ نحو 145 مهاجراً أنقِذوا، فيما جرى إدراج 110 في عداد المفقودين. لكنّ المتحدث باسم البحرية الليبية ايوب قاسم قال من جهته إنّه تم انقاذ 134 مهاجرا، مقابل فقدان 115.
بدورها، قدّرت منظمة “أطباء بلا حدود” بالاستناد إلى الروايات التي جمعتها من الناجين، بأنّ حوالى 400 مهاجر كانوا على متن المركب.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة “أشعر بالذعر نتيجة المعلومات القائلة إنّ نحو 150 شخصاً ماتوا إثر حادثة غرق قبالة الشواطىء الليبية”.
وأضاف في تغريدة على موقع تويتر “نحن بحاجة إلى طرق آمنة وقانونية للمهاجرين واللاجئين. كل مهاجر يبحث عن حياة أفضل، يستحق الأمن والكرامة”.
وكتب المفوض الاعلى للاجئين في الامم المتحدة فيليبو غراندي على تويتر “اسوأ مأساة في البحر المتوسط هذا العام حصلت للتوّ”.
وكانت منظمة الهجرة الدولية ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين أشارتا قبل حادثة الغرق الأخيرة إلى أنّ 426 شخصاً قضوا منذ بداية العام خلال محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط، اكثر الدروب البحرية فتكاً.
وعادةً ما يجري استقبال المهاجرين الناجين من قبل منظمات غير حكومية، تقدّم لهم الرعاية والغذاء، ثم تنقلهم السلطات الليبية إلى مراكز احتجاز تتصف وفق منظمات بظروف مزرية.
وقال أيوب قاسم إنّ الناجين في الخمس ينتظرون نقلهم إلى “مراكز إيواء”.
ورغم استمرار أعمال العنف في ليبيا منذ سقوط نظام معمّر القذافي عام 2011، فإنّ ليبيا تبقى نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الهاربين من مناطق في أفريقيا والشرق الأوسط والساعين للوصول إلى أوروبا.
ويفضّل هؤلاء الهجرة بحراً رغم المخاطر، بدلاً من البقاء في ليبيا حيث يتعرّضون لانتهاكات وابتزاز وأعمال تعذيب، وفق منظمات. (أ ف ب)