أقلام مختارة

ننسى ويتذكر «غوغل»

طارق الشناوي

طارق الشناوي

بات من الأخبار الشهيرة أن تقرأ «مانشيتاً»، يشير إلى أن مؤشر البحث الشهير (غوغل) احتفل بذكرى وفاة أو ميلاد نجيب الريحاني وطلال مداح، ومحمود شكوكو وإسماعيل ياسين، وفيروز والبياتي وجبران وغيرهم ممن قدموا الكثير للوجدان العربي، قبل يومين كان يحتفل بذكرى ميلاد الفنانة الراحلة مديحة كامل.
لم تحقق مديحة شهرة عريضة توازي موهبتها العميقة، وحضورها الأخاذ، بمجرد أن يتذكر «غوغل» نتذكر نحن، ونبدأ في البحث عن محطات مهمة لهذا الفنان، طالما أن مؤشر البحث اهتم فإن هذا يصبح دافعاً لنا لكي يصبح الاسم «ترند» على «السوشيال ميديا»، وغالباً ما نستعيد الكثير لهذا الفنان، «غوغل» يلعب دوراً إيجابياً في زيادة الاهتمام، حتى أشهر نجم عربي عادل إمام، بمجرد أن فعلها «غوغل» اعتبرناها دافعاً لكي نقف خلفه، في بداية دخوله عامه الـ80 استعدنا قرابة 60 عاماً من المشوار، ربما كان الممثل الوحيد الذي يمتلك في الذاكرة ستة عقود من الزمان، احتل فيها كل هذا الفيض من الحب على الساحة العربية، وتنتشر على «السوشيال ميديا» لمحات من المشوار، من خلال تسجيلات نادرة أو أدوار صغيرة، قدمها وهو يطرق الباب، بعضها بالمناسبة لم يكن عادل سعيداً باستعادتها مثل دور «صبي العالمة» في الفيلم القديم «سيد درويش».
أتذكر قبل سنوات أن «غوغل» نشر صورة المونولوجست محمود شكوكو في عيد ميلاده، على الفور تذكرنا، كانوا يطلقون عليه «شارلي شابلن العرب»، اشتهر بـ«الزعبوظ» على رأسه، والجلباب البلدي، والعصا، ومنديل يتحزم به إذا لزم الأمر، كما أنه أعاد فن «الأراجوز»، مجدداً لخشبة المسرح ليؤكد جذوره الفرعونية.
اكتشفوا دوره الوطني عندما كان رجال المقاومة في أربعينيات القرن الماضي أثناء الاحتلال البريطاني لمصر، يبيعون تمثال محمود شكوكو مقابل زجاجة فارغة، شكوكو هو الفنان الوحيد الذي تحول وجهه إلى تمثال وصار أيقونة.
كان المعلن وقتها أنهم يعيدون الزجاجة إلى شركة المياه الغازية ويحققون أرباحاً مقابل تلك المقايضة، قبل أن يتم اكتشاف الدور الوطني لتلك الزجاجة، عندما كانوا يبيعونها لرجال المقاومة، يضعون فيها سائل (المولوتوف) ويلقونها على معسكرات جنود الاستعمار، من أجل حثهم على الجلاء، والغريب أن شكوكو عرف كل تلك التفاصيل ولم يفش السر.
آخر شخصية عربية احتلت تلك المساحة، كانت الفنانة مديحة كامل، رغم أنها لم تكن يوماً نجمة للشباك، فلقد ظهرت في زمن كانت كل من نادية الجندي ونبيلة عبيد هما نجمتا الشباك، الأولى حملت لقب «نجمة الجماهير»، والثانية «نجمة مصر الأولى»، فكان لا بد أن تبحث مديحة عن اسم، فأطلقت عليها شركة الإنتاج «كوكب السينما المصرية»، ولم يصمد اللقب كثيراً.
الصدفة كانت وراء اكتشافها عندما التقاها سمير غانم تمشي في الشارع، فعرض عليها المشاركة في عرض على مسرح الجامعة، والصدفة أيضاً منحتها أهم أدوارها على الشاشة عندما اعتذرت سعاد حسني عن دور الجاسوسة في «الصعود للهاوية»، وذلك قبل 48 ساعة فقط من تصوير الفيلم، ورشحها المخرج كمال الشيخ، ليصبح أهم أدوارها على الشاشة.
والغريب أنها وفي عز ألقها وهي تصور فيلم «بوابة إبليس» تقرر ارتداء الحجاب والاعتزال، ومن بعدها التزمت الصمت ولم تتاجر بموقفها. نعم هذه واحدة من إيجابيات «السوشيال ميديا»، ولكن السؤال لماذا ننسى ويتذكر «غوغل»؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق