أوروبا
المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بشدة في قضية ماغنيتسكي
ـ ستراسبورغ ـ دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان روسيا بشدة الثلاثاء في قضية سيرغي ماغنيتسكي، وهو خبير قانوني توفي في السجن عام 2009 بعد كشفه فضيحة فساد، واستمرت محاكمته بعد وفاته، في قضية أثارت أزمة دبلوماسية بين موسكو وواشنطن.
وأشارت المحكمة بصورة خاصة إلى انتهاكات للحقوق الأساسية في هذا الملف، وخصوصاً سوء المعاملة التي تعرض لها ماغنيتسكي على أيدي حراسه قبيل وفاته، وعدم إجراء تحقيق “كامل وفعال” في ظروف هذه الوفاة، واحتجازه بشكل احتياطي لمدة طويلة، و”أوجه القصور في العناية الطبية” التي تلقاها، ومحاكمته وإدانته بعد وفاته في آلية تنطوي على “قصور جوهري”.
واعتبر قضاة المحكمة في مدينة ستراسبورغ في فرنسا أن ماغنيتسكي كان ضحية سوء المعاملة قبل ساعات من وفاته. كما رأوا أنّ قرار السلطات الروسية في آذار/مارس 2013 بإغلاق التحقيق بعد وفاته كان “سطحياً”.
ودين سيرغي ماغنيتسكي في تموز/يوليو 2013، بعد وفاته، بالتهرب الضريبي، في محاكمة قاطعتها عائلته. وأكدت المحكمة الأوروبية بهذا الخصوص أنّ “محاكمة شخص متوف تتجاهل بوضوح مبادئ (الحق في محاكمة عادلة)”.
ورفع ماغنيتسكي قبل وفاته قضيته إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتابعتها والدته وزوجته بعد وفاته.
وكان المحامي ماغنيتسكي يعمل في قسم الشؤون الضريبية في مكتب محاماة في موسكو، بين زبائنه “اريميتاج كابيتال” التي يديرها أميركي.
وأوقف عام 2008 بعد كشفه عملية احتيال مالي بقيمة 5,4 مليارات روبل (130 مليون يورو) خطط لها وفق قوله مسؤولون في الشرطة والسلطات الضريبية على حساب الدولة الروسية و”اريميتاج كابيتال”.
وتوفي ماغنيتسكي عن 37 عاماً في تشرين الثاني/نوفمبر 2009 حين كان قيد الحبس الاحتياطي. وقالت دائرة السجون في حينه إنّ الوفاة نتجت من وعكة صحية، غير أنّ تحقيقاً أجراه المجلس الاستشاري لشؤون حقوق الإنسان لدى الكرملين خلص عام 2011 إلى أنّه كان ضحية ضرب وحرِم من العناية الصحية.
ولم يتم البدء بأي ملاحقات جنائية في أعقاب ذلك.
“إفلات شامل من العقاب”
حكمت المحكمة الأوروبية على روسيا بدفع 34 ألف يورو لزوجة ووالدة ماغنيتسكي تعويضا للضرر المعنوي الذي لحق بهما.
وتتهم زوجة ماغنيتسكي ووالدته كذلك السلطات الروسية باحتجاز المحامي “بشكل تعسفي”، وتؤكدان أن السلطات حاولت إرغامه على العودة عن تصريحات له تشير إلى تورط موظفين حكوميين في فضيحة فساد.
لكن المحكمة الأوروبية لم تأخذ بهذه الاتهامات، وإنّما دانت روسيا بالأخص لإطالتها فترة التوقيف الاحتياطي.
واعتبر هوغ دو سورمن، من الشبكة الأوروبية للنزاعات القضائية وهي جمعية للدفاع عن حقوق السجناء، أنّ ما صدر عن المحكمة الأوروبية “إدانة دامغة للسلطات الروسية” ويشير إلى وجود “إفلات شامل من العقاب”.
وأدت قضية ماغنيتسكي إلى أزمة دبلوماسية بين واشنطن وموسكو، خصوصا بعد اعتماد قانون أميركي باسمه (قانون ماغنيتسكي) عام 2012، يقيّد حرية الحركة لدى المتهمين في الولايات المتحدة بانتهاك حقوق الإنسان وينص على تجميد أصولهم.
وردّت روسيا بتبني لائحة تضم أسماء أميركيين ومن جنسيات أخرى غير مرغوب فيهم على أراضيها، واصدار قانون يمنع تبني أطفال روس من قبل أميركيين.
وروسيا عضو في مجلس أوروبا منذ 1996، غير أنّها لم تنفذ بشكل تام سوى 38% من قرارات المحكمة الأوروبية الصادرة بحقها، بحسب أرقام نشرها في الربيع الماضي منتدى منظمات غير حكومية روسية. (أ ف ب)