العالم
أحكام بالسجن بحق معارضين روس وتخفيف العقوبات على آخرين
ـ موسكو ـ حكم القضاء الروسي الثلاثاء على متظاهر بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الاعتداء على شرطي خلال احتجاجات مؤخراً بينما أعلن المحققون التخلي عن الملاحقة القضائية بتهمة افتعال “اضطرابات واسعة” بحق خمسة متظاهرين.
من جهة أخرى، قضت محكمة على المدون فلاديسلاف سينيتسا بالسجن خمس سنوات بسبب تغريدة دعا فيها الى مهاجمة أبناء عناصر الشرطة، في حكم وصفه محاميه بأنه “غير مسبوق”.
ويعد سجن المتظاهر ايفان بودكوباييف، المدان بالاعتداء على عنصري شرطة باستخدام رذاذ الفلفل خلال مسيرة في تموز/يوليو، هذا أول حكم قاس بالسجن يصدر بحق متظاهر منذ اندلعت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في صيف العام الجاري.
وشارك عشرات الآلاف في المسيرات مطالبين بانتخابات نزيهة بعدما مُنع عدد من مرشحي المعارضة من الترشح في الانتخابات المحلية التي تجري الأحد.
واعتقل عدة آلاف لفترات وجيزة خلال التظاهرات بينما يواجه أكثر من عشرة أشخاص أحكامًا بالسجن على خلفية التسبب ب”اضطرابات واسعة” والاعتداء على عناصر شرطة.
وكان من المتوقع أن تتم إدانة بودكوباييف إذ أنه اعترف بذنبه لكنه لم يكن من الواضح إن كانت المحكمة ستقضي بسجنه.
واتهم معارضون السلطات بقمع المحتجين من خلال استخدام الشرطة للعنف والتلويح بعقوبات مشددة.
لكن المحققين تراجعوا في ما يتعلق بقضايا أخرى الثلاثاء، فأعلنوا التخلي عن توجيه تهم تتعلق بالتسبب “باضطرابات واسعة” بحق خمسة أشخاص اعتقلوا على خلفية دورهم في تظاهرة 27 تموز/يوليو.
وأفادت “لجنة التحقيق الروسية” في بيان إن الخمسة، بينهم الطالب دانيل كونون والمخرج التلفزيوني ديمتري فاسيلييف، سيواجهون تهمًا إدارية مع عقوبات خفيفة.
وأفادت اللجنة أنها طلبت بأن يتم نقل شخصين أخرين، بينهما الطالب ييغور جوكوف، من السجن إلى الإقامة الجبرية.
اعتقالات ليلية
وفي هذه الأثناء، تواصلت الاعتقالات فتم توقيف ثلاثة من قادة المعارضة لمدة وجيزة ليل الاثنين بينهم الصحافي البارز إيليا آزار وحليفين للمعارض أليكسي نافالني.
وقد يواجه آزار، الذي عمل في صحيفة المعارضة البارزة “نوفايا غازيتا”، حكمًا بالسجن لمدة تصل إلى 30 يومًا، فيما قد تواجه ليبوف سوبول حليفة نافالني غرامة باهظة.
وتم الإفراج عن كل من آزار وسوبول ونيكولاي لياسكين — المتهمون جميعًا بتنظيم تجمعات مخالفة للقانون — بانتظار محاكمتهم.
وجرت جلسات محاكمة آزار وسوبول الثلاثاء، لكن جلسة الاستماع لآزار تأجلّت فجأة، بسبب ما يبدو أنها “انتهاكات” للشرطة.
وتسبب توقيفه بردود فعل غاضبة بعدما اقتادته الشرطة وتركت طفلته البالغة من العمر 20 شهراً وحيدة في الشقة التي بقيت مفتوحة.
وقالت إيكاترينا كوزنيتسوفا عبر فيسبوك “عدت إلى البيت لأجد باب الشقة غير مقفل بينما كانت الطفلة نائمة بسلام في سريرها. وحدها. الأمر مخيف”.
ودفع ذلك أمين ديوان المظالم في موسكو يفغيني بونيموفيتش لدعوة النيابة العامة لفتح تحقيق مع مسؤولي الشرطة على خلفية الحادثة.
“أساليب ستالينية”
وندد السياسي المعارض كونستانتين يانكاوسكاس بالاعتقالات على تويتر قائلاً “الاعتقالات الليلية اساليب ستالينية يعاد إحياؤها في القرن الـ21”.
أما سوبول، المحامية لدى صندوق نافالني لمكافحة الفساد (31 عامًا)، فاعتبرت أن الاعتقالات الأخيرة هي “للانتقام” من المعارضين لنشاطهم وجهودهم للمشاركة في الانتخابات.
وقالت لفرانس برس “الناس على استعداد لمواصلة التظاهر”.
وأضافت المحامية التي أضربت عن الطعام لأكثر من شهر للاحتجاج على استثنائها من الانتخابات البرلمانية في موسكو “لست خائفة”.
وقالت إن غرامات تجاوزت قيمتها 900 ألف روبل (13500 دولار) تراكمت عليها بسبب نشاطها.
“ترهيب”
وفي قضية منفصلة الثلاثاء، قضت محكمة بسجن المدون سينيتسا (30 عامًا) خمس سنوات بعدما دين بالتحريض على الكراهية لنشره تغريدة دعا فيها لاستهداف أبناء عناصر الشرطة على خلفية قمع الحركة الاحتجاجية.
واعتبر محاميه دينيس تيكونوف أن الحكم عبارة عن عملية “ترهيب” وأنه “غير مسبوق في شدته”. وتندرج التهم التي وجهت للمدون تحت القوانين الروسية القاسية لمكافحة الإرهاب.
واعتقل سينيتسا الشهر الماضي على خلفية التغريدة التي كتبها في 31 تموز/يوليو.
وبينما أكد محامي سينيستا أن موكلة كتب التغريدة، إلا أنه رفض الاتهامات له بالتطرف.
وفي رد فعله على الحكم، قال نافالني إن “سينيستا كتب منشوراً أحمق عن الانتقام من أبناء عناصر الشرطة. تتم كتابة ملايين المنشورات من هذا القبيل كل يوم”، مشيراً إلى أن رسائل كهذه كثيراً ما تصله عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وشهدت العاصمة الروسية منذ منتصف تموز/يوليو سلسلة تظاهرات احتجاجًا على إقصاء مرشحين مستقلين عن انتخابات برلمان موسكو المرتقبة في 8 أيلول/سبتمبر. وهي أكبر حركة احتجاج منذ عودة فلاديمير بوتين الى الكرملين في 2012.
وفي ذروة الحركة الاحتجاجية في آب/اغسطس، شارك ما بين 50 و60 ألف متظاهر في مسيرات عدة، بينما لم يشارك في التظاهرة الأخيرة التي خرجت في عطلة نهاية الأسبوع سوى بضعة آلاف. (أ ف ب)