السلايدر الرئيسيشرق أوسط
أمين عام المجلس الإسلامي العربي في لبنان: أمن واستقرار ومستقبل البشرية والأديان في التعايش السلمي وقبول الآخر
الياس مفرفح
ـ بيروت ـ من الياس مفرفح ـ شارك أمين عام المجلس الإسلامي العربي في لبنان العلامة د.السيد محمد علي الحسيني في “مؤتمر باريس الدولي للسلام والتضامن “يهود-مسيحيون-مسلمون”.. التزام مشترك بخدمة القضايا الإنسانية” بدعوة من رابطة العالم الاسلامي حيث قدم ورقة عمل للمؤتمر جاء فيها:
من يمحص ويتتبع التاريخ منذ فجره وحتى يومنا هذا يجد أن ما بني على الباطل وعلى أسس من الشر والعدوان، ومهما طال به الزمن فإنه باطل ومصيره محکوم بالزوال والتلاشي وإن کل الحروب والمواجهات والأفكار والمبادئ والقيم التي کانت على أساس من زعم التفوق العرقي أو بسبب عوامل واضطهاد ديني وما إليها من أمور بنفس السياق، فقد صارت نقاط وعلامات سوداء في التاريخ الإنساني حيث يعتبر دعاة وقادة هكذا أمور نماذج سلبية يدينها التاريخ وتدينها الإنسانية، فيما تعتبر الذين تم اضطهادهم وتعرضوا للشر والعدوان هم الجانب المشرق للتاريخ والإنسانية.
إن الإنسانية على مر التاريخ تبدو أنها قد وصلت إلى مرحلة العقل والمنطق بعد أن مرت بتجارب مريرة ودامية أثبتت استحالة دوام واستمرار فکر وثقافة مبنية على عوامل سلبية معادية للإنسان ولتوجه وغاية الأديان، وإننا في ورقة العمل هذه نجد من المناسب جدا التأكيد على كيفية التأسيس لثقافة تسامح عالمية شاملة تتجاوز الأعراق والأديان وتضع الإنسانية وغاية وهدف ورسالة الأديان التي جاءت لخدمة ومصلحة الإنسان فوق کل اعتبار آخر، ذلك أننا وعلى الرغم من الاعتراف العالمي بفشل وإخفاق أفكار ومبادئ زرع الفرقة والاختلافات ورفض الآخر والتعالي عليه واضطهاده والتحريض والكراهية والرفض بسبب عوامل دينية وطائفية، لکن هذه الأفكار لازالت متواجدة في الكثير من الأصقاع وبين العديد من الشعوب والأمم وهذا ما يدل على أنه وعلى الرغم من کل مآسي التاريخ ومامر بالبشرية من جرائها، فإن الحقيقة لازالت لم تصل إلى آذان وعقول ونفوس الجميع، وإننا في مؤتمرنا هذا وهو الأول من نوعه “مؤتمر باريس الدولي السلام والتضامن “يهود-مسيحيون-مسلمون”.. التزام مشترك بخدمة القضايا الإنسانية “، يجب أن نستدرك هذا الأمر ونمنحه الأولوية.
شئنا أم أبينا فإن الخطاب الديني وفي خطه العام؛ هو خطاب إنساني عام وشامل وليس محدد، مثلما أن الحضارة الإنسانية ومهما قيل عنها فإن مادتها ولبنتها الأساسية هو الانسان، وإن أرقى وأهم وأسمى حضارة هي تلك التي خدمت أو تخدم الإنسانية أکثر، ويکون مجالها الشمولي أکبر، ولذلك فإن مصير الإنسانية وأمنها واستقرارها يتجه للتلاقي والتفاهم والتعاون والتعايش السلمي والقبول بالآخر، ولکي نجعل من الأفكار والمبادئ أمرا واقعا فإنه لابد من العمل من أجل ذلك من خلال ورقة عمل نقدمها لتتبنى الأسس والمفاهيم التي تمهد لذلك.
الحاجة لمواجهة الأفکار المتطرفة والانعزالية التي تحث على بث الكراهية والحقد والمواجهات وأمور سلبية أخرى، ضرورية جدا ولابد من إيلائها أهمية قصوى ويجب أن تتخطى منابر وقاعات المؤتمرات وغيرها وإننا نقترح ومن أجل إنجاح الأهداف الأساسية التي تم عقد مٶتمرنا هذا تبني النقاط التالية:
ـ1- العمل من أجل الاتفاق على أسس ثقافة عالمية جامعة من أجل التواصل والتقارب والحوار بين الأديان والتأكيد على أن نقاط الالتقاء فيما بينها هي الأساس لأن التاريخ الإنساني قد أثبت بأن المبادئ السلبية لا يمکن لها أن تدوم مهما طال بها الزمن وإن المستقبل للمبادئ الإيجابية أو بكلمة أدق الخير.
-2ـ أهمية عقد مؤتمرات وملتقيات وندوات دورية لعلماء الأديان في بلدان وعواصم مختلفة والسعي للخروج بأفكار ورؤى يتم تبنيها رسميا ونشرها ککتيب أو حتى کتاب ويتم الترکيز عليه إعلاميا بصورة يمکن جعلها تصل إلى أوسع دائرة إنسانية ممکنة.
ـ3- ضرورة تأسيس منتديات ومٶسسات وتجمعات تضم بين صفوفها شباب من کافة الأديان بهدف جعل التقارب وتقبل الآخر مسألة عملية حيث يتم خلال ذلك تبادل الأفكار والرؤى وتبيان أن الهدف الأهم والأكبر هو الانطلاق للفضاء الإنساني العام وتخطي الحدود والعوامل التي تحول دون ذلك.
ـ4- العمل من أجل مفاتحة الأمم المتحدة لتحث بلدان العالم کي تعمل حكوماتها على نشر وتدريس مبادئ وقيم التعايش السلمي والتقارب بين الأديان وإن الاديان هدفها مشترك ولا تضاد ولا تعارض فيما بينها.
ـ5- السعي من أجل تأسيس وسائل إعلام (صحف ومجلات وإذاعات وقنوات تلفزيونية) تعمل على ترجمة ونقل المبادئ والقيم التي تدعو لها هكذا مؤتمرات وأن يتم مراعاة الاهتمام بها بحيث تدار من قبل مختصين مٶمنين بالحوار وبالتقارب بين الأديان ومن قبل کادر علمائي وإعلامي متميز يتمکن من إيصال هذه الأفكار والمفاهيم إلى أوسع دائرة ممکنة.
6-ـ ضرورة أن تکون هناك مواد أو فواصل دعائية هادفة ومرکزة تسلط الأضواء على فکرة الحوار والتقارب بين الأديان والتعايش السلمي وتقبل الآخر وأن أمن واستقرار ومستقبل الإنسانية يسير بهذا الاتجاه.
ـ7- من المفيد أن تقوم بلدان العالم المشاركة في هكذا مؤتمرات، القيام بما يجب تجاه شعوبها من أجل نقل الأفکار والقيم والقضايا المطروحة التي تدعو لما فيه خير البشرية.
ـ8- يجب رفض وتحاشي الربط بين التطرف والإرهاب وبين دين أو عرق معين والتأكيد على حقيقة أن التطرف والإرهاب لادين ولاعرق ولاوطن لهما وأنهما کانا ولازالا معاديان للإنسانية أينما وجدا وحلا، وهما يعاديان الجميع دونما تمييز.
نتقدم بالشكر عاليا لمعالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى على إقامة المؤتمر، كما نقدر عاليا جهوده من أجل السلام والحوار بين الأديان ونسأل الله عز وجل التوفيق لنجاح المؤتمر وأن ينفع به البشرية ويحقق أهدافه الإنسانية.