أوروبا
ضغوط يتعرض لها وزير الداخلية الفرنسي لتقديم إجابات بشأن اعتداء باريس
ـ باريس ـ عشية تكريم مرتقب للضحايا وفي ظل التعرض لانتقادات وضغوط، تعهد وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير الإثنين “تضييق الخناق” على التطرف الإسلامي ضمن اجهزة الأمن بعد مقتل أربعة في مقر شرطة باريس على يد زميل لهم كان اعتنق الاسلام وتقرب من الأوساط السلفية.
وسعى وزير الداخلية مجدداً إلى تقديم إجابات بشأن الهزة الناجمة عن الاعتداء الدامي الذي ارتكبه ميكايل هاربون، موظف مقر الشرطة البالغ 45 عاماً الذي قتل أربعة موظفين طعناً الخميس قبل تصفيته.
وبعد أربعة أيام على هذا الاعتداء غير المسبوق داخل جهاز الشرطة، لا تزال عدة شخصيات تندد بقصور السلطات وتحاول فهم كيفية نجاح هاربون في التفلت من الرقابة بعدما بدرت عنه إشارات تطرف داخل مديرية استخبارات مقر شرطة باريس حيث كان يعمل.
وحيال الانتقادات الشديدة التي تعرض لها، أقرّ كريستوف كاستانير الإثنين، في مداخلة عبر إذاعة “فرانس انتر”، بحصول “خلل داخل أجهزة الدولة”، لكنه رفض في الوقت نفسه تهمة “فضيحة دولة” التي ترددها شخصيات من اليمين أو اليمين المتطرف وتطالب صراحة باستقالته.
ووفق الوزير، فإنّ هاربون الذي اعتنق الإسلام قبل نحو عشرة سنوات وكان يخالط التيار “السفلي”، برر في تموز/يوليو 2015 الهجوم الذي تعرضت له صحيفة “شارلي ايبدو” الأسبوعية خلال تواجده في مقر عمله من دون أن يتم توجيه بلاغ رسمي إلى الجهات المعنية في الشرطة.
ووفق تقرير داخلي كشفت عنه “فرانس انتر” الأحد، فإنّ هاربون، الموظف الإداري المخوّل الإطلاع على أسرار رسمية، قال أمام زميلين “هذا جيد” في إشارة إلى الاعتداء على “شارلي ايبدو” في كانون الثاني/يناير 2015.
وقال الوزير “لم يرسل تحذير بالمستوى المناسب، وفي الوقت المناسب”، مضيفاً أنّ “التحذير كان من شأنه أن يكون كفيلاً بفتح تحقيق شامل”.
وأكد عدد من زملاء هاربون أنّهم “لاحظوا في السابق مؤشرات تطرف” عليه وأنّهم “لفتوا انتباه مسؤوليهم أو أنّهم أخذوا مشورة زملاء متخصصين في هذه المسائل”، بحسب التقرير الداخلي.
وفي محاولة لتهدئة الجدل، دعا كاستانير إلى أن يتحوّل من الآن فصاعداً كل تحذير حول مسائل تطرف إلى “بلاغ تلقائي”، من دون تقديم مزيد من التوضيحات.
وكلّف رئيس الوزراء ادوارد فيليب مفتشية جهاز الاستخبارات متابعة تحقيقين إداريين طلب فتحهما.
جلسة استماع الثلاثاء
من غير المؤكد أن يكفي ذلك لوضع حد للانتقادات التي تنهال على السلطة التنفيذية وخصوصا وزير الداخلية الذي يتعرض للانتقاد لأنّه تسرّع الخميس بالإعلان أنّ مرتكب الاعتداء “لم يظهر أبداً مشاكل سلوكية”.
ومن اليمين المتطرف إلى اليسار الراديكالي، يتهم عدد من الشخصيات السياسية كاستانير بأنّه “كذب بشكل متعمد”، وطالبوا باستقالته وبتشكيل لجنة تحقيق برلمانية.
ويبدو أنّ الأيام المقبلة ستتصف بضغوط شديدة على وزير الداخلية. فالثلاثاء، من المتوقع أن يحضر في جلسة مغلقة للجنة الاستخبارات البرلمانية، قبل أن يشارك في جلسة برلمانية لمساءلة الحكومة.
والخميس، سيحضر أمام لجنة القوانين في مجلس الشيوخ.
وعلى صعيد التحقيق الذي يقوده جهاز مكافحة الإرهاب، أخلت السلطات مساء الأحد سبيل زوجة هاربون بعد ثلاثة ايام من الاحتجاز الموقت، من دون أن تكون عرضة للملاحقات القانونية في المرحلة الحالية.
وكان المحققون يبحثون عن قرائن جرمية لدى هذه المرأة، وهي والدة لطفلين وكانت قلقة من “تصرف (زوجها) غير المعتاد والمضطرب” عشية الاعتداء، وتبادلت معه 33 رسالة عبر الهاتف صبيحة الواقعة.
وفضلا عن البحث عن شركاء محتملين في الأوساط المتطرفة، يحاول المحققون استيضاح طبيعة المعلومات التي قد يكون المعتدي وصل إليها خلال عمله في مقر الشرطة حيث كان يعمل منذ عام 2003 بصفة تقني.
وكان وزير الدولة الفرنسي للداخلية لوران نونيز استبعد “في الوقت الحالي” فرضية انتماء هاربون إلى خلية جهادية.
وسيقيم مقر شرطة باريس تكريماً صباح الثلاثاء لضحايا الاعتداء، وهم ثلاثة عناصر شرطة وموظفة في قسم الموارد البشرية، في مراسم سيحضرها الرئيس إيمانويل ماكرون.
وكان ماكرون تحدث يوم الاعتداء عن “مأساة حقيقة”، ودعا إلى دقيقة صمت “للذين سقطوا، ولعائلاتهم وزملائهم”. (أ ف ب)