– غزة – رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها سكان قطاع غزة، وقلة فرص العمل، وزيادة أعداد الخرجين العاطلين عن العمل؛ إلا أن هناك إصرار كبير من الشباب لإكمال دراستهم الجامعية، لتحقيق الحلم الذي رسموه منذ الصغر مهما كلفم الأمر، فالشهادة الجامعية وإن لم يوجد فرص عمل، تعد سلاحاً قوياً في نظر الكثير من الشباب، لذلك يصرون على الدراسة الجامعية ،لضمان مستقبلهم .
وصلت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى 62.2%، وأكثر من 70% من سكان قطاع غزة يعانون الفقر الشديد، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ضمان لمستقبلي
شهادتي الجامعية ضمان لمستقبلي، وأصر على إكمال دراستي حتى إن لم أجد فرصة عمل، فوجودها معي مستقبل بأكمله، بهذه الكلمات بدأ الشاب عبد الحليم أبو شرخ “21 عاماً” – يدرس “الشريعة والقانون” في الجامعة الإسلامية – حديثه لـ” “، فهو يصر على أن يكمل دراسته الجامعية رغم رداءة الأوضاع وازدياد معدلات البطالة كل عام .
يضيف” قبل عامين حصلت على معدل (77%)، في الثانوية العامة، فقررت أن ألتحق بالجامعة، والكثيرين من حولي عارضوني ونصحوني بأن لا أكمل دراستي نظراً لظروفنا الصعبة، وأن الخريجين لا يجدون عملاً بعد تخرجهم، فتحديت فضربت كلامهم بعرض الحائط، وكان قراري فوق الجميع والتحقت بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية.”
ويتابع” في البداية كان الأمر صعباً للغاية، كون والدي لا يستطيع توفير المال الكافي لتسديد الرسوم الجامعية، فما كان أمامي إلا أن أعمل في أحد المحلات التجارية، بعد انتهاء الدوام الدراسي لأستطيع تسديد الرسوم وتوفير مصروفي الشخصي”.
ويستطرد قائلاً” رغم أني أعمل وأقضي أغلب أوقاتي بالعمل؛ إلا أني أوفق بين الدراسة والعمل وأقوم بمراجعة المحاضرات أول بأول، وأسعى بأن أتفوق لأحصل على أعلى الدرجات، ولم أحزن إن تخرجت ولم أجد عمل، فالشهادة الجامعية رصيد كبير، وان لم أعود على بالنفع بعد التخرج ستعود بالنفع مستقبلاً .
سلاحاً قوياً
في حين يقول الشاب أنس أو طاحون “21 عاماً” والذي يدرس تخصص “تجارة “في جامعة الأزهر”صحيح أن الأوضاع قاسية جداً وأنه لا يوجد فرص عمل وأعداد العاطلين عن العمل في تزايد؛ ولكن هذا لا يعني أن نستسلم ولا نكمل دراستنا الجامعية ونجلس في البيوت، فالشهادة الجامعية وإن لم يكن هناك فرص عمل، فوجودها مع حاملها سلاحاً قويا.ً
يمضي قائلاً”بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة أصبحت حائراً، والدي كان يرغب بان أعمل معه لأساعده ،ونصحني بأن لا ألتحق بالجامعة لأن جميع الخريجين لا يعملون، وتضيع السنوات من عمرهم بلا فائدة “على حد تعبيره”؛ ولكني أنا أريد الالتحاق بالجامعة فالشهادة الجامعية أن لم يكن لها فائدة الآن فسيكون لها فائدة مستقبلاً فقررت وكان قراري الحاسم .
ويتابع”حين قررت التمسك بالدراسة وعدم تركها مهما كلفني الأمر والدي لم يمانع؛ ولكنه أجبرني بأن أعمل معه بعد انتهاء الدوام الدراسي، وأن تكون الرسوم الدراسية من الأجرة التي أحصل عليها، فوافقت على ذلك لكى لا يضيع الحلم الذي طالما حلمت بتحقيقه، وكنت قادراً أن أوفق بين الدراسة والعمل، في سبيل تحقيق حلمي وضمان مستقبلي”.
تحدي الظروف
محمد كحيل “22 عاماً” عاما طالب جامعي “مستوي ثالث”، يعمل في مجال الدروس الخصوصية في منزلهم لعدد من طلاب المدارس قليلي التحصيل الدراسي، لكي يستطيع توفير متطلبات ذهابه وعودته إلى الجامعة, مفصلاً بالقول “والدي لا يعمل بعد توقف أعمال البناء فالوضع في غزة يحتم عليه أن يقضي أشهرًاً بلا عمل خاصة مع إغلاق المعابر والحصار الذي يشتد كثيرا هذه الأيام فهو في هذا الوضع لا يستطيع دفع الرسوم الجامعية، وأنا لا أريد ترك الدراسة فقررت أن أتحدى الظروف .
يواصل حديثه” فما كان أمامي إلا أن أقوم بإعطاء دروس خصوصية للطلاب لتسديد الرسوم الجامعية، وتوفير مصروفي الشخصي ومستلزمات الجامعة والكتب الدراسية، و بذلك أكون ضمنت مستقبلي وحققت حلمي وخففت العبء عن والدي، مشيراً انه يقوم بإعطاء الدروس الخصوصية لمجموعتين من الطلاب مجموعة في الفترة الصباحية ومجموعة أخرى في المساء وفي الليل يراجع دروسه .
ويعتمد كثير من الطلاب على نظام المنح أو القروض من الجامعة في ظل ارتفاع أقساط الرسوم الجامعية، التي زادت من معاناتهم خصوصاً في ظل عدم مجانية التعليم الجامعي، و قلة فرص العمل وعدم انتظام رواتب الموظفين.