شرق أوسط

الشارع يواصل التحدي في لبنان لليوم العاشر على التوالي

ـ بيروت ـ واصل المتظاهرون في لبنان السبت النزول إلى الشوارع وقطع الطرقات للمطالبة برحيل الطبقة السياسية لليوم العاشر على التوالي، في تحدٍّ للسياسيين والأحزاب ومناصريهم، غداة خطاب للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله حذر فيه من “الفوضى” و”الانهيار” في حال فراغ السلطة.

وتكتظ الشوارع والساحات في بيروت ومناطق أخرى من الشمال إلى الجنوب منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، بحراك شعبي نادر وعابر للطوائف على خلفية مطالب معيشية وإحباط من فساد السياسيين.

وتراجعت أعداد المتظاهرين منذ 20 تشرين الأول/أكتوبر حينما افترش مئات الآلاف من اللبنانيين الطرقات في بيروت وطرابلس ومناطق أخرى تنديداً بالأحزاب السياسية والسلطة والفساد.

وأعرب نصرالله في خطابه الجمعة رفضه “استقالة الحكومة” وإجراء انتخابات نيابية مبكرة. واعتبر أن الفراغ “في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والمأزوم” أمر شديد الخطورة وفي ظل “التوترات السياسية في البلد والإقليم”، مشدداً أن ذلك سيؤدي إلى “الفوضى والانهيار”.

ومحاولاً الدفع إلى فضّ الحراك الشعبي، دعا نصرالله مناصريه إلى مغادرة الشارع وذلك بعدما وقعت اشتباكات بينهم وبين متظاهرين في بيروت الجمعة.

وبالإضافة إلى رفض المشاركين في الحراك الشعبي خطاب نصرالله، انقسم كذلك مناصروه إزاء هذا الخطاب، وواصل بعضهم التظاهر صباح السبت.

ومن ساحة رياض الصلح وسط بيروت السبت، يقول حسن قطيش (27 عاماً) القادم من ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله إن لديه تحفظات على خطاب نصرالله رغم أنه يتفق مع بعض نقاط هذا الخطاب “الممتاز”.

ويوضح الشاب المناصر لحزب الله “نحن لسنا ضد حديثه، لكن هناك اختلاف في وجهات النظر”، مضيفاً أن ما يختلف معه فيه خصوصاً “هو اعتقاده أن لا بديل للحكومة والبرلمان الحاليين إذا سقطا، هذا غير صحيح، لدينا بدائل، لدينا أشخاص شرفاء وغير فاسدين” قادرين على أن يحكموا.

 “باقون” 

في هذه الأثناء، بقيت الطرقات مغلقة في بعض المناطق اللبنانية، فيما حاول الجيش وقوى الأمن فتح بعض الطرقات الرئيسية.

وفي منطقة العقيبة شمال بيروت، شكّل عشرات المتظاهرين سلسلة بشرية لمنع الجيش من إزالة سواتر وضعوها لقطع الطريق البحرية.

وعلى جسر فؤاد شهاب (الرينغ) داخل بيروت، قطع متظاهرون الطرقات منذ الصباح الباكر، لكن القوى الأمنية تمكنت من فتح الطريق بعد الظهر عبر تفريقهم رغم مقاومة المتظاهرين وجلوسهم في وسط الطريق رافضين التحرك والتراجع.

وقام عشرات المتطوعين بتنظيف الطرقات وجمع النفايات بعدما استمرت التظاهرات حتى وقت متأخر في الليل وسط بيروت.

وأكد متظاهرون باتوا ليلتهم في الخيم في ساحة الشهداء وسط العاصمة أنهم سيواصلون التحدي في اليوم العاشر من التظاهر، رغما محاولات من مناصرين لحزب الله تخريب التحركات الاحتجاجية.

وشدد ربيع أحمد الزين (34 عاماً) على البقاء في الشارع، وهو متحدّر من مدينة صور ذات الغالبية الشيعية والتي شهدت أيضاً تظاهرات غير مسبوقة خلال الأسبوع الماضي.

وقال لوكالة فرانس برس في وسط بيروت أن “سلطة الشعب أقوى من سلطة الأحزاب”، ومؤكداً أن تحركات مناصري حزب الله لن تثنيهم عن الاستمرار في التظاهر.

وكسر المتظاهرون “محرمات” عبر التظاهر في مناطق تعد معاقل رئيسية لحزب الله وتوجيه انتقادات للحزب ولأمينه العام، أسوةً بباقي السياسيين في البلاد. وردد المتظاهرون بكثافة شعار “كلهن يعني كلهن” للمطالبة برحيل كافة الطبقة السياسية في البلاد.

تظاهرات مضادة

ونفذ في الأيام الأخيرة مؤيدون لحزب الله وللتيار الوطني الحرّ الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون مؤسس التيار، تظاهرات مضادة في مناطق مختلفة من البلاد، تسببت بمناوشات مع الصحافيين والمتظاهرين المناهضين للسلطة.

وتظاهر المئات من مناصري حزب الله ملوحين بأعلام الحزب عبر التجمع في ضاحية بيروت الجنوبية ومدينتي النبطية وصور جنوباً بعد خطاب نصرالله الجمعة، وكذلك في وسط بيروت حيث اشتبكوا مع المتظاهرين المناهضين للسلطة، ما دفع شرطة مكافحة الشغب للتدخل للفضّ بين المعسكرين.

وعاد السبت متظاهرون من الحراك الشعبي في النبطية إلى الشوارع. وقال متظاهر من النبطية إنهم يعتمدون على قوى الأمن والجيش لحمايتهم.

كما نفذ مؤيدون للتيار الوطني الحر تظاهرة مضادة في أحد ضواحي بيروت الشمالية للتعبير دعمهم لرئيس الجمهورية الذي يتعرض لانتقادات.

وهذا ثالث تحرك لهم في هذا الإطار في الأيام الأخيرة، بعد تجمعين مماثلين في بيروت وبعبدا.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد دعا المتظاهرين الخميس إلى اختيار ممثلين عنهم ليلتقي معهم في “حوار بناء”. لكن خطابه لم يلق آذاناً صاغية في الشارع. وأشاد نصرالله الجمعة بدعوة عون.

وقبل ذلك، أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري خطة إصلاح “جذرية” تضمنت خفضاً بنسبة النصف لرواتب المسؤولين، وتقديمات ووعود بإصدار قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وغيرها، رفضها الشارع أيضا.

ويعيش أكثر من ربع السكان في لبنان عند خط الفقر وفق البنك الدولي في ظلّ تدهور للوضع الاقتصادي.

وعاشت البلاد حرباً أهلية (1990-1975)، لا زال العديد من قادتها في السلطة اليوم في البلاد. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق