صحف
صحيفة ” دى فيلت” الألمانية: أردوغان استفاد من اختفاء خاشقجي
– قالت صحيفة “دى فيلت” الألمانية في تقرير مطول لها “يحتاج أردوغان في الوقت الحالي إلى استثمارات بشكل أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، لذلك تعتبر قضية اختفاء الصحفى السعودى “جمال خاقشجى، بمثابة فرصة للرئيس التركي لتحقيق ارباح اقتصادية من المملكة”.
أوضحت الصحيفة الالمانية، أنه بعد أن باتت الأخبار مؤكدة بأن الصحفي السعودى خاشقجى، لم يعد من زيارته إلى القنصلية السعودية بأسطنبول، احتدت لهجة سياسيين بارزين من حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم في البداية، ولا سيما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال ياسين أكتاي المستشار السياسي لأردوغان: إن خاشقجي قد قُتل في مبنى السفارة.
وذكر مسؤولون أمنيون أتراك مجهولون في تصريح لوسائل الإعلام، إن 15 سعوديًا تورطوا في الحادث.
وفي الوقت نفسه، نفت الحكومة السعودية أي تورط في اختفاء الصحفى السعودى البالغ من العمر 59 عاما منذ البداية.
وفتحت قنصلية إسطنبول أبوابها وحتى خزائنها – لرويترز، وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن السعودية ستتعاون مع السلطات التركية.
مرت الأيام، وخفت نبرة الحكومة التركية، وباتت أقل حدة، وقال أردوغان الاثنين الماضي: “ما زلت متفائلًا. لا أرجو أن نواجه وضعا لا نرغب فيه”.
حتى أكتاي مستشار أردوغان، كتب في عموده اليومي في صحيفة” يني شفق ” التركية”: ” لا معنى للغضب ضد السعودية لاختفاء خاشقجي في القنصلية، تركيا والسعودية دولتان تحتاجان إلى بعضهما البعض”.
في اليوم التاسع لاختفاء خاشقجي، فتح المدعي العام في اسطنبول تحقيقاً في القضية، وطلبت تركيا من الحكومة السعودية الإذن للبحث في مبنى السفارة، ووافق السعوديون.
لكن يوم الخميس ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، أن هناك تسجيلات صوتية، من المفترض أنها ساهمت في توثيق مقتل الصحفي في مكتب القنصلية، وتم الكشف عن هذا من قبل المسؤولين الأتراك والأمريكيين.
لكن الجانب التركي لا يريد نشر التسجيلات، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.
وفي اليوم نفسه، أعلن مكتب الرئاسة التركي عن تأسيس مجموعة عمل مشتركة مع المملكة العربية السعودية من أجل تسليط الضوء على القضية “بكل جوانبها” وتوضيحها.
وبحسب الصحيفة الألمانية، جاء هذا، على الرغم من أن المسؤولين الأتراك يعرفون بالفعل الحقيقة.
سيزين أوني، عالمة سياسية وصحافية، ترى نوعًا من الاستراتيجية ذات الشقين للحكومة التركية في التعامل مع هذه القضية.
وبحسب أوني، فإنه بالنظر إلى التصريحات المباشرة للجانب التركي، تعتبر معتدلة للغاية مقارنة بالصدامات السابقة مع ألمانيا أو هولندا.
أردفت أوني أن أردوغان من ناحية لا يريد معاملة السعوديين بقوة، ومن ناحية أخرى، اعترف بأن المسؤولين الأتراك يسربون تفاصيل للصحافة الدولية، لممارسة الضغط الدبلوماسي على المملكة العربية السعودية.
وبحسب أحمد قاسم هان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ألتينباساك، كانت التفسيرات الأولى من الجانب التركي ترمي مباشرة إلى تورط المملكة في مقتل الصحفي السعودي، لكن بالنظر إلى التصريحات الأخيرة، فهناك نبرة أكثر تصالحية.
وقال هان إن التصعيد من الجانب التركي لن يتم تسجيله إلا إذا أعلنت أنقرة أن الدبلوماسيين السعوديين غير مرغوب فيهم، أو إذا تركوهم يغادرون تركيا أو لم يسمحوا لهم بالدخول.
أردف هان، أنه بسبب العلاقات المتوترة بين تركيا والسعودية، يمكن أن يحدث أي شيء عكسي، وتعود العلاقات بين البلدين.
وتعتبر العلاقة بين تركيا والمملكة العربية السعودية متوترة منذ وقت طويل، ولا سيما بالنظر إلى منطقة الشرق الأوسط ككل، ففي سوريا، تدعم تركيا الجماعات المتمردة السنية، كما فعل السعوديون، لكن الأتراك كانوا ضد مبادرة السلام التي انطلقت من الروس والإيرانيين الذين يدافعون عن نظام بشار الأسد.
وتحارب السعودية النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وفي حزيران/يونيو 2017، كانت السعودية واحدة من عدة دول تفرض حظراً على قطر، متهمةً إياها بأنها قريبة جداً من إيران، ودعمت تركيا بدورها القيادة القطرية.
حكومة أردوغان لها علاقة خاصة بتنظيم الإخوان المسلمين، ومن الناحية الأيديولوجية، هم قريبون من جزء من الإسلاموية التركية التي بدأ أردوغان مسيرته السياسية فيها.
وفى المقابل، تقاتل السعودية الإخوان المسلمين أينما كانوا، وفي مصر دعمت تركيا الإخوان المسلمين، وفر العديد من كوادر الإخوان المسلمين إلى تركيا، مما زاد من حدة الصراع مع المملكة.
من ناحية أخرى، فإن كلتا الدولتين عضوتان في منظمة التعاون الإسلامي، التي ترأسها حاليًا تركيا.
وفقا لرابطة شركات التصدير التركية، يبلغ حجم التجارة بين المملكة العربية السعودية وتركيا 5 مليارات دولار.
وبحسب الصحيفة الألمانية، لدى السعودية أكبر قدر من المال في الشرق الأوسط، فهم الذين يشترون عقارات في تركيا، التي تعاني من أزمة اقتصادية وتحتاج إلى كل نوع من الاستثمار.
في كل مرة تتفاقم العلاقات مع الغرب، تحولت تركيا إلى الشرق، على الرغم من أن العلاقات الاستراتيجية بين أنقرة تستند دائمًا إلى روسيا والصين، فإن الإمكانات الاقتصادية الحقيقية لتركيا تكمن في الشرق الأوسط
إذا تدهورت العلاقات بين تركيا والسعودية، فقد يؤثر ذلك أيضاً على الاستثمار الأجنبي المباشر من الإمارات، فيمكن للإماراتيين سحب أموالهم من تركيا تضامنًا مع المملكة العربية السعودية.
وهناك أيضا تهديد لموارد الطاقة من تركيا، ففي شرق البحر الأبيض المتوسط، تم اكتشاف موارد كبيرة من النفط والغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة، وإذا تصاعدت قضية خاشقجي، فإن معسكر السعودية قد يضعف مطالبة تركيا بالطاقة من البحر المتوسط.
ربما يرى أردوغان فرصة في الأزمة. كما يسعى دونالد ترامب، مثل أردوغان، للحصول على توضيحات من حلفائه السعوديين، والضغط على السعودية.
اختفاء خاشقجي قد يكون فرصة لأردوغان للانضمام إلى معسكر الغرب، بحسب الصحيفة.