السلايدر الرئيسي
محللون: النظام قد يكون لجئ للكيميائي لتسريع السيطرة على الغوطة الشرقية
– نفت دمشق بشدة استخدامها للغازات السامة في دوما، إلا أن محللين يقولون إنها قد تكون لجأت لهذا الخيار كسلاح أخير للضغط على المقاتلين فيها للانسحاب والسيطرة على كامل الغوطة الشرقية متفادية خسائر في صفوف قواتها.
واثر عملية عسكرية واتفاقي إجلاء لمقاتلين معارضين، باتت قوات النظام تسيطر على 95 في المئة من الغوطة الشرقية قرب دمشق، ولم يبق سوى مدينة دوما تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام الذي بدا أكثر تعنتاً في المفاوضات رافضاً المغادرة.
وإثر يومين من التصعيد العسكري بعد هدوء طويل، وغداة التقارير حول هجوم بالغازات السامة على دوما، أعلنت دمشق الأحد عن موافقة جيش الاسلام على الخروج من دوما، لتبدأ عملية الإجلاء في اليوم ذاته ولا تزال متواصلة.
وسيتيح خروج جيش الاسلام من دوما لقوات النظام استعادة كامل الغوطة الشرقية، التي بقيت لسنوات معقلاً للفصائل المعارضة هددت من خلاله أمن دمشق.
واعرب المحلل فيصل عيتاني من المعهد الاطلسي للدراسات عن اعتقاده أن النظام كان أمام خيار “الدخول في قتال صعب جدا وطويل ضد خصم قوي وذات خبرة أو استخدام السلاح الكيميائي”.
وبالنسبة لعيتاني، فإن الخيار الثاني كان الأفضل كونه “يحبط المعنويات ويسبب الفزع خلف خطوط القتال”.
وتجدر الإشارة الى أن الحصار على دوما يصعب على الصحافيين التأكد مباشرة من صحة التقارير حول استخدام السلاح الكيميائي. ولم يعد لدى وكالة فرانس برس من مراسلين في المدينة، ومن الصعب التواصل مع مصادر فيها بسبب سوء الاتصالات.
ولم يتمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يملك شبكة واسعة من المراسلين والمصادر على الأرض، من التأكد من صحة تلك الاتهامات. إلا أن منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق المعارضة) كانت أول من تحدث عن هجوم بـ”الغازات السامة” على مدينة دوما، موجهة أصابع الاتهام لقوات النظام. وتحدثت عن أكثر من 40 قتيلاً ومئات الاصابات.
– “أقل الخسائر” –
ومنذ ورود أول التقارير حول الهجوم الكيميائي، نفت دمشق وحليفتاها الأبرز موسكو وطهران الاتهامات، التي دفعت بدول غربية على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا الى التلويح برد عسكري.
وقال الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيك هاريس لوكالة فرانس برس “بدلاً من الدخول في عمق دوما والدخول في مواجهة دامية، استخدم الهجوم الكيميائي لإثارة الرعب في صفوف السكان”، مضيفاً “التكتيك نجح، والأسد سيستعيد قريباً” المدينة.
وأوضح أن قوات النظام “لا تملك ما يكفي من المقاتلين لتضحي بالكثير منهم في معارك شرسة مع جيش الاسلام” الذي يقدر عديد مقاتليه بنحو عشرة آلاف.
وخلال الهجوم الجوي والبري لاستعادة الغوطة الشرقية، وثق المرصد السوري مقتل أكثر من 1700 مدني في القصف العنيف. كما أفاد المرصد عن مقتل مئة مدني، بينهم 21 اختناقاً، يومي الجمعة والسبت خلال التصعيد الأخير على دوما.
ولطالما وضعت قوات النظام الغوطة الشرقية نصب أعينها كونها احدى بوابات دمشق وشكلت تهديداً للعاصمة التي قتل فيها المئات جراء قذائف الفصائل المعارضة خلال سنوات.
ومن شأن السيطرة عليها، أن تتيح للجيش السوري التركيز على جبهات أخرى، قد تكون درعا جنوباً أو ادلب في شمال غرب البلاد.
ويقول هاريس “يريد الأسد أن تجري أي عملية بأقل الخسائر الممكنة، وإلا لن يكون لدى جيشه العديد الكافي للتوجه الى مناطق أخرى تسيطر عليها الفصائل”.
– “لن يكون منطقياً” –
وطوال سنوات النزاع السوري، نفت دمشق استخدام الأسلحة الكيميائية، كما تؤكد أنها دمرت ترسانتها من هذا النوع من السلاح الفتاك في 2013 بموجب قرار اميركي روسي ما جنبها ضربة كانت تهدد بها واشنطن اثر اتهامها بهجوم كيميائي اودى بحياة المئات قرب دمشق.
وفور ورود أول تقارير حول هجوم بالغازات السامة في دوما، قال مصدر رسمي سوري “الجيش الذي يتقدم بسرعة وبإرادة وتصميم ليس بحاجة إلى استخدام أي نوع من المواد الكيميائية”.
وجاء الموقف الايراني في الاطار نفسه حيث قال المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي “مع تسجيل الجيش السوري الانتصارات على الأرض في مواجهة المسلحين الإرهابيين، فإن استخدام أسلحة كيميائية لن يكون منطقيا من جانبه”.
أما موسكو فاتهمت واشنطن بنشر “معلومات خاطئة لايجاد حجة” لتنفيذ عمل عسكري في سوريا.
ومنذ يومين، تنسق الولايات المتحدة مع فرنسا بشكل أساسي، بعدما هددت الدولتان خلال الفترة الأخيرة بتوجيه ضربات في حال توفر “أدلة دامغة” على هجمات كيميائية في سوريا، خاصة انه ظهرت منذ بداية العام حالات اختناق وضيق نفس في مناطق عدة، أبرزها الغوطة الشرقية.
وتأتي التطورات الأخيرة بعد مرور عام على ضربة أميركية استهدفت قاعدة الشعيرات العسكرية في وسط سوريا رداً على هجوم كيميائي اتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بتنفيذه وأودى بالعشرات في شمال غرب البلاد.
إلا أن الضربة وقتها لم تغير شيئاً على الأرض، وواصلت قوات النظام بدعم من روسيا تقدمها على الجبهات المختلفة.
ورأى عيتاني أن “الاسوأ بالنسبة للنظام اليوم لن يكون اكثر من ضربة أميركية محدودة على ان تستأنف الحياة بعدها كأن شيئاً لم يحصل (…) وفي النهاية، سيسمح للأسد باستعادة كامل البلاد وسيُكمل حياته السياسية”.
ا ف ب