– تونس – من سناء محيمدي – مع سقوط نظامي بن علي والقذافي، انتعش سوق التهريب على المناطق الحدودية الليبية التونسية، وتوسع نشاط المهربي تحت أنظار رجال الجمارك التونسية، وفي دراسة أمريكية جديدة حذرت من تعاظم نفوذ عدد كبير من المهربين، وتهديدها للاستقرار الإقليمي في المنطقة.
ونبهت الدراسة الصادرة عن مركز “كارنيجي” للشرق الأوسط، الى التاثيرات السلبية واسعة النطاق على معيشة متساكني الحدود، وتهديدها لاستقرار المنطقة كنتيجة لتفاقم التنافس بين الكتائب المسلحة واندلاع الاحتجاجات العنيفة، وحتى عودة الحركات الجهادية مرة اخرى إلى الساحة، بسبب ما اسمته غياب الفرص الاقتصادية البديلة.
وأوضحت الدراسة أن الاحتجاجات المتتالية للسكان الليبيين والتونسيين من عمليات إغلاق الحدود بأنها “تعبير فاقع عن هذا الإحباط” مشيرة إلى أن عددا من المحتجين التونسيين عمدوا في شهر يونيو/حزيران الماضي إلى إغلاق الطريق الرئيسي في بن قردان الذي تستخدمه الشاحنات لتصدير البضائع إلى ليبيا.
الحدود ..نار التوترات الدبلوماسية
وفي محاولة للتضييق على ظاهرة التهريب، عمدت الحكومة الليبية إلى إغلاق حدودها، ما أشعل لهيب التوترات الدبلوماسية مع تونس، وجرت بعدها محادثات بين بن قردان وزوارة لإعادة فتح الحدود.
هذا ودعت الدراسة الأمريكية الأطراف المحلية والدولية إلى استكمال الإجراءات الأمنية عبر التركيز أكثر على الاقتصاد غير الرسمي ومواصلة دعم موارد معيشة العديد من المناطق الحدودية.
مهربون ..ومارب اخرى
وكشف الناشط الحقوقي التونسي مصطفى عبد الكبير، ل ان الجديد في موضوع التهريب هو المتغيرات الحاصلة في الجارة ليبيا بعودة المليشيات المسلحة إلى الكفرة في الجنوب الليبي والتي تسيطر على منافذ التهريب، مشيرا إلى أن هذه الجماعات تضخ الأموال الكثيرة للمهربين واستغلالهم كحلقة في هذا النشاط.
ويوضح الناشط التونسي أن مسألة غياب المشاريع التنموية بالجهات الحدودية تسهل ازدهار شبكات التهريب، وهذه الحلقة الضعيفة تستغلها الجماعات الإرهابية للنفاذ والدخول عبر هذه المسالك لتصدير الإرهاب، داعيا إلى تشديد الرقابة الحدودية، ومضيفا أن غياب السيولة في ليبيا وشح الأموال يعزز تعامل الأطراف الليبية مع المهربين.
نزيف الاقتصاد
وعلى صعيد آخر، كشف مسؤولون بغرفة التجارة الأمريكية التونسية أن المحروقات المهربة من ليبيا إلى تونس، خاصة الوقود، تغطي 17 بالمئة من استهلاك التونسيين.
وكان رئيس لجنة أزمة الوقود والغاز في شركة البريقة الليبية لتسويق النفط الليبي صرح سابقا ان 40 بالمئة من احتياجات السوق التونسية من الوقود يجري تغطيتها بالمنتجات المهربة من ليبيا، مشيرا إلى أن خسائر بلاده جراء التهريب تقدر بنحو مليار دولار سنويا.
ويبلغ حجم التجارة الموازية بتونس ما يقارب 35.5 بالمئة من الناتج الداخلي الخام وينشط بها حوالي 1.1 مليون شخص وهو ما يعادل 32 بالمئة من السكان العاملين بالقطاع غير المنظم.
وامام تفاقم ظاهرة تهريب الوقود وتوسع نشاطات المهربين إلى أعمال أخرى على غرار تجارة المخدرات والسلاح، سعت السلطات التونسية إلى تطويق هذه الظاهرة عبر حملات مستمرة لمصادرة هذا الصنف من السلع فيما يفرض الواقع الاجتماعي في المدن الجنوبية على السلطات غض الطرف في أغلب الأحيان لغياب حلول تنموية بديلة يمكن تقديمها لباحثين عن لقمة العيش في هذه المناطق.
ويتسبب النشاط الموازي للمحروقات في خسائر فادحة لمحطات التزويد القانونية التي فقدت أكثر من 50 بالمئة من حجم نشاطها في محافظات الجنوب إذ اضطر نحو 40 بالمئة منها للغلق نهائيا.
ورفعت الحكومة التونسية اسعار الوقود أكثر من مرة خلال الفترة الماضية بهدف تقليص عجز الموازنة العامة والحد من الأزمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد.
وفي مايو/ أيار 2017 أطلقت السلطات الليبية “عاصفة المتوسط” لمكافحة تهريب الوقود عبر السواحل الليبية، حيث يقوم المهربون بنقل الوقود في شاحنات صهاريج إلى دول الجوار مثل تونس غربا والنيجر وتشاد والسودان جنوبا، في سفن إلى السواحل الأوروبية، سيما مالطا.