خالد القشطيني
التبجح والادعاء سمتان بغيضتان بين معظم الإنجليز. وهؤلاء لا يعجبهم شيء في شخص كتواضعه في الكلام. هذا شيء كلّف الكثير من الساسة والدبلوماسيين والمفكرين العرب الذين قُدّر عليهم أن يتعاملوا مع الإنجليز. بعد صراع مرير بين إنجلترا وفرنسا استطاعت إنجلترا تحت قيادة الجنرال ويلنغتون ورئاسة حكومة ويليام بت أن تدحر نابليون وتأسره ثم تنفيه عام 1803.
سالت السيدة سولزبري الجنرال ويلنغتون: «مَن تعتبره أعظم عبقرية، الجنرال مارلبورو أم الجنرال نابليون؟» لم تعبأ حتى بذكر محدِّثها، بطل معركة واترلو، في هذه المقارنة. فأجابها الجنرال ويلنغتون: «ماذا أقول؟ يصعب عليّ أن أقول أي شيء. فأنا لا أستطيع أن أتصور قائداً أعظم من نابليون، وهو على رأس الجيش، لا سيما الجيش الفرنسي… ولكنه كان يتمتع بميزة خاصة عظيمة. إنه لا يحمل أي مسؤولية. يستطيع أن يفعل ما يشاء. لم يسبق لأي قائد أن خسر جيوشاً أكثر مما خسره هو. بالنسبة إليّ خسارة أي جندي تعني الكثير. لم أكن قادراً على المغامرة. كنت أعرف أنني إذا خسرت خمسمائة جندي من دون أي ضرورة عسكرية واضحة، فإنهم سيسحلونني على قفاي لمحاكمتي أمام مجلس العموم»!
هذه كلمات بليغة تعكس الفارق بين سلوك الديمقراطيات وسلوك الديكتاتوريات. عاش ويلنغتون عمراً طويلاً لينازل نابليون مرة ثانية وينتصر عليه في تلك المعركة الخالدة، معركة واترلو. بيد أن رئيس الحكومة ويليام بت، لم يعش طويلاً لينعم بالانتصار الرائع. مات عام 1809. وتحدث الجنرال ويلنغتون عن موته فقال:
«لم أعتقد أنه سيموت بهذه السرعة. لقد التقيته في بيت اللورد كامدن. لم ألاحظ آثار أي مرض عليه. كان مليئاً بالحيوية والمرح. وكل ذلك رغم ما قيل عنه أنه كان مقعداً تقريباً. ذكروا الكثير عن ركوبه الفرس. كان يقطع كل يوم 18 – 20 ميلاً ويحملون إليه طعامه وشرابه في أثناء ذلك.
رأيته بعد ذلك في مأدبة العشاء التي أقامها على شرفه رئيسُ البلدية. أتذكر أنه في تلك المناسبة ألقى كلمة شكر على الحفلة. وكانت من أبلغ وأوجز ما سمعته في حياتي. طلب رئيس البلدية شرب نخب صحته، الرجل الذي أنقذ إنجلترا ومن ورائها أوروبا. ثم نهض ويليام بت فاعتذر عن هذا المديح الذي اعتبره في غير مكانه، بالنسبة إليه. ثم قال: لقد أنقذتْ إنجلترا نفسها بنفسها، بجهودها هي. وستنقذ أوروبا نفسها في اقتدائها بما فعلته إنجلترا».
كان هذا كل ما قاله رئيس الحكومة. لم يتكلم لأكثر من دقيقتين. ولكنني لم أسمع شيئاً أكمل من ذلك ولا أبلغ.
سالت السيدة سولزبري الجنرال ويلنغتون: «مَن تعتبره أعظم عبقرية، الجنرال مارلبورو أم الجنرال نابليون؟» لم تعبأ حتى بذكر محدِّثها، بطل معركة واترلو، في هذه المقارنة. فأجابها الجنرال ويلنغتون: «ماذا أقول؟ يصعب عليّ أن أقول أي شيء. فأنا لا أستطيع أن أتصور قائداً أعظم من نابليون، وهو على رأس الجيش، لا سيما الجيش الفرنسي… ولكنه كان يتمتع بميزة خاصة عظيمة. إنه لا يحمل أي مسؤولية. يستطيع أن يفعل ما يشاء. لم يسبق لأي قائد أن خسر جيوشاً أكثر مما خسره هو. بالنسبة إليّ خسارة أي جندي تعني الكثير. لم أكن قادراً على المغامرة. كنت أعرف أنني إذا خسرت خمسمائة جندي من دون أي ضرورة عسكرية واضحة، فإنهم سيسحلونني على قفاي لمحاكمتي أمام مجلس العموم»!
هذه كلمات بليغة تعكس الفارق بين سلوك الديمقراطيات وسلوك الديكتاتوريات. عاش ويلنغتون عمراً طويلاً لينازل نابليون مرة ثانية وينتصر عليه في تلك المعركة الخالدة، معركة واترلو. بيد أن رئيس الحكومة ويليام بت، لم يعش طويلاً لينعم بالانتصار الرائع. مات عام 1809. وتحدث الجنرال ويلنغتون عن موته فقال:
«لم أعتقد أنه سيموت بهذه السرعة. لقد التقيته في بيت اللورد كامدن. لم ألاحظ آثار أي مرض عليه. كان مليئاً بالحيوية والمرح. وكل ذلك رغم ما قيل عنه أنه كان مقعداً تقريباً. ذكروا الكثير عن ركوبه الفرس. كان يقطع كل يوم 18 – 20 ميلاً ويحملون إليه طعامه وشرابه في أثناء ذلك.
رأيته بعد ذلك في مأدبة العشاء التي أقامها على شرفه رئيسُ البلدية. أتذكر أنه في تلك المناسبة ألقى كلمة شكر على الحفلة. وكانت من أبلغ وأوجز ما سمعته في حياتي. طلب رئيس البلدية شرب نخب صحته، الرجل الذي أنقذ إنجلترا ومن ورائها أوروبا. ثم نهض ويليام بت فاعتذر عن هذا المديح الذي اعتبره في غير مكانه، بالنسبة إليه. ثم قال: لقد أنقذتْ إنجلترا نفسها بنفسها، بجهودها هي. وستنقذ أوروبا نفسها في اقتدائها بما فعلته إنجلترا».
كان هذا كل ما قاله رئيس الحكومة. لم يتكلم لأكثر من دقيقتين. ولكنني لم أسمع شيئاً أكمل من ذلك ولا أبلغ.
الشرق الأوسط اللندنية