أقلام مختارة

جهيمان والخميني وأفغانستان!

مشاري الذايدي

اليوم، تمرّ أربعة عقود، 40 عاماً، بحلول السنة الهجرية الجديدة 1440 على مرور 3 أحداث… محطات فاصلة ظلّت آثارها، بدرجات مختلفة معنا… حتى اليوم.

بقي على نهاية سنتنا الميلادية هذه 2018 ربعها، 3 أشهر تقريباً، ويصبح قد مرّ أيضاً على تلك المحطات الثلاث أربعة عقود ميلادية.
فبراير (شباط) 1979 قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإسقاط الحكم الملكي الشاهنشاهي بقيادة رجل الدين الشيعي المسيّس الخميني.
نوفمبر (تشرين الثاني) 1979 اقتحام مجموعة دينية متشددة بقيادة جهيمان، للحرم المكي لمدة أسبوعين تقريباً قبل تطهير الحرم المكي من هذه المجموعة الإرهابية على يد الأمن السعودي.
ديسمبر (كانون الأول) 1979 القوات السوفياتية الحمراء تغزو أفغانستان نصرة لحكومتها التابعة لها، وقيام حركة «الجهاد الأفغاني» بعدها.
محطات تاريخية متقاربة من بعضها، صارت سبباً لنشوء جماعات وشخصيات وأفكار… وسياسات داخلية وخارجية.
كل محطة منها تستدعي النظر والبحث وتتبع ينابيع وجودها ومصبّات آثارها، من تلك السنة العجيبة 1979 حتى اليوم، ويكفي أن نعلم، مثلا، أن الغزو الروسي الشيوعي لأفغانستان كان سبباً في ازدهار فكرة ودعاية وأجواء «الجهاد» مثل تدفق مطاريد الجماعات الإسلامية لاحقاً، خاصة من مصر وليبيا، إلى أفغانستان وبيشاور، ثم سفر الآلاف من الخليجيين والعرب للقتال لجانب الأفغان، ضد الغزو الشيوعي، هكذا كان العنوان، لكن لاحقاً صار جزء من هؤلاء ضمن معسكرات أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، بل أسامة نفسه، تحوّل من مساعد للأفغان، إلى صاحب مشروع «جهادي» أممي خاص به وبقاعدته… والباقي تعرفونه أيها السادة الكرام.
أما نجاح رجل الدين العجوز، الثوري، صاحب الكاريزما، المنغلق على أوهامه الفكرية، الخميني، ومعه تلاميذه ومريدوه في الإمساك بعرش إيران، و«تصدير الثورة»، فهو حدث الأحداث الذي ما زال ساخناً تنزّ ثغرات جسده بسوائل الثورة، وما زالت بخاخات الخمينية ترشّ ملح القلق على قروح الأديم العربي.
أما عن ثالثة الأثافي، قصة جهيمان وصحبه، فهي ليست سوى رأس جبل الجليد، أو جبل النار، عن قصة «الصحوة» في السعودية، أي جماعات التأسلم السياسي، وما جهيمان وجماعته إلا «تفصيلة» صغيرة من تفاصيل ذلك الجسد المريض… الممرض للسعودية، جسد الصحوة.
اليوم تعلن السعودية، على لسان عرّاب المستقبل، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أنه لا عودة للوراء… و«باي باي» سنة 1979 فقد انتهى المشوار كله، وبدأت البلاد رحلتها المفعمة بالروح صوب رياض الأمل الأخضر… رياض منها «نيوم» وتمكين المرأة وتنويع الاقتصاد ومحاربة الفساد.
يا لها من سنة اختزلت بجوفها عدة سنين 1979. وحري بنا التأمل فيها وبمحطاتها.. مثنى وثلاث ورباع لعل اليقظة… لا تنام.
“الشرق الأوسط”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق