مشعل السديري
يلاحظ البعض منكم أنني من أكثر الكتّاب حديثاً عن نفسه، فلو أن هناك شوكة قد (بطت) قدمي الحافية لتألمت وصرخت وجعلت منها قضية، أكبر من أي قضية في الشرق الأوسط.
والواقع أنني لست الوحيد المنفرد بهذه الصفة، فأكثر الناس هم كذلك، ولكنهم لا يعرفون، والدلالة على ذلك، أن هناك شركة في نيويورك سجلت المكالمات التليفونية عشوائياً لمجموعة من الأشخاص دون علمهم، لترصد أي أكثر الكلمات التي تدور في حواراتهم! ووجدت أن كلمة (أنا، أنا، أنا، أنا) دارت أكثر من 3900 مرّة، في 500 مكالمة.
وخرجت تلك الشركة في النهاية إلى أن الإنسان يستطيع في شهرين اثنين أن يكسب الكثير من الأصدقاء لو أنه تخلص من آفة (أنا) هذه، وركز على العناية بالآخرين، عندها سيكسب المزيد منهم أكثر مما يكسب في عامين طويلين.
وهذا في يقيني هو السبب الجوهري في خسارتي (أنا) على مدار الأعوام لأصدقائي الواحد تلو الآخر دون أي ندم لا من قبلي ولا من قبلهم هم.
فقبل عشر سنوات على سبيل المثال كان أصدقائي يعدّون بالعشرات، واليوم هم بالكاد يعدون على أصابع اليد الواحدة، وما زلت أفاضل بينهم، فبعضهم قد يقضي نحبه من صداقتي هذا العام، وبعضهم ينتظر، ولا أذكر أن صديقاً قد فارقني يوماً دون أن يضع اللائمة عليّ، ولا أذكر أنني قد اعتذرت يوماً لأي واحد منهم، بل إنني سرعان ما أمسحه من ذاكرتي نهائياً، هذا إذا لم أكسر وراءه (قلّة).
لا شك أنني ولا فخر أناني متميّز، ومحب لذاتي بإفراط لا يقارن، ولو أن ربي قد خلقني حيواناً، فمن المستحيل أن أكون جماعياً من فصيلة الذئاب أو الضباع مثلاً أو الأسود أو الفيلة، والاحتمال المؤكد أنني سوف أكون من فصيلة الدببة، فالدب (الذكر) لا يعيش إلاّ منفرداً، ولا أنسى كذلك (أبو الحصين) – أي الثعلب.
وهكذا ولدت، وهكذا عشت تقريباً، وهكذا سوف أدفن حيّاً.
فلا البشرية كسبت من وجودي، ولا هي سوف تخسر من ذهابي، فـ(أنا) الوحيد (الكاسب الخسران).
***
قال المأمون للحسن بن سهل: نظرت في اللذات فوجدتها كلها معلومة سوى سبع، فسأله:
وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: خبز الحنطة، ولحم الغنم، والماء البارد، والثوب الناعم، والرائحة الطيبة، والفراش الوطيء، والنظر إلى الحسن من كل شيء، فقال له ابن سهل: فأين أنت يا أمير المؤمنين من محادثة الرجال؟ قال: صدقت والله وهي أولاهن!! – انتهى.
غير أن سؤالي هو: وماذا عن محادثة النساء؟! وأي المحادثتين تدخل البهجة للقلب أكثر؟!
والواقع أنني لست الوحيد المنفرد بهذه الصفة، فأكثر الناس هم كذلك، ولكنهم لا يعرفون، والدلالة على ذلك، أن هناك شركة في نيويورك سجلت المكالمات التليفونية عشوائياً لمجموعة من الأشخاص دون علمهم، لترصد أي أكثر الكلمات التي تدور في حواراتهم! ووجدت أن كلمة (أنا، أنا، أنا، أنا) دارت أكثر من 3900 مرّة، في 500 مكالمة.
وخرجت تلك الشركة في النهاية إلى أن الإنسان يستطيع في شهرين اثنين أن يكسب الكثير من الأصدقاء لو أنه تخلص من آفة (أنا) هذه، وركز على العناية بالآخرين، عندها سيكسب المزيد منهم أكثر مما يكسب في عامين طويلين.
وهذا في يقيني هو السبب الجوهري في خسارتي (أنا) على مدار الأعوام لأصدقائي الواحد تلو الآخر دون أي ندم لا من قبلي ولا من قبلهم هم.
فقبل عشر سنوات على سبيل المثال كان أصدقائي يعدّون بالعشرات، واليوم هم بالكاد يعدون على أصابع اليد الواحدة، وما زلت أفاضل بينهم، فبعضهم قد يقضي نحبه من صداقتي هذا العام، وبعضهم ينتظر، ولا أذكر أن صديقاً قد فارقني يوماً دون أن يضع اللائمة عليّ، ولا أذكر أنني قد اعتذرت يوماً لأي واحد منهم، بل إنني سرعان ما أمسحه من ذاكرتي نهائياً، هذا إذا لم أكسر وراءه (قلّة).
لا شك أنني ولا فخر أناني متميّز، ومحب لذاتي بإفراط لا يقارن، ولو أن ربي قد خلقني حيواناً، فمن المستحيل أن أكون جماعياً من فصيلة الذئاب أو الضباع مثلاً أو الأسود أو الفيلة، والاحتمال المؤكد أنني سوف أكون من فصيلة الدببة، فالدب (الذكر) لا يعيش إلاّ منفرداً، ولا أنسى كذلك (أبو الحصين) – أي الثعلب.
وهكذا ولدت، وهكذا عشت تقريباً، وهكذا سوف أدفن حيّاً.
فلا البشرية كسبت من وجودي، ولا هي سوف تخسر من ذهابي، فـ(أنا) الوحيد (الكاسب الخسران).
***
قال المأمون للحسن بن سهل: نظرت في اللذات فوجدتها كلها معلومة سوى سبع، فسأله:
وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: خبز الحنطة، ولحم الغنم، والماء البارد، والثوب الناعم، والرائحة الطيبة، والفراش الوطيء، والنظر إلى الحسن من كل شيء، فقال له ابن سهل: فأين أنت يا أمير المؤمنين من محادثة الرجال؟ قال: صدقت والله وهي أولاهن!! – انتهى.
غير أن سؤالي هو: وماذا عن محادثة النساء؟! وأي المحادثتين تدخل البهجة للقلب أكثر؟!
الشرق الاوسط