فادي عيد
أعلنت السعودية اليوم، أنه تم الاتفاق على فكرة تأسيس كيان لدول البحر الأحمر، يضم كلا من السعودية ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن، وأكدت الدول المجتمعة في الرياض، أن الكيان يهدف إلى حماية التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية.
كما أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن إنشاء كيان في حوض الأحمر سيساهم في تعزيز الأوضاع الاقتصادية والبيئية والأمنية للمنطقة، واعتبر أن الكيان الجديد سيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى إيجاد تناغم في التنمية بين الدول في المنطقة الحساسة، والمساهمة في منع أي قوى خارجية تستطيع أن تلعب دورا في المنطقة.
والآن نحلل ما بين سطور مشهد اجتماع وزراء خارجية الدول المطلة على البحر الاحمر بقصر اليمامة بالرياض.
مبدأياً تحرك تقوده الرياض بالبحر الاحمر، اذا الهدف الواضح منه هو القضاء على نفوذ وتدخلات ايران فى البحر الاحمر.
ولكن بعد عام من استضافة القاهرة للاجتماع الاول للدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن خلال يومي 11 و12 ديسمبر 2017، بمشاركة السعودية والأردن وجيبوتي واليمن والسودان وإريتريا، جاء اجتماع قصر اليمامة اليوم بحضور نفس تلك الدول ولكن حلت الصومال بدلا من اريترتيا، مع العلم ان اريتريا هي الواقعة على البحر الاحمر وليس الصومال.
فلماذا حضرت أريتريا فى القاهرة العام الماضي وغابت اليوم عن الرياض، وحلت بدلا منها الصومال؟
يبدو ان تداعيات المصالحة بين اثيوبيا واريتريا مازالت مستمرة.
كما يفترض أن “كيان البحر الاحمر” يحدد مستقبل جزيرة سواكن، التى تثبت فيها تركيا أقدامها من حين لاخر.
ولكن المؤكد أن تلك الخطوة جائت تمهيداً لما يحضر مستقبلاً لميناء الحديدة، الذى تسير فيه التطورات بالتزامن فى السويد.
فليس من المعقول أن نرى فجاءة ودون مقدمات كافة الاطراف الدولية والداخلية بالملف اليمني، إلا وإن كان صاحب القرار الأول فى تدمير اليمن أمر كل الاطراف بتسوية الحرب هناك، بعد أن سبب لهم صراخ شعب اليمن صداع مزمن لهم.
كي تكون دولة السويد التى هي الابعد جغرافياً ودبلوماسياً وسياسياً عن حرب اليمن هي طاولة الحوار بين الأطراف اليمنية برعاية أممية، وكلا طرفي الأزمة الداخلي (الحكومة والحوثي) يتفقا على كل شئ تقريباً دون عناء بداية من فتح مطار العاصمة صنعاء، وصولاً لاستئناف تصدير النفط والغاز، وننتظر المزيد فى ميناء الحديدة وغيرها.
فلا يوجد أي رغبة فى استمرار اشتعال ملفات كحرب اليمن، كي يكون التركيز كله منصب على الهدف القادم ألا وهو إيران، وما يحدث فى لبنان بداية من مشكلة تشكيل الحكومة ومعركة “وئام وهاب – سعر الحريري” أو بالادق “الجبل، الجاهلية – سعر الحريري” مروراً بدرع الشمال الاسرائيلي، وصولاً لكم طائرات التجسس والمسيرة التى تنطلق شبه يومياً من إسرائيل على لبنان، كذلك معدات الناتو البحرية والجوية على سواحل إسرائيل، تأتي تأكيداً على ذلك.
نعم لبنان تم تحضيره للزج به فى هاوية جديدة، على غرار ما تم تحضيره قبل حرب تموز 2006، من انسحاب الجيش السوري من لبنان واغتيال الشهيد رفيق الحريري.
وفى النهاية كل التحركات الحالية تخدم ما أشارت له واشنطن من صفقة بالشرق الاوسط ستعلنها فى العام الجديد، نعم اليمن يهدأ الآن ولكن من أجل شعبه الذى ذاق المر، ولكن من أجل اشعال ملف أخر، ملف فى الأولويات هو الأهم بالنسبة لدولة الاحتلال.
فالكل سواء ترامب أو نتنياهو او محمد بن سلمان فى مواقف لا يحسدوا عليها بالداخل او بالخارج، ولا طوق نجاه لهولاء إلا بتفجير قنبلة ضخمة تخطف جميع الأنظار عن تحقيقات الأجهزة الامريكية ضد ترامب، وقضايا فساد نتنياهو وتخبط حكومته، وكابوس جمال خاشقجي الذى لم يعد يهتم به أو بالأدق يتاجر به أحد سوى الكونجرس والرئيس التركي أردوغان.
أردوغان الذى أختار توقيت غاية الدقة لاطلاق عملية عسكرية لتطهير “شرق الفرات” من الارهابيين كما إدعى، فتوقيت تلك العملية يقول أنها موجهة ضد المحمدين بن زايد وبن سلمان فى المقام الاول (بعد أن دخلت الرياض وابوظبي على خط الصراع بين الأكراد وتركيا بثقل أشد من الاول)، ثم الولايات المتحدة فى المقام الثاني، ثم الأكراد فى المقام الثالث.
باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط
[email protected]