السلايدر الرئيسيثقافة وفنون

السينما في غزة تعود بدون دور لعرضها

محمد عبد الرحمن

ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ قبل ما يقارب (30 عاماً) كانت دور عرض الأفلام السينمائية نشطة في قطاع غزة ، ويقبل عليها المواطنين، ولكنها بعد اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987 ،أغلقت دون عودة.

وبعد هذا الغياب الطويل ،انتشرت في شوارع القطاع يافطات كبيرة تحمل أسماء بعض الأفلام بدون وجود قاعات متخصصة لعرضها.

هذه السينما التي لم يتبقى منها سوى لافتة تشير إلى اسمها، وجدران سوداء مهجورة منذ عقود من الزمن، كانت من أكبر دور السينما في قطاع غزة وتوالى افتتاح دور السينما في غزة في سبعينيات القرن الماضي، وكان من أشهرها سينما “النصر” و”السامر” و”الجلاء” و”عامر” و”السلام” و”صابرين”، وكانت تعرض فيها أفلام معظمها مصرية.

وكانت معظم دور السينما وصالات العرض قد اضطرت لإغلاق أبوابها في غزة، عام 1987 بعد أن اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى وعند قيام السلطة الفلسطينية عام 1994 أعيد افتتاح داري عرض في غزة، لكنهما سرعان ما أغلقتا أبوابهما عام 1996 بسبب حالة عدم الاستقرار التي يتعرض لها القطاع.

وأغلق عدد من دور السينما قبل ما يقارب ثلاثة عقود من الزمن، ولم تحظى بأي اهتمام، أو التفكير بإعادة فتحها من جديد، ومنها سينما النصر وسينما السامر وسط مدينة غزة .

دور فعال

من جهته يقول مدير عام الإبداع والفنون في وزارة الثقافة في غزّة عاطف عسقول “إن السينما في غزة لها أهمية كبيرة، ودور فعال في إظهار الإبداعات السينمائية في القطاع، وتتيح الفرصة للمبدعين لكى يظهروا المهارات السينمائية التي يمتلكونها”.

وأشار إلى وجود عدة عوامل تمنع إقامة دور عرض سينمائية في غزة، ومنها الاقتصادية والسياسية والثقافية كمجتمعنا الفلسطيني المحافظ في غالبيته، وتقبل البعض لها، وربط البعض الآخر لها بأمور خارج إطار الأخلاق وفقا لثقافته وعاداته.
وأضاف “لكن هذا الأمر يكون أحيانا بعيداً عن الصواب، خصوصاً إذا سارت الأمور في الإطار الصحيح بعيدا عن أي ابتذال. كما أنّ هناك أولويات أخرى في ظل الوضع الاقتصاديّ السيئ”.

عدم الاكتراث لوجودها

ويقول المخرج الفلسطيني سعيد البيطار، إن طبيعة الأحداث التي مرت على قطاع غزة منذ الثمانينيات، كان لها بالغ الأثر في إغلاق دور السينما وعدم الاكتراث لوجودها.

ويُضيف البيطار” أنه في الوقت الحالي، وفي ظل الحصار، والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها سكان قطاع غزة (أكثر من 1.8 مليون فلسطيني)، لا يمكن الحديث عن إعادة افتتاح لدور السينما.

تنوع الأفلام

ووفقا للبيطار فقد تجاوز سكان القطاع النظرة السلبية للسينما، وعدم تقبلهم لها، نظرا للحراك الثقافي، والانفتاح التي شهدته غزة، في ظل التطور التكنولوجي، إضافة إلى تنوع الأفلام وإمكانية عرض الجيد منها وبصورة كبيرة.

وتابع: “هناك وعي كبير، وتعطش لدى كثير من الفئات بإحياء دور السينما، لكن هناك عوائق اقتصادية، تفرضها طبيعة غزة، وما تعانيه من هم يومي”.

وأوضح المخرج أن دور السينما ومنذ افتتاحها، في قطاع غزة، كانت تفصل بين أماكن الرجال والنساء، إضافة إلى تميزها بتخصيص أماكن للعائلات.

غياب الفن بأشكاله المختلفة في قطاع غزة يعود في جذوره إلى انتشار ثقافة التحريم والتكفير والتي بدت نتيجة لتراجع ثقافي خطير ومقلق في الأساس وصعود التيارات الدينية المتطرفة التي ربطت السينما والمسرح في أذهان الناس بالحرام .

الباطل والحرام

ويقول المواطن خميس أحمد غياب هذا الدور يعود في إلى انتشار ثقافة التحريم والقمع التي مارستها بعض الجماعات الدينية في قطاع غزة تحت عنوان الباطل والحرام فقامت بحرق دور السينما والمسارح في قطاع غزة.

ويؤكد المخرج الفلسطيني خليل المزين أن هناك عدة إشكاليات تواجهها الحركة الفنية في قطاع غزة تتمثل في المجتمع ذاته، الذي لم يعد الفن على سلم اهتماماته في ظل الواقع الإنساني والسياسي الصعب، الذي يعيشه الجميع حيث يركض الجميع وراء لقمة العيش .

يشهد تراجعا كبيراً وخطيراً

ويتابع” الفن في قطاع غزة يشهد تراجعا كبيراً وخطيراً بسبب حالة اليأس والإحباط بالإضافة إلى سياسة الحكومة الراهنة الني لا تري في الفن رسالة بقدر ما تشكل بالنسبة لها محرما هذه السياسات أدت إلى قتل روح الإبداع مشيراً انه قام بإخراج عدة أفلام سينمائية يجسدون الواقع الفلسطيني، ولكنه لم يستطيع عرضهم في القطاع نظراً لعدم وجود قاعات للعرض وعرضهم في دول عربية.

ويوضح المزين أن غياب الطبقة الوسطي في المجتمع الفلسطيني باعتبارها الطبقة الوازنة داخل المجتمع والتي تولي الحركة الفنية اهتماما كبيرا هو ما أدي إلى هذا الواقع المتردي .

إغلاقها أدى إلى تراجع كبير

ويؤكد المخرج الفلسطيني أنه لا يمكن أن تزدهر صناعة السينما إطلاقاً من دون دور عرض، فإغلاقها أدى إلى تراجع كبير في مفهوم السينما والثقافة السينمائيّة لدى المجتمع، وأثره سيّئ ومدمّر على كلّ من يعمل في صناعة السينما”.

ويردف قائلاً على الرغم من التطوّر التكنولوجيّ ، إلّا أنّ كلّ ذلك لا يغني عن وجود دار للسينما كانت تجمع الأهل والأحبّة والأصدقاء. والآن، في الدول العربيّة البسيطة كاليمن والسودان، لا يخلو شارع ومدينة من دار للسينما”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق