سمير عطا الله
أضعت قبل سنوات جواز سفري البريطاني وأنا في باريس، فتمكنت من العودة إلى بيروت بالجواز اللبناني. وبعدها، قف. فيما جلست أنتظر صدور بدل عن ضائع من السفارة البريطانية، اكتشفت أنني أصبحت أسيراً. ذهبت أطلب تأشيرة من القنصلية الفرنسية فقيل لي، تعالَ بعد شهر. وحاولت السفر إلى غير بلد عربي فقيل لي «ألا تحمل جوازاً أجنبياً»؟ وتبين لي أن أفضل الحلول بدل الانتظار على أبواب القنصليات هو انتظار وصول الجواز الذي منحتني إياه الملكة إليزابيث الثانية منذ 35 عاماً على وجه الضبط.
ارتعدنا جميعاً في المنزل قبل أيام عندما دعتني «MBC» إلى التسجيل في دبي مع الزميل ياسر عمرو في برنامجه «بالمختصر». تفقدت جوازي البريطاني ولم أجده. وقلبنا المنزل ولم نجده. وأنا لا أدخل مكاناً في البيت سوى زاويتي على الشرفة وغرفة النوم. ومع ذلك فتشنا كل الغرف والمطبخ والوسادات.
سألتُ «MBC» إن كان في الإمكان إرسال تأشيرة برقية، على الجواز اللبناني، فأُجبتُ أنها مسألة طويلة ومربكة. وعدت أفتش كل حقيبة استخدمتها في السنوات الماضية بحثاً عن جواز له غلاف أحمر لا أزرق. فيلم! واستسلمت لفكرة الاعتذار عن عدم الحضور رغم رغبتي الشديدة في السفر إلى دبي. وفكرت في اللاجئين الذين يعيشون في هذا العالم إلا من ورقة إثبات يحصلون عليها في صعوبة وتوسل.
قبل الحرب العالمية الأولى كان في إمكان أي إنسان أن يتنقل حول العالم ومعه «وثيقة» من دون صورة. ثم قلبت الحرب جميع البشر إلى أعداء وغرباء ولاجئين. وأصبح على كبار الشخصيات والأدباء والفنانين أن يقفوا في الطوابير أذلاّء مهانين في انتظار إشارة من موظف عادي.
تقول صحف ألمانيا إن عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين يعودون إلى ديارهم بسبب حالة الغربة التي يشعرون بها. ورغم المعاملة المستقيمة يشعرون بالذل. وغربة اللغة وغربة المناخ وغربة العادات. ولا يعرف أحد عدد العرب الذين يطلبون جوازات وجنسيات حول العالم. ليس من أميركا وبريطانيا وفرنسا، بل من دول صغيرة في الكاريبي، يبدو جوازها مضحكاً، إضافة إلى كونه مريباً. وفي كل الحالات، مذلاً.
كان المسافر يشعر بالإهانة عندما تطلب منه بصمته. الآن يَطلب منه مأمور الجوازات الإبهام زائداً أربعة أصابع أخرى، وعندما تنتهي هذه المذلة يطلب منك الوقوف أمام كاميرا. وبعد كل ذلك يُشعرك الموظف أنه سمح لك بالدخول رغماً عنه. فكل مسافر لم يعد مشروع ضيف، بل مشروع إرهابي. ونحن نعمل من أجلكم. وإضافة إلى الأصابع والصورة، عليك الآن أن تدخل تفتيش الحقائب. اخلع سترتك وحذاءك وسير سروالك. كم يضحك الذين يرون سروالك تدلى فيما تحاول استعادة الحزام والهاتف والحقيبة والحذاء وكرامتك. والخاتمة أننا عثرنا على الجواز البريطاني في أحد جيوب حقيبة اليد. وهو لا ينفع في مرحلة التفتيش.
ارتعدنا جميعاً في المنزل قبل أيام عندما دعتني «MBC» إلى التسجيل في دبي مع الزميل ياسر عمرو في برنامجه «بالمختصر». تفقدت جوازي البريطاني ولم أجده. وقلبنا المنزل ولم نجده. وأنا لا أدخل مكاناً في البيت سوى زاويتي على الشرفة وغرفة النوم. ومع ذلك فتشنا كل الغرف والمطبخ والوسادات.
سألتُ «MBC» إن كان في الإمكان إرسال تأشيرة برقية، على الجواز اللبناني، فأُجبتُ أنها مسألة طويلة ومربكة. وعدت أفتش كل حقيبة استخدمتها في السنوات الماضية بحثاً عن جواز له غلاف أحمر لا أزرق. فيلم! واستسلمت لفكرة الاعتذار عن عدم الحضور رغم رغبتي الشديدة في السفر إلى دبي. وفكرت في اللاجئين الذين يعيشون في هذا العالم إلا من ورقة إثبات يحصلون عليها في صعوبة وتوسل.
قبل الحرب العالمية الأولى كان في إمكان أي إنسان أن يتنقل حول العالم ومعه «وثيقة» من دون صورة. ثم قلبت الحرب جميع البشر إلى أعداء وغرباء ولاجئين. وأصبح على كبار الشخصيات والأدباء والفنانين أن يقفوا في الطوابير أذلاّء مهانين في انتظار إشارة من موظف عادي.
تقول صحف ألمانيا إن عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين يعودون إلى ديارهم بسبب حالة الغربة التي يشعرون بها. ورغم المعاملة المستقيمة يشعرون بالذل. وغربة اللغة وغربة المناخ وغربة العادات. ولا يعرف أحد عدد العرب الذين يطلبون جوازات وجنسيات حول العالم. ليس من أميركا وبريطانيا وفرنسا، بل من دول صغيرة في الكاريبي، يبدو جوازها مضحكاً، إضافة إلى كونه مريباً. وفي كل الحالات، مذلاً.
كان المسافر يشعر بالإهانة عندما تطلب منه بصمته. الآن يَطلب منه مأمور الجوازات الإبهام زائداً أربعة أصابع أخرى، وعندما تنتهي هذه المذلة يطلب منك الوقوف أمام كاميرا. وبعد كل ذلك يُشعرك الموظف أنه سمح لك بالدخول رغماً عنه. فكل مسافر لم يعد مشروع ضيف، بل مشروع إرهابي. ونحن نعمل من أجلكم. وإضافة إلى الأصابع والصورة، عليك الآن أن تدخل تفتيش الحقائب. اخلع سترتك وحذاءك وسير سروالك. كم يضحك الذين يرون سروالك تدلى فيما تحاول استعادة الحزام والهاتف والحقيبة والحذاء وكرامتك. والخاتمة أننا عثرنا على الجواز البريطاني في أحد جيوب حقيبة اليد. وهو لا ينفع في مرحلة التفتيش.
الشرق الأوسط