سمير عطا الله
أنجبت له 13 ولداً. وكانت تدير مزرعته الكبيرة، وتطعم الفقراء الذين يقصدون أبوابه المفتوحة أمامهم. وفي المزرعة النائية في الأرياف بعيداً عن المدارس الجيدة، كانت تتولى تعليم الأبناء. وبسبب إجادتها لعزف البيانو، كانت تعطيهم أيضاً دروساً في العزف.
كان يبذِّر ويُسرف ويبدِّد، وكانت تدير شؤون الدار بحرص ومهارة. وإلى ذلك كله، كانت سكرتيرته الخاصة ومديرة أعماله، وضابط العلاقات العامة، ومسؤولة المحاسبة، والعلاقات مع الصحف ودور النشر. وكانت تراجع ما يكتب وتدقق وتدوّن الملاحظات والهوامش.
تزوج الكونت ليو تولستوي من الكونتسة صوفيا تولستايا وهي في الثامنة عشرة. وكان والدها أحد أطباء القيصر، ويعيش مع عائلته في شقة إلى جواره. لكن صوفيا تولستايا تركت مجد القصور والمدن من أجل أن تعيش مع زوجها في الريف. وزوجها قرر أن يتخلى عن الجزء الأكبر من ثروته لكي يعلِّم الفقراء ويطعمهم. وكلما حاولت أن تحذّره من الإفلاس القادم، كان يزداد حماساً في دعوته الإحسانية.
فهو الآن أصبح كاتب روسيا الأول، ولم ينفق فقط من الثروة التي آلت إليه بالوراثة. ولم يكن عند الكونتسة ما هو أهم من انصراف الكونت إلى أعماله الكبرى. تحيط به مثل حارس وطبيب وأم. ولا تفكر في نفسها خوف أن تقصّر في «خدمة هذا الكاتب العظيم».
والكاتب العظيم لم يكن يفكر هو أيضاً في أي شيء آخر. كان على الكونتسة أن تعرف أن الروائيين مخلوقات قاسية، ليس لديهم همٌّ آخر سوى أبطالهم. إنهم يعيشون معهم في الليل والنهار. ولا يفرّقون فيهم بين المجرم والنذل والطيب. الروائي أبوهم جميعاً، وكلهم من صلبه. لقد جمعهم من كل مكان. من ساحات الحروب، ومن الأزقة والحارات المبتذلة، وحام بمخيلته حول القصور، وتحت النوافذ الأرستوقراطية.
ثم راح يبني صرحه طوبة طوبة كأنه يعلّي منفرداً أهراماً أدبية كالفراعنة. وكل ما عدا ذلك فهو عالم خارجي. حتى أولاده ليسوا سوى متطفلين على ورشة الابتكار القائمة طوال النهار والليل. إذا ابتعد عن محبرته، شعر بغربة قصوى، وإذا اقترب منه أحد، شعر أنه يسرق منه الوقت والأفكار. من أين للكاتب أن يعثر على شريكة تدرك كل ذلك؟ غريبٌ حظ الأدباء الروس. جميعهم تقريباً عثروا على هذا النوع من النساء، ولو ليس من الزواج الأول. دوستويفسكي وسولجنتسن وباسترناك صاحب دكتور جيفاغو. وصاحبنا الكونت صاحب «الحرب والسلم». وماذا فعل الكونت عندما تأمل كل هذا؟ تطلع في الكونتسة غاضباً وقال: «لا تحاولي خداعي يا صوفيا تولستايا، أنا أعرف تماماً أنكِ تعشقين الموسيقي سيرغي تافييف».
كان يبذِّر ويُسرف ويبدِّد، وكانت تدير شؤون الدار بحرص ومهارة. وإلى ذلك كله، كانت سكرتيرته الخاصة ومديرة أعماله، وضابط العلاقات العامة، ومسؤولة المحاسبة، والعلاقات مع الصحف ودور النشر. وكانت تراجع ما يكتب وتدقق وتدوّن الملاحظات والهوامش.
تزوج الكونت ليو تولستوي من الكونتسة صوفيا تولستايا وهي في الثامنة عشرة. وكان والدها أحد أطباء القيصر، ويعيش مع عائلته في شقة إلى جواره. لكن صوفيا تولستايا تركت مجد القصور والمدن من أجل أن تعيش مع زوجها في الريف. وزوجها قرر أن يتخلى عن الجزء الأكبر من ثروته لكي يعلِّم الفقراء ويطعمهم. وكلما حاولت أن تحذّره من الإفلاس القادم، كان يزداد حماساً في دعوته الإحسانية.
فهو الآن أصبح كاتب روسيا الأول، ولم ينفق فقط من الثروة التي آلت إليه بالوراثة. ولم يكن عند الكونتسة ما هو أهم من انصراف الكونت إلى أعماله الكبرى. تحيط به مثل حارس وطبيب وأم. ولا تفكر في نفسها خوف أن تقصّر في «خدمة هذا الكاتب العظيم».
والكاتب العظيم لم يكن يفكر هو أيضاً في أي شيء آخر. كان على الكونتسة أن تعرف أن الروائيين مخلوقات قاسية، ليس لديهم همٌّ آخر سوى أبطالهم. إنهم يعيشون معهم في الليل والنهار. ولا يفرّقون فيهم بين المجرم والنذل والطيب. الروائي أبوهم جميعاً، وكلهم من صلبه. لقد جمعهم من كل مكان. من ساحات الحروب، ومن الأزقة والحارات المبتذلة، وحام بمخيلته حول القصور، وتحت النوافذ الأرستوقراطية.
ثم راح يبني صرحه طوبة طوبة كأنه يعلّي منفرداً أهراماً أدبية كالفراعنة. وكل ما عدا ذلك فهو عالم خارجي. حتى أولاده ليسوا سوى متطفلين على ورشة الابتكار القائمة طوال النهار والليل. إذا ابتعد عن محبرته، شعر بغربة قصوى، وإذا اقترب منه أحد، شعر أنه يسرق منه الوقت والأفكار. من أين للكاتب أن يعثر على شريكة تدرك كل ذلك؟ غريبٌ حظ الأدباء الروس. جميعهم تقريباً عثروا على هذا النوع من النساء، ولو ليس من الزواج الأول. دوستويفسكي وسولجنتسن وباسترناك صاحب دكتور جيفاغو. وصاحبنا الكونت صاحب «الحرب والسلم». وماذا فعل الكونت عندما تأمل كل هذا؟ تطلع في الكونتسة غاضباً وقال: «لا تحاولي خداعي يا صوفيا تولستايا، أنا أعرف تماماً أنكِ تعشقين الموسيقي سيرغي تافييف».
الشرق الأوسط