أقلام مختارة

اللصوص الشرفاء

مشعل السديري

مشعل السديري
هل هناك لصوص شرفاء وآخرون غير شرفاء؟!
جوابي هو وبالخط العريض، نعم، نعم، وكمان نعم.
ولو أردت أن آتي بنموذج من شخصية اللص الشريف، فلن أجد أفضل من (روبن هود) الذي أعتبره مثلي الأعلى – مع وقف التنفيذ -، وهذا هو ما شبهني به المرحوم غازي القصبي على سبيل المزاح الخفيف.
وروبن هود هذا شخصية أسطورية إنجليزية ترجع إلى القرن الرابع عشر الميلادي، ويقال: إنه كان يسرق من الأغنياء ليعطي الفقراء، لهذا أصبح بطلاً أسطورياً، نسجت حوله وحول عصابته المرحة الكثير من الروايات الشعبية والأشعار والمسرحيات بل والأفلام السينمائية.
وهناك في الجزيرة العربية، رجل قديم من البادية كان فارساً لا يشق له غبار، وكريماً لا ينام وفي جيبه دينار واحد، فكل مكاسبه من غزواته كان يوزعها على الفقراء من الرجال والنساء على حد سواء، إلى درجة أنهم أطلقوا عليه اسم (النهّاب الوّهاب)، وانتهت حياته قتيلاً في ساحة الوغى.
واسمحوا لي أن أطرح بعض النماذج الواقعية المعاصرة من هؤلاء اللصوص الشرفاء.
قام لص في الولايات المتحدة الأميركية بسرقة كاميرا من سيارة، لكنه أعادها بعد أن عرف أن صاحبتها مريضة بالسرطان وهي تقوم بأخذ صور لنفسها بهذه الكاميرا لأبنائها حتى يتذكروها بعد مماتها.
اقتحم لص في ألمانيا بيتاً من أجل سرقته، ليجد بداخله جليسة أطفال أرغمها على السكوت مستخدماً سلاحه، لكنه انسحب من البيت فور رؤيته طفلين في البيت يعرضان عليه مصروفهما حتى لا يؤذيهما، الأمر الذي جعله خجولاً من نفسه، فما كان منه إلا أن يخرج كل ما في جيبه من نقود السرقات ويمنحها لجليسة الأطفال ثم يخرج بكل هدوء بعد أن طبع قبلتين على خدود الطفلين.
قام لص في أستراليا بسرقة سيارة مفتوحة النوافذ وكانت غنيمته عبارة عن هاتف جوال ومحفظة، عندما فتح اللص الهاتف الجوال وجد به صور تحرش بأطفال، الأمر الذي أثار غضبه وهو ما دفعه إلى تسليم نفسه معترفاً بسرقة هذا الجوال فقط من أجل القبض على صاحب الهاتف المتحرش، الذي انتهى به الأمر في السجن.
غير أنهم قبضوا على اللص كذلك يريدون أن يحاكمونه ويعاقبونه على السرقة، فتصدت للقضاة نقابة المحامين بأسرها وبرأته، وخرجت مظاهرة شعبية تهتف باسمه، فما كان من السلطات إلا أن تمنحه وسام الشجاعة والشرف بدلاً من السجن.
لا أريد أن أسترسل بسرد المزيد من هذه النماذج لأن الكلمات معدودة ومحسوبة عليّ.
وكل سرقة شريفة وأنتم بالخير.
الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق