مشعل السديري
في إحدى الجلسات، كنت بالصدفة من ضمن الحضور، ودار نقاش بين اثنين؛ الأول يقول ويصّر على أن مكة المكرمة، وتحديداً الكعبة المشرفة، هي مركز الأرض، مستنداً إلى الآية الكريمة التي جاء فيها: «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً»، بينما الثاني يرى أن الوسطية هنا تعني عدم التطرّف، مثل ما جاء بالقرآن الكريم: «لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط»، ومثلما قال علي – رضي الله عنه: لا تكن ليناً فتعصر، ولا تكن قاسياً فتكسر، ومثلما جاء في الأثر: خير الأمور الوسط.
غير أن الأول رفض استنتاجات الثاني، جملة وتفصيلاً، وذكر تجربة لا أدري كيف استدل عليها، وكيف اقتنع بها، لأنه على حد قوله لم يحضرها! ولكنه أكد أن جماعة (يقولون) له إنهم شاهدوا (البوصلة) في داخل الكعبة، وهي تلف حول نفسها، ولا تستقر على حال، وكان من المفروض أن تتوقف عند الإشارة نحو الشمال؛ وهذه دلالة قاطعة على أنها وسط مركز الأرض. وانتهت الجلسة دون اتفاق (وخرجنا من المولد بلا حمّص).
غير أنني أخذت أبحث وأتقصّى عن وسطية الكعبة المشرفة، ووجدت في كلام أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: خلقت الكعبة قبل الأرض بألفي سنة. قالوا: كيف خلقت قبل وهي من الأرض؟ قال: كانت حشفة – يعني: جزيرة على الماء – عليها ملكان يسبحان الليل والنهار ألفي سنة، فلما أراد الله أن يخلق الأرض جعل الكعبة في وسطها.
والغريب أن الإمام أحمد بن حنبل يناقض هذا الرأي، ويقول إن صخرة بيت المقدس هي التي وسط الأرض – انتهى.
طيب نصدق مين ولا مين؟! هل أسأل أهل الذكر لحل هذه الإشكالية؟!
فالحاصل أن القرآن الكريم لا يتضمن نصاً ولا دلالة أو إشارة ظاهرة بأن مكة المكرمة أو الكعبة المشرفة تقع في مركز الأرض ووسطها، وما ورد في ذلك لا يعدو كونه إشارات محتملة وإيماءات بوجه مشتبه.
أما الذي أنا متيقن منه أنني لاحظت عندما ذهبت إلى الصومال – عندما كانت الدنيا دنيا – وحينما أخذني الدليل الصومالي، وأوقفني بالتمام على (خط الاستواء)، وأحضر لي البوصلة، ووضعها في يدي، وجدتها مضطربة لا تستقر على حال، وعندما خطوت خطوة واحدة نحو الشمال اتجه السهم إلى الشمال، وخطوة أخرى للجنوب، وإذا بالسهم يتجه نحو الجنوب.
وما دمنا في الحديث عن البوصلة، فأول من طورها هو البحار العربي ابن ماجد عام 1475. وهكذا، استفادت فيما بعد دول أوروبا من هذا الجهاز في اكتشافاتها البحرية والجغرافية والاستعمارية كذلك.
غير أن الأول رفض استنتاجات الثاني، جملة وتفصيلاً، وذكر تجربة لا أدري كيف استدل عليها، وكيف اقتنع بها، لأنه على حد قوله لم يحضرها! ولكنه أكد أن جماعة (يقولون) له إنهم شاهدوا (البوصلة) في داخل الكعبة، وهي تلف حول نفسها، ولا تستقر على حال، وكان من المفروض أن تتوقف عند الإشارة نحو الشمال؛ وهذه دلالة قاطعة على أنها وسط مركز الأرض. وانتهت الجلسة دون اتفاق (وخرجنا من المولد بلا حمّص).
غير أنني أخذت أبحث وأتقصّى عن وسطية الكعبة المشرفة، ووجدت في كلام أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: خلقت الكعبة قبل الأرض بألفي سنة. قالوا: كيف خلقت قبل وهي من الأرض؟ قال: كانت حشفة – يعني: جزيرة على الماء – عليها ملكان يسبحان الليل والنهار ألفي سنة، فلما أراد الله أن يخلق الأرض جعل الكعبة في وسطها.
والغريب أن الإمام أحمد بن حنبل يناقض هذا الرأي، ويقول إن صخرة بيت المقدس هي التي وسط الأرض – انتهى.
طيب نصدق مين ولا مين؟! هل أسأل أهل الذكر لحل هذه الإشكالية؟!
فالحاصل أن القرآن الكريم لا يتضمن نصاً ولا دلالة أو إشارة ظاهرة بأن مكة المكرمة أو الكعبة المشرفة تقع في مركز الأرض ووسطها، وما ورد في ذلك لا يعدو كونه إشارات محتملة وإيماءات بوجه مشتبه.
أما الذي أنا متيقن منه أنني لاحظت عندما ذهبت إلى الصومال – عندما كانت الدنيا دنيا – وحينما أخذني الدليل الصومالي، وأوقفني بالتمام على (خط الاستواء)، وأحضر لي البوصلة، ووضعها في يدي، وجدتها مضطربة لا تستقر على حال، وعندما خطوت خطوة واحدة نحو الشمال اتجه السهم إلى الشمال، وخطوة أخرى للجنوب، وإذا بالسهم يتجه نحو الجنوب.
وما دمنا في الحديث عن البوصلة، فأول من طورها هو البحار العربي ابن ماجد عام 1475. وهكذا، استفادت فيما بعد دول أوروبا من هذا الجهاز في اكتشافاتها البحرية والجغرافية والاستعمارية كذلك.
الشرق الأوسط