أوروبا
البابا يحيي “تضحيات” الرومانيين الساعين لحياة أفضل في الخارج
ـ بوخارست ـ حيا البابا فرنسيس الجمعة “تضحيات” المهاجرين الرومانيين في اليوم الأول من زيارته لرومانيا حيث دفعت البطالة والفقر المستشريان ملايين الشبان إلى الخارج بحثا عن حياة أفضل.
وقال البابا إن الهجرة الواسعة أدت إلى “الإفقار السكاني للعديد من القرى” في رومانيا التي لا تزال تواجه مشكلات اجتماعية-سياسية رغم انضمامها للاتحاد الأوروبي في 2007.
وقال في خطاب بثه التلفزيون الرسمي “أحيي تضحيات العديد من أبناء وبنات رومانيا الذين … أغنوا تلك الدول التي هاجروا إليها، وبثمار عملهم الدؤوب ساعدوا عائلاتهم التي بقيت في الوطن”.
وكان الحبر الأعظم قد وصل الى بوخارست في وقت سابق الجمعة حاملا رسالة تدعو للاندماج بين المجموعات الدينية وداخل الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد الانتخابات التي حققت فيها الأحزاب القومية مكاسب.
واحتشد آلاف الأشخاص على جانبي الشوارع الرئيسية في العاصمة ملوحين لموكب البابا اثناء عبوره وصولا إلى القصر الرئاسي، وكانت العديد من القنوات التلفزيونية تبث كل خطوة يقوم بها على شاشات عملاقة نشرت في أنحاء المدينة.
وخلال الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام للدولة ذات الغالبية الأرثوذكسية والواقعة على مفترق بين غرب أوروبا وشرقها، سيتطرق البابا على الأرجح إلى مسائل تثير النزعة القومية إضافة إلى العلاقات بين الاديان.
في وقت لاحق الجمعة سيقوم البابا بجولة في سيارته (بابا موبيل) في شوارع بوخارست وصولا إلى كاتدرائية القديس يوسف حيث من المتوقع أن يحتشد قرابة 30 الف شخص لحضور قداس.
وسيعقد لقاء مغلقا مع بطريرك الأرثوذكس دانيال، على ان يؤديا الصلاة جنبا إلى جنب — أحدهما باللاتينية والثاني بالرومانية. لكنهما لن يظهرا بشكل علني سويا، في مؤشر الى فتور العلاقات بينهما.
الدعوة الأسمى
وكانت طائرة الحبر الأعظم قد اقلعت من مطار فيوميتشينو بروما في ساعة مبكرة الجمعة بعدما التقى مجموعة تضم 15 مشردا من رومانيا يقيمون في روما.
في بوخارست كان في استقباله في المطار الرئيس كلاوس يوهانيس، المدافع عن الاتحاد الأوروبي، وقرابة 200 من الأطفال الفرحين الذين ارتدى غالبيتهم الأبيض ولوحوا بأعلام.
وبعد محادثات مع يوهانيس في القصر الرئاسي، التقى البابا رئيسة الوزراء فيوريكا دانشيلا، وهي أول امرأة تتبوأ هذا المنصب، قبل أن يلقي خطابه.
وحضر الخطاب كبار المسؤولين وأعضاء من المجتمع المدني وقادة دينيون بينهم البطريرك دانيال.
وقال البابا البالغ من العمر 82 عاما “من الضروري أن نسير معا وأن نعد بألا نتخلى عن الدعوة الاسمى : أن تأخذ دولة ما على عاتقها الخير العام لشعبها”.
والبطالة والفقر هما من الأسباب التي دفعت نحو 16 بالمئة من سكان رومانيا البالغ عددهم 20 مليون نسمة إلى الهجرة إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.
تاريخ من العلاقات المتوترة
تأتي زيارة البابا فرنسيس بعد 20 عاما من زيارة البابا يوحنا بولس الثاني الذي استُقبل بحفاوة نظرا للدور الذي لعبه في سقوط الشيوعية.
والعلاقات بين الكنيسة الأرثوذكسية ومجموعة الروم الكاثوليك في رومانيا — لا يتجاوز عددهم 150 ألف شخص — متأزمة منذ الفترة التي كانت فيها الدولة تخضع للحكم الشيوعي في مرحلة ما بعد الحرب.
وصودرت ممتلكات هذه المجموعة الصغيرة فيما زُج بمسؤوليها الدينيين في السجن.
لكن الروم الكاثوليك قاوموا، فنظموا قداديسهم سرا حتى سقوط الديكتاتورية عام 1989.
وسيقوم البابا خلال زيارته بتطويب سبعة أساقفة تعرضوا للتعذيب وقضوا في السجن، ممهدا لإعلان قداستهم.
وسيتنقل البابا الأرجنتيني في أنحاء هذا البلد، من بوخارست إلى إياسي وبلاي، للقاء مواطنين من مختلف الانتماءات الدينية واللغات، بينهم 18 أقلية معترف بها رسميا.
وستكون ذروة هذه الزيارة قداسا في الهواء الطلق السبت في كنيسة سومولو تشيوك الواقعة في منطقة ترانسلفانيا الخلابة ذات الغالبية الاتنية المجرية.
ومن المتوقع أن يحضر عشرات الالاف القداس الذي سيضع خلاله البابا فرنسيس وردة ذهبية عند تمثال خشب كبير للعذراء، في تقليد دأب عليه الباباوات لدى زيارتهم كنائس مريمية كبيرة.
قلوب وعقول مفتوحة
تمثل زيارة البابا فرصة “لتوجيه رسالة إلى العديد من الكاثوليك المجريين هناك لإبقاء قلوبهم وعقولهم وبواباتهم مفتوحة للآخرين” وفق ما كتبت خبيرة الأديان كلير جانغراف في الموقع الالكتروني الديني كروكسناو.
وقال الأسقف باسكال غولنيش، مدير الجمعية الخيرية الفرنسية اوفر اوريان التي تدعم الكنائس الشرقية إن “التحدي أمام البابا هو التأكيد للمجموعة الأرثوذكسية أن كنيسة روما لا تريد أن تجعلها لاتينية”.
وقال لوكالة فرانس برس “الوحدة المنشودة ليست مؤسساتية: الهدف ليس جمع المسيحيين تحت مسمى الكاثوليك، بل جعل الجميع يعترفون الواحد بالاخر كمسيحيين”. (أ ف ب)