سمير عطا الله
كتب السيناريست الشهير وحيد حامد يتذمر مما آلت إليه حال القاهرة: أين البهاء القديم؟ هل مدينة «التوك توك» والغبار والمباني المخلخلة هي عاصمة مصر؟ الزميل سليمان جودة كتب أيضاً: ماذا حدث للقاهرة الخديوية؟ توفيق الحكيم، أحد أشهر عشاق مصر، كان قد سخر ممن سخروا من الخديو إسماعيل، بحجة أنه استدان كي يبني معالم مصر الكبرى. لكن فات الحكيم القول إن الخديو إسماعيل أراد مدينة على نسق باريس، يرتفع عدد سكانها نحو 750 ألف نسمة في 50 عاماً. القاهرة اليوم 25 مليوناً.
تتحسر على منظر تلك المباني التي يغطيها الغبار. ولكن الجماليات القديمة في غاردن سيتي والمعادي والدقي والزمالك لا تزال شاهدة على يوم كانت مصر تريد عاصمة لا تقل عظمة عن عواصم مستعمريها. وفي غاردن سيتي تبدو بعض المباني المتحفية، مغلقة النوافذ والأبواب، كأنها مهجورة منذ زمن.
وإذا تأملت القاهرة الخديوية سوف تلاحظ شيئاً آخر: الجادات العريضة التي تشقها، في تقليد لباريس البارون هوسمان، الذي قلد بدوره هندسة فيينا بناءً على طلب نابليون الثالث. جميع من عرف قاهرة الأمس يتحسر عليها، سواء كتب أو صرّح، أو لم يكتب ولم يصرّح.
في «يوميات 1997 – 2002» الدكتور بطرس غالي: «في مكتبتي الكبيرة المطلة على النيل الذي لا أسأم من النظر إليه… وحيث سأدفن في هذه الأرض العابقة بالذكريات والأساطير وبالرموز الخالدة، المتروكة للغبار، قد تتلخص مهمتي بطريقة ما في النضال يوماً ما ضد هذا الغبار الناشئ عن تحالف الصحراء مع البيروقراطية المصرية». الأولى قدر مثلما هو النيل. لكن البيروقراطية لا بد من محاربتها. وعبثاً محاربتها. إنها آفة في كل مكان، لكنها تحولت في مصر إلى مهزلة.
كاريكاتورية تضحك الناس وتدمرهم معاً.
هل العاصمة الإدارية الجديدة هي الحل، أو على الأقل جزء منه؟ ربما. إنها خطوة جيدة في أي حال، كانت تجربتها ممتازة في بلدان كثيرة. لكن مشكلة القاهرة أن المدن الجديدة لا تلبث أن تصبح جزءاً منها. وكل ما سمي «المدن الجديدة» بدل الضواحي، مثل 6 أكتوبر أو غيرها، أصبح مجرد عنوان آخر في المدينة.
لكن هناك إرادة حكومية الآن بمسح الغبار عن وجه القاهرة وغضونه. رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، أمر بطلاء جميع المباني باللون البيج، أي صحراوي فاتح، بدل الصحراوي الداكن الذي كدسته السنون. ولذلك، تختلف صورة القاهرة عليك، ما بين النهار والليل، كأنك صرت من مدينة إلى مدينة.
تتحسر على منظر تلك المباني التي يغطيها الغبار. ولكن الجماليات القديمة في غاردن سيتي والمعادي والدقي والزمالك لا تزال شاهدة على يوم كانت مصر تريد عاصمة لا تقل عظمة عن عواصم مستعمريها. وفي غاردن سيتي تبدو بعض المباني المتحفية، مغلقة النوافذ والأبواب، كأنها مهجورة منذ زمن.
وإذا تأملت القاهرة الخديوية سوف تلاحظ شيئاً آخر: الجادات العريضة التي تشقها، في تقليد لباريس البارون هوسمان، الذي قلد بدوره هندسة فيينا بناءً على طلب نابليون الثالث. جميع من عرف قاهرة الأمس يتحسر عليها، سواء كتب أو صرّح، أو لم يكتب ولم يصرّح.
في «يوميات 1997 – 2002» الدكتور بطرس غالي: «في مكتبتي الكبيرة المطلة على النيل الذي لا أسأم من النظر إليه… وحيث سأدفن في هذه الأرض العابقة بالذكريات والأساطير وبالرموز الخالدة، المتروكة للغبار، قد تتلخص مهمتي بطريقة ما في النضال يوماً ما ضد هذا الغبار الناشئ عن تحالف الصحراء مع البيروقراطية المصرية». الأولى قدر مثلما هو النيل. لكن البيروقراطية لا بد من محاربتها. وعبثاً محاربتها. إنها آفة في كل مكان، لكنها تحولت في مصر إلى مهزلة.
كاريكاتورية تضحك الناس وتدمرهم معاً.
هل العاصمة الإدارية الجديدة هي الحل، أو على الأقل جزء منه؟ ربما. إنها خطوة جيدة في أي حال، كانت تجربتها ممتازة في بلدان كثيرة. لكن مشكلة القاهرة أن المدن الجديدة لا تلبث أن تصبح جزءاً منها. وكل ما سمي «المدن الجديدة» بدل الضواحي، مثل 6 أكتوبر أو غيرها، أصبح مجرد عنوان آخر في المدينة.
لكن هناك إرادة حكومية الآن بمسح الغبار عن وجه القاهرة وغضونه. رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، أمر بطلاء جميع المباني باللون البيج، أي صحراوي فاتح، بدل الصحراوي الداكن الذي كدسته السنون. ولذلك، تختلف صورة القاهرة عليك، ما بين النهار والليل، كأنك صرت من مدينة إلى مدينة.