أقلام يورابيا

بعد عودة الهاشمي من أجازته وقبل قدوم كوشنر للمنطقة قراءة فى الاحداث

* فادي عيد

بعد عودة ملك الاردن الملك عبد الله الثاني بن الحسين من أجازه مدتها شهر وليس شهر ونصف كما كان مقررا من الولايات المتحدة، وهناك مصادر ترجح إن أجازته شملت لندن (وأن كان الامر كذلك فهذا يعني انها لم تكن أجازه مطلقا) جاء الظهور الاول للملك في المسجد الحسيني (اقدم مساجد العاصمة) دون أي إعلان مسبق، وبعد الصلاة ركعتين بالمسجد جاءت موجة القرارات والتغييرات الجذرية في قادة الجيش والاجهزة الامنية، وفي المقدمة رئيس الاركان محمود فريحات (الذى جاء بنفس الطريقة التي رحل بها، أي بعد قدوم الملك من أجازته الطويلة بواشنطن 2016) وكافة مساعديه وتعيين اللواء طيار مقاتل يوسف الحنيطي رئيسا للأركان.

وقبلها كانت تم إحالة رئيس كل من نيابة محكمة أمن الدولة ورئيس المحكمة نفسها الى التقاعد، ولا توجد تغييرات في القيادات العسكرية من باب تغيير الوجوه، فما بالكم بالحال في الدول الملكية، وليس أي ملكية، كما أن تغيير رئيس الاركان في الدستور الاردني يشترط رحيل رئيس الوزراء وهذا لم يحدث، كما أنه حتى الان لم يتم تعيين فريحات كمستشار للملك كما جرت العادة عند إقالة أي رئيس أركان في الاردن.

المهم ملك الاردن الذي يعزز علاقاته مع تركيا وقطر اقتصاديا تعويضا لتوقف السعودية والامارات عن دعم الهاشمي، لم يجلس في ديوانه كثيرا والذي قد يشهد ايضا تغييرات جذريه في رجاله، وتوجه لملاقاة الشيخ محمد بن زايد في أبو ظبي وبعدها بيومين تواجد بالقاهرة.

ومع النظر في سير رحلة ملك الاردن الطويلة (وهو المستهدف الاول من صفقة القرن) بالتزامن مع خطوات الرئيس عباس أبو مازن في تعليق الاتفاقيات الامنية مع الاحتلال، وزيارة وفد حماس لطهران، واستعداد كلا من ايران واسرائيل، سواء الاولى عبر تجارب صواريخ “شهاب3” او الثانية عبر منظومة “حيتس3” التي تم اختبارها مؤخرا في ولاية الاسكا الامريكية، ومن ثم عودة ظهور قاسم سليماني بين الحدود العراقية السورية مجددا بعد ظهور بصمات أبو بكر البغدادي واشباح اسرائيلية هناك، وتوغل جرافات الاحتلال الفاجر لهدم مئات منازل الفلسطينيين دفعة واحدة وبعجلة شديدة غريبة من أمرها.

سنجد ان كل تلك قطع البازل المختلفة فيما بينها عند تجميعها ستتشكل الصورة بوضوح، الصورة التي يحاول الكل الوصول اليها وتشكيلها حسب وجه نظره ومصالحه، قبل قدوم جاريد كوشنير في جولة جديدة للمنطقة، لبحث مرحلة ما بعد مؤتمر المنامة، خاصة وأن هناك مشاهد حدثت لم تكن ببعيدة عن مخرجات مؤتمر البحرين.

فالإمارات انسحبت من اليمن بعد غدر اهل الجنوب لها مرارا وتكرارا، وتركت السعودية وحدها في ذلك المستنقع وهي ايضا من غدرت بها مرارا وتكرارا عبر رجال هادي الاخوانجية، وستكثف كل عملها تجاه مياه الخليج وليبيا، والبحث عن أكبر فرص لعدم الاعتماد الكلي على الولايات المتحدة سواء في الملفات الاقتصادية او السياسية، ومن هنا جاءت زيارة محمد بن زايد للصين منذ أيام، وهو ما أقدمت عليه أبو ظبي قبل أن يكلف الامريكي والانجليزي الثعلب العماني بن علوي للوساطة بينهم وبين إيران.

فتغريدات الكاتب الأكاديمي الاماراتي عبد الخالق عبد الله عندما قال: “لن يكون هناك يمن واحد موحد بعد اليوم” لم تقال من فراغ، أو حبا في كتابة تغريدة جديدة.

.. والباقي ننتظر قراره في ملفات حاسمة، أو ردة فعلها تجاه مخاطر مؤكدة.

*باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق