سمير عطا الله
أَحبُّ السفر إليَّ في القطار. وأَحبُّ أسفار القطار في السهول والحقول والبراري. له خطوط صنعت له وصنع لها، يسرع ضمنها، يبطء ضمنها، ويغير دروبه ضمنها. لا زحمة السيارات ولا هزات الغيوم. هدوء طوال الطريق، خصوصاً إذا طال، وفي جوارك أو قبالتك، أهل الحوار.
الساحر أحمد رامي قال يصف هذه الحال: «إن طال الوقت على الركاب/ يجري كلامهم في سؤال وجواب/ بعد شوية يبقوا احباب/ وده يعرف ده رايح على فين!» ذلك هو «الوابور» الذي كتب له رامي وغناه محمد عبد الوهاب، وروى حكاياته البديعة توفيق الحكيم في «الأسطى حميدة».
«عَمّال تجري، قبلي وبحري/ تنزل وادي تطلع كوبري/ حوِّد مره وبعدين دُغري». ولو أعاد رامي الكتابة لـ«الوابور» اليوم، لأضاف السفر تحت مياه المانش. لكنه كان في ثلاثينات القرن الماضي، وكان على الأرجح مسافراً إلى الإسكندرية، أو بين شطين وميّه: «ما تقول يا وابور رايح على فين/ صوتك يدوي وانت بتهوي/ والبُعد أليم ناره بتكوي/ والأرض بساط وانت بتطوي!»، وسبحان الذي أنعم على الشعراء تلك العبقرية، يغزلون القوافي بالعامية، ويعصرونها بالفصحى، ويحولونها إلى مغناة قبل حتى أن تعرض على الموسيقى لكي تستكمل دروبها إلى الأفئدة.
أنا لا أتقبل العامية حتى في الإعلانات. لكن كيف لك أن تقاوم، أو أن تعترض أمام عاميات شوقي ورامي والتونسي و«انساك، ده كلام/ أنساك، يا سلام»؟
لقد أفسدت عذوبة العامية المصرية وغنائياتها، صمود الفصحى. وارتقت في أقلام ماسية مثل رامي إلى لغة ثالثة بين الاثنتين. اسمع ماذا فعل «الوابور»: «قرّبت غريب، وبعّدت قريب، وجمّعت حبيب على شمل حبيب»… تعال يا سيدي نبحث في لغات العالم وشعرها، وعامياتها، وفصيحاتها، عن شيء مثل «وجمعت حبيب على شمل حبيب». تفضل أعطنا رديفها لو سمحت: «وجمعت حبيب على شمل حبيب».
ها هو رامي يكمل حكاية الرحلة في «الوابور»: «أنا رحت معاك ورجعت معاك/ وأنا إيه كان مقسوم لي وياك/ دي كانت نظرة من هنا لهناك/ العين عرفت رايحين على فين»!
في القطار ما بين لندن وباريس، فوق الأرض، وتحت القنال، وليس عبره، ينقل «الوابور» آلاف الناس كل يوم. وينقل الملايين حول العالم. يعبر الحدود وأنت نائم. تتغير عليك اللغات والمناخ ودرجات الحرارة: «والقرب نصيب والبعد نصيب/ ما تقول يا وابور رايح على فين».
الساحر أحمد رامي قال يصف هذه الحال: «إن طال الوقت على الركاب/ يجري كلامهم في سؤال وجواب/ بعد شوية يبقوا احباب/ وده يعرف ده رايح على فين!» ذلك هو «الوابور» الذي كتب له رامي وغناه محمد عبد الوهاب، وروى حكاياته البديعة توفيق الحكيم في «الأسطى حميدة».
«عَمّال تجري، قبلي وبحري/ تنزل وادي تطلع كوبري/ حوِّد مره وبعدين دُغري». ولو أعاد رامي الكتابة لـ«الوابور» اليوم، لأضاف السفر تحت مياه المانش. لكنه كان في ثلاثينات القرن الماضي، وكان على الأرجح مسافراً إلى الإسكندرية، أو بين شطين وميّه: «ما تقول يا وابور رايح على فين/ صوتك يدوي وانت بتهوي/ والبُعد أليم ناره بتكوي/ والأرض بساط وانت بتطوي!»، وسبحان الذي أنعم على الشعراء تلك العبقرية، يغزلون القوافي بالعامية، ويعصرونها بالفصحى، ويحولونها إلى مغناة قبل حتى أن تعرض على الموسيقى لكي تستكمل دروبها إلى الأفئدة.
أنا لا أتقبل العامية حتى في الإعلانات. لكن كيف لك أن تقاوم، أو أن تعترض أمام عاميات شوقي ورامي والتونسي و«انساك، ده كلام/ أنساك، يا سلام»؟
لقد أفسدت عذوبة العامية المصرية وغنائياتها، صمود الفصحى. وارتقت في أقلام ماسية مثل رامي إلى لغة ثالثة بين الاثنتين. اسمع ماذا فعل «الوابور»: «قرّبت غريب، وبعّدت قريب، وجمّعت حبيب على شمل حبيب»… تعال يا سيدي نبحث في لغات العالم وشعرها، وعامياتها، وفصيحاتها، عن شيء مثل «وجمعت حبيب على شمل حبيب». تفضل أعطنا رديفها لو سمحت: «وجمعت حبيب على شمل حبيب».
ها هو رامي يكمل حكاية الرحلة في «الوابور»: «أنا رحت معاك ورجعت معاك/ وأنا إيه كان مقسوم لي وياك/ دي كانت نظرة من هنا لهناك/ العين عرفت رايحين على فين»!
في القطار ما بين لندن وباريس، فوق الأرض، وتحت القنال، وليس عبره، ينقل «الوابور» آلاف الناس كل يوم. وينقل الملايين حول العالم. يعبر الحدود وأنت نائم. تتغير عليك اللغات والمناخ ودرجات الحرارة: «والقرب نصيب والبعد نصيب/ ما تقول يا وابور رايح على فين».