سمير عطا الله
كان توفيق الحكيم الكاتب الأعلى أجراً في مصر. ومع ذلك، كان عليه أن يقطّر على نفسه وعائلته خوفاً أن يفتقر ذات يوم. ففي عالم الأدب والأدباء والكتب والكتّاب، لا ضمانة مادية. وعندما أخذت أخبار كرة القدم وأبطالها تنتشر في مصر والعالم، قال جملته الشهيرة متحسّراً: انتقلنا من سحر القلم إلى سحر القدم.
يصادف كل يوليو (تموز) من كل عام أن أكون في فرنسا، حيث يُمضي الفرنسيّون وضيوفهم كثيراً من الوقت في متابعة ما يُعرف باسم «دورة فرنسا»، وهي المسابقة التي يشارك فيها نحو 160 دراجاً يعبرون جبال فرنسا ووديانها وسهولها، وأحياناً يخرجون منها إلى دول أخرى، وفي النهاية يقطعون مسافة 3500 كلم. تمت الدورة هذا العام فيما ضربت فرنسا الموجة الأكثر حراً في تاريخها. وإذا كانت الناس قد تضايقت من شدة الحر في بيوتها أو على الشطآن، فتخيّل ماذا كان وضع المتسابقين على دراجاتهم، بين جبال الألب وجبال البيرينيه.
في الوقت نفسه، تجري خلال هذه المرحلة مسابقات شعرية كثيرة، لا تزيد الجائزة الكبرى فيها على 10 آلاف يورو. وهذا هو الرقم المألوف أيضاً في بريطانيا والولايات المتحدة. وتُعطى جوائز مماثلة لكتاب القصص القصيرة والمسرحيات. أما الجهد العضلي، أو الجسماني، فقد تخطّت مكافأته كل خيال. هذا هو حال الدنيا، يا سيدي الحكيم. فلاعب الكرة يعيش حياة من التدريب والتعب والركض والتعرّق لا يعرفها أصحاب الأقلام الجالسين وراء مكاتبهم، لا يركض أمامهم سوى الخيال والمخيلة، وما سماه ثقلاء الكلام ومدَّعو اللغة «المخْيال».
لا أحد منّا يعرف اليوم أسماء المشاركين في سباق الماراثون الذي اخترعه اليونانيون، لكننا نعرف جميعاً أسماء سقراط وأفلاطون ويوربيديس. الفارق أن الجهد العقلي يبقى عبر القرون، بينما يغيب ذوو العضلات مع ضمورها. لكل مكافأته في هذه الدنيا، وقد يكون جمهور محمد صلاح اليوم أكبر بكثير من جمهور توفيق الحكيم، لكن صلاح لن يمثل يوماً لمصر، أو للعرب، ما يمثل الحكيم للأدب المصري والثقافة العربية.
لقد أخطأ صاحب «يوميات نائب في الأرياف» باختيار غريمه؛ كان عليه أن يغبط أدباء الولايات المتحدة الذين يحصدون من أعمالهم الملايين، أو أدباء فرنسا، أو حتى أدباء إيطاليا الذين يتسنى لهم أن تنقل أعمالهم إلى لغات أخرى.
ولعله كان سوف يضيق ذرعاً بأمين معلوف الذي باعت كتبه ملايين النسخ في أربعين لغة من لغات العالم. وإلى جميع هذه اللغات تُرجِمت الآن أعمال الروائية هدى بركات. أما مع صديقه ورفيقه نجيب محفوظ، فما تزال مطابع العالم منهمكة في إعادة طبع كتبه في جميع البلدان، واللغات أيضاً.
يصادف كل يوليو (تموز) من كل عام أن أكون في فرنسا، حيث يُمضي الفرنسيّون وضيوفهم كثيراً من الوقت في متابعة ما يُعرف باسم «دورة فرنسا»، وهي المسابقة التي يشارك فيها نحو 160 دراجاً يعبرون جبال فرنسا ووديانها وسهولها، وأحياناً يخرجون منها إلى دول أخرى، وفي النهاية يقطعون مسافة 3500 كلم. تمت الدورة هذا العام فيما ضربت فرنسا الموجة الأكثر حراً في تاريخها. وإذا كانت الناس قد تضايقت من شدة الحر في بيوتها أو على الشطآن، فتخيّل ماذا كان وضع المتسابقين على دراجاتهم، بين جبال الألب وجبال البيرينيه.
في الوقت نفسه، تجري خلال هذه المرحلة مسابقات شعرية كثيرة، لا تزيد الجائزة الكبرى فيها على 10 آلاف يورو. وهذا هو الرقم المألوف أيضاً في بريطانيا والولايات المتحدة. وتُعطى جوائز مماثلة لكتاب القصص القصيرة والمسرحيات. أما الجهد العضلي، أو الجسماني، فقد تخطّت مكافأته كل خيال. هذا هو حال الدنيا، يا سيدي الحكيم. فلاعب الكرة يعيش حياة من التدريب والتعب والركض والتعرّق لا يعرفها أصحاب الأقلام الجالسين وراء مكاتبهم، لا يركض أمامهم سوى الخيال والمخيلة، وما سماه ثقلاء الكلام ومدَّعو اللغة «المخْيال».
لا أحد منّا يعرف اليوم أسماء المشاركين في سباق الماراثون الذي اخترعه اليونانيون، لكننا نعرف جميعاً أسماء سقراط وأفلاطون ويوربيديس. الفارق أن الجهد العقلي يبقى عبر القرون، بينما يغيب ذوو العضلات مع ضمورها. لكل مكافأته في هذه الدنيا، وقد يكون جمهور محمد صلاح اليوم أكبر بكثير من جمهور توفيق الحكيم، لكن صلاح لن يمثل يوماً لمصر، أو للعرب، ما يمثل الحكيم للأدب المصري والثقافة العربية.
لقد أخطأ صاحب «يوميات نائب في الأرياف» باختيار غريمه؛ كان عليه أن يغبط أدباء الولايات المتحدة الذين يحصدون من أعمالهم الملايين، أو أدباء فرنسا، أو حتى أدباء إيطاليا الذين يتسنى لهم أن تنقل أعمالهم إلى لغات أخرى.
ولعله كان سوف يضيق ذرعاً بأمين معلوف الذي باعت كتبه ملايين النسخ في أربعين لغة من لغات العالم. وإلى جميع هذه اللغات تُرجِمت الآن أعمال الروائية هدى بركات. أما مع صديقه ورفيقه نجيب محفوظ، فما تزال مطابع العالم منهمكة في إعادة طبع كتبه في جميع البلدان، واللغات أيضاً.