طارق الشناوي
«ابتسم من فضلك»، كم مرة قرأت هذا التنويه؟ مهما حاولت تطبيقه سوف تفشل، رغم أن أشهر ابتسامة عرفها العالم، أقصد قطعاً لوحة ليوناردو دافنشي «الموناليزا» التي حيّرت العالم، تشير أحدث دراسة إلى أنها وبنسبة كبيرة كانت مجبَرة على أن تمثل دور المبتسمة.
ثلاثة علماء من بريطانيا وأميركا وإيطاليا، طبّقوا أحدث نظريات علم الأعصاب على اللوحة، وانتهوا إلى هذه النتيجة الصادمة لعشاق الجمال والحرية، اعتمدت الدراسة على تقسيم الوجه لشطرين فلم تتماثل الابتسامة، فقرر الأطباء بالإجماع، أنها اضطرت للإذعان!
في كل الأحوال، تلك اللوحة كانت وأظنها ستظل مثار دراسات متعددة، فهي الأكثر إثارة عبر التاريخ، بل إن البعض وصل إلى أبعد من ذلك، إذ اعتبروا أن الصورة أساساً لرجل ولم يستبعدوا أن دافنشي كان يرسم دافنشي. اللوحة لامرأة منزوع شعر حاجبيها ورموشها، أي أنها تفتقر إلى أسلحة نسائية فتاكة، ورغم ذلك لا تزال تقف في مقدمة الصور المعبرة عن الأنوثة.
لماذا هي مجبرة؟ لم تشر أي دراسة تاريخية إلى أنها كانت تعمل موديلاً حتى تضطر للابتسام، ولا أتصور أمام كل مساحات الغموض التي أثارتها اللوحة عبر التاريخ، أننا سنحصل ببساطة على إجابة قاطعة.
دعونا نتأمل فعل الإجبار، هل يؤدي بالضرورة إلى تقديم عمل مصنوع؟ عدد من الفنانين وقفوا مجبرين على خشبة المسرح، رغم أنهم كانوا يعيشون الأحزان إلا أنهم أضحكوناً، مها أبو عوف مؤخراً بعد رحيل شقيقها عزت قدمت في مدينة «جدة» المسرحية الكوميدية «3 أيام في الساحل»، عادل إمام قبل نحو 20 عاماً علم بوفاة والده وهو يقف على خشبة المسرح في بيروت، أكمل المسرحية، ثم بعد نهاية العرض نعى والده للجمهور.
روى لي الموسيقار كمال الطويل أنه عام 1966، رغم أنه كان هناك اتفاق منذ منتصف الخمسينات، بينه وبين عبد الحليم حافظ وثالثهما الشاعر صلاح جاهين، يقضي بتقديم أغنية مع كل عيد ثورة، إلا أن الطويل لاحظ في آخر لقاء فني لهم (أغنية «بالأحضان») أن عبد الحليم في أثناء البروفات يتولى قيادة الفرقة الموسيقية وتوجيه العازفين متجاهلاً حضوره.
نبّهه الطويل أكثر من مرة، فلم يستجب، فقرر أنه لن يلحن له مجدداً، عندما اقترب موعد الاحتفال، دعاه عبد الحليم للقائه، وأسمعه كلمات جاهين «صورة»، فقال له كمال إن الكلمات رائعة، تملك موسيقاها الداخلية، ولا تحتاج إلى ملحن، وأضاف أنه ليس في مزاج فني أو شخصي يؤهله لإنجاز اللحن، ووجد الطويل رجلاً لا يعرفه كان موجوداً في الصالون يعلو صوته قائلاً: «فيه حاجة اسمها التلحين بمزاج»، الرئيس عبد الناصر منتظر اللحن و23 يوليو بعد شهر.
الرجل يرتدي زياً عسكرياً ويحمل رتبة لواء، لم تكن صور العسكريين تُنشر عادةً في الصحف. غادر الطويل بيت عبد الحليم، وقرر أن يسافر في اليوم التالي خارج الحدود حتى يضع الجميع أمام الأمر الواقع.
فوجئ في صالة المطار بأنه ممنوع من السفر وأن الرجل الذي لم يعرفه لم يكن سوى شمس بدران وزير الدفاع الأسبق، وهو الذي أصدر قرار المنع، ولم يجد أمامه سوى الامتثال للأمر ولحّن «صورة».
حققت الأغنية نجاحاً ضخماً، والتقاه بدران بعد الحفل، قائلاً: «أمال لو عملت اللحن بمزاج، كان طلع أحسن من كده إزاي»!
ثلاثة علماء من بريطانيا وأميركا وإيطاليا، طبّقوا أحدث نظريات علم الأعصاب على اللوحة، وانتهوا إلى هذه النتيجة الصادمة لعشاق الجمال والحرية، اعتمدت الدراسة على تقسيم الوجه لشطرين فلم تتماثل الابتسامة، فقرر الأطباء بالإجماع، أنها اضطرت للإذعان!
في كل الأحوال، تلك اللوحة كانت وأظنها ستظل مثار دراسات متعددة، فهي الأكثر إثارة عبر التاريخ، بل إن البعض وصل إلى أبعد من ذلك، إذ اعتبروا أن الصورة أساساً لرجل ولم يستبعدوا أن دافنشي كان يرسم دافنشي. اللوحة لامرأة منزوع شعر حاجبيها ورموشها، أي أنها تفتقر إلى أسلحة نسائية فتاكة، ورغم ذلك لا تزال تقف في مقدمة الصور المعبرة عن الأنوثة.
لماذا هي مجبرة؟ لم تشر أي دراسة تاريخية إلى أنها كانت تعمل موديلاً حتى تضطر للابتسام، ولا أتصور أمام كل مساحات الغموض التي أثارتها اللوحة عبر التاريخ، أننا سنحصل ببساطة على إجابة قاطعة.
دعونا نتأمل فعل الإجبار، هل يؤدي بالضرورة إلى تقديم عمل مصنوع؟ عدد من الفنانين وقفوا مجبرين على خشبة المسرح، رغم أنهم كانوا يعيشون الأحزان إلا أنهم أضحكوناً، مها أبو عوف مؤخراً بعد رحيل شقيقها عزت قدمت في مدينة «جدة» المسرحية الكوميدية «3 أيام في الساحل»، عادل إمام قبل نحو 20 عاماً علم بوفاة والده وهو يقف على خشبة المسرح في بيروت، أكمل المسرحية، ثم بعد نهاية العرض نعى والده للجمهور.
روى لي الموسيقار كمال الطويل أنه عام 1966، رغم أنه كان هناك اتفاق منذ منتصف الخمسينات، بينه وبين عبد الحليم حافظ وثالثهما الشاعر صلاح جاهين، يقضي بتقديم أغنية مع كل عيد ثورة، إلا أن الطويل لاحظ في آخر لقاء فني لهم (أغنية «بالأحضان») أن عبد الحليم في أثناء البروفات يتولى قيادة الفرقة الموسيقية وتوجيه العازفين متجاهلاً حضوره.
نبّهه الطويل أكثر من مرة، فلم يستجب، فقرر أنه لن يلحن له مجدداً، عندما اقترب موعد الاحتفال، دعاه عبد الحليم للقائه، وأسمعه كلمات جاهين «صورة»، فقال له كمال إن الكلمات رائعة، تملك موسيقاها الداخلية، ولا تحتاج إلى ملحن، وأضاف أنه ليس في مزاج فني أو شخصي يؤهله لإنجاز اللحن، ووجد الطويل رجلاً لا يعرفه كان موجوداً في الصالون يعلو صوته قائلاً: «فيه حاجة اسمها التلحين بمزاج»، الرئيس عبد الناصر منتظر اللحن و23 يوليو بعد شهر.
الرجل يرتدي زياً عسكرياً ويحمل رتبة لواء، لم تكن صور العسكريين تُنشر عادةً في الصحف. غادر الطويل بيت عبد الحليم، وقرر أن يسافر في اليوم التالي خارج الحدود حتى يضع الجميع أمام الأمر الواقع.
فوجئ في صالة المطار بأنه ممنوع من السفر وأن الرجل الذي لم يعرفه لم يكن سوى شمس بدران وزير الدفاع الأسبق، وهو الذي أصدر قرار المنع، ولم يجد أمامه سوى الامتثال للأمر ولحّن «صورة».
حققت الأغنية نجاحاً ضخماً، والتقاه بدران بعد الحفل، قائلاً: «أمال لو عملت اللحن بمزاج، كان طلع أحسن من كده إزاي»!