خالد القشطيني
هذا ما قاله رئيس جامعة «تكساس» الأميركية للدكتور علي حسين الوردي، عند منحه شهادة الدكتوراه في السبعينيات في علوم الاجتماع. لست واثقاً فيما كان يعنيه؛ أكان يقصد أول عالم في الاجتماع في أميركا، أم العالم، أم العراق؟ ولكنني أرى من مؤلفات الوردي أنه أثبت أنه عالم في موضوعه هذا، في أيامه، ليكون خير قدوة ينبغي أن يقتدى بها في معظم دول الشرق الأوسط وجامعاته.
ولد الدكتور الوردي، رحمه الله، في بلدة الكاظمية، مرقد الإمام موسى الكاظم والبلدة الدينية المجاورة لبغداد من أسرة عرفت بميولها اليسارية. فلا عجب في أن يأخذ خطاً علمانياً في نظرياته وأبحاثه. تجلى ذلك بصورة واضحة في كتابه «وعاظ السلاطين» الذي هاجم فيه الشعراء والكتاب والفنانين الذين كرسوا أعمالهم في خدمة المسؤولين والتملق إليهم.
بيد أن الكتاب الذي اشتهر به بصورة خاصة بين العراقيين هو «لمحات من تاريخ العراق الحديث» في أربعة أجزاء استعرض فيها أحداث البلاد خلال القرنين الماضيين، بعد وضعها تحت المجهر، للكشف عن مدى التأخر والجهالة والتشرذم القبلي والتقاتل الشعبي والعنف الذي هيمن على شتى نشاطات المجتمع في العراق. وهنا لعب المؤلف دور المؤرخ في تسجيل شتى الأحداث الجزئية والعابرة التي قلما يتذكرها الناس، أو يدركون أبعادها ونتائجها، كمعارك المحلات ومنازعاتها. ومن ذلك حديثه عن قرة العين التي هزت المجتمع بطروحاتها المتطورة والحداثية التي انسجمت مع توجهات الكاتب، وإيمانه بتحرر المرأة.
بدأ الوردي حياته في الاشتغال صانعاً عند أحد البقالين. ولكن البقال سارع إلى طرده من عمله بعد أن وجده يقضي جل وقته في الدكان بالمطالعة وقراءة الكتب. ترك الدكان والتحق بالمدارس الحكومية في الكاظمية. أظهر ذكاءً خاصاً وحرصاً على التعلم، فحصل على نتائج مشجعة في الامتحانات بما أقنع السلطات التعليمية بمنحه بعثة دراسية، فاختار جامعة «تكساس» في الولايات المتحدة، وفيها ركز اهتمامه على دراسة العلوم الاجتماعية حتى نال منها شهادة الدكتوراه.
عاد إلى الوطن، فعينته وزارة المعارف مدرساً في مدرسة ثانوية. وبعد سنوات قليلة انتقل الوردي إلى المحيط الجامعي لتدريس علم الاجتماع في كلية الآداب التابعة لجامعة بغداد، وفيها أثار الكثير بأفكاره الخاصة التي أصبحت إسهاماً ثرياً ومثيراً أغنى الحركة الثقافية والاجتماعية بآرائه الجريئة ومنهجيته الفريدة. وكان من طروحاته التي أثارت الكثير من النقاش إيمانه بازدواجية الشخصية العراقية. العراقيون يقولون ما لا يفعلون، ويتكلمون بلغة غير ما يكتبون، ويدعون بما لا يؤمنون، ويؤمنون بما ينقضون، ونحو ذلك. أثار ذلك الكثير من النقاش، فقيل مثلاً إن هذه الازدواجية غير قاصرة على العراقيين. تجدها أيضاً في معظم شعوب الشرق الأوسط. فكما نعلم بوضوح أننا نجد الكثير من المسؤولين ينطقون ويعدون ثم يفعلون نقيض ذلك… يطالبون بمحاربة الفساد، ثم يوغلون في نهب الدولة وقبض العمولات.
توفي الدكتور على حسين الوردي عام 1995 عن عمر ناهز الاثنين والثمانين عاماً.
ولد الدكتور الوردي، رحمه الله، في بلدة الكاظمية، مرقد الإمام موسى الكاظم والبلدة الدينية المجاورة لبغداد من أسرة عرفت بميولها اليسارية. فلا عجب في أن يأخذ خطاً علمانياً في نظرياته وأبحاثه. تجلى ذلك بصورة واضحة في كتابه «وعاظ السلاطين» الذي هاجم فيه الشعراء والكتاب والفنانين الذين كرسوا أعمالهم في خدمة المسؤولين والتملق إليهم.
بيد أن الكتاب الذي اشتهر به بصورة خاصة بين العراقيين هو «لمحات من تاريخ العراق الحديث» في أربعة أجزاء استعرض فيها أحداث البلاد خلال القرنين الماضيين، بعد وضعها تحت المجهر، للكشف عن مدى التأخر والجهالة والتشرذم القبلي والتقاتل الشعبي والعنف الذي هيمن على شتى نشاطات المجتمع في العراق. وهنا لعب المؤلف دور المؤرخ في تسجيل شتى الأحداث الجزئية والعابرة التي قلما يتذكرها الناس، أو يدركون أبعادها ونتائجها، كمعارك المحلات ومنازعاتها. ومن ذلك حديثه عن قرة العين التي هزت المجتمع بطروحاتها المتطورة والحداثية التي انسجمت مع توجهات الكاتب، وإيمانه بتحرر المرأة.
بدأ الوردي حياته في الاشتغال صانعاً عند أحد البقالين. ولكن البقال سارع إلى طرده من عمله بعد أن وجده يقضي جل وقته في الدكان بالمطالعة وقراءة الكتب. ترك الدكان والتحق بالمدارس الحكومية في الكاظمية. أظهر ذكاءً خاصاً وحرصاً على التعلم، فحصل على نتائج مشجعة في الامتحانات بما أقنع السلطات التعليمية بمنحه بعثة دراسية، فاختار جامعة «تكساس» في الولايات المتحدة، وفيها ركز اهتمامه على دراسة العلوم الاجتماعية حتى نال منها شهادة الدكتوراه.
عاد إلى الوطن، فعينته وزارة المعارف مدرساً في مدرسة ثانوية. وبعد سنوات قليلة انتقل الوردي إلى المحيط الجامعي لتدريس علم الاجتماع في كلية الآداب التابعة لجامعة بغداد، وفيها أثار الكثير بأفكاره الخاصة التي أصبحت إسهاماً ثرياً ومثيراً أغنى الحركة الثقافية والاجتماعية بآرائه الجريئة ومنهجيته الفريدة. وكان من طروحاته التي أثارت الكثير من النقاش إيمانه بازدواجية الشخصية العراقية. العراقيون يقولون ما لا يفعلون، ويتكلمون بلغة غير ما يكتبون، ويدعون بما لا يؤمنون، ويؤمنون بما ينقضون، ونحو ذلك. أثار ذلك الكثير من النقاش، فقيل مثلاً إن هذه الازدواجية غير قاصرة على العراقيين. تجدها أيضاً في معظم شعوب الشرق الأوسط. فكما نعلم بوضوح أننا نجد الكثير من المسؤولين ينطقون ويعدون ثم يفعلون نقيض ذلك… يطالبون بمحاربة الفساد، ثم يوغلون في نهب الدولة وقبض العمولات.
توفي الدكتور على حسين الوردي عام 1995 عن عمر ناهز الاثنين والثمانين عاماً.