خالد القشطيني
كتب إليه الشيخ راشد بن حنين هذه الأبيات الإخوانية…
تخلصت من أتعابها وهمومها
ومن درس أوراق وخصم معاكس
وصرت طليقاً من قيود وظائف
وطول نقاش واضطراب الوساوس
خدمت طويلاً باجتهاد وعفة
وعلم وآداب وفهم الممارس
فراقب إله الكون واغْنمْ عبادة
ونظّم لعيش واشتغل بالنفائس
جزيت كثير الخير حالاً وموئلاً
ولا زلت محبوباً وزين المجالس
سمع بهذه الأبيات الشيخ محمد بن هليل، وكان صديقاً حميماً للبواردي، فجاراه بأبيات من ذات الوزن والقافية، متعرضاً فيها بالمديح للشيخ راشد، فقال…
ألا حبذا الإنشاد من نظم راشد
أخي الرشد والشهم النبيه الممارس
تهاني بنصح للزميل محمد
حميد السجايا والأديب المؤانس
تهاني إخاء عن وفاء تتابعت
لنيل ارتياح من عناء مشاكس
مكابدة الأعباء خمسين حجة
ونيفاً بصبر راجياً غير يائس
مضت أربعون العام ويحي ولم أزل
إلى اليوم بالعبء الثقيل المجانس
فعفواً مع الإحسان واللطف ربنا
وتوفيق حظ بالسعادة آنس
عاش الشيخ القاضي محمد بن إبراهيم البواردي مواصلاً مجلسه الإخواني الممتع لـ10 أعوام بعد استقالته، حتى توفاه الله – عز وجل – عام 1404 هجرياً، فتبارى الشعراء والأدباء في رثائه. وكان منهم صديقه راشد بن صالح بن خنين في قصيدة نونية معروفة، ضمّنها كثيراً من أفكاره وتأملاته عن الموت والحياة، وتوجعه لفقدان خلّان العمر حيث قال فيها…
موت الأحبة أضناني وأضعفني
هول المصيبة أعياني فلم أبنِ
تخطف الموت من صحبي فوا أسفي
هم لذة الروح هم أنسي وهم وطني
الملك لله إنا راجعون له
نرجو السلامة من زيغ ومن فتن
كل النفوس لطعم الموت ذائقة
لا فرق بين صحيح الجسم والزمِن
الموت قد فضح الدنيا وزخرفها
ظل يزول كأن الشخص لم يكن
لكنها مزرع للخير إن عمرت
بالخوف من ربنا والأخذ بالسنن