أقلام يورابيا

الملتقى الاستثماري الإماراتي ـ اللبناني علاقات اقتصادية وأبعاد استراتيجية 

د.السيد محمد علي الحسيني

د.السيد محمد علي الحسيني

ليس بالإمكان قياس عمق ورسوخ العلاقات النوعية التي ربطت وتربط بين دولة الإمارات العربية المتحدة ولبنان، بالمقاييس الاعتيادية والتقليدية، لأنها بالأساس علاقة استثنائية مميزة تتجاوز الحدود والمستويات التقليدية وتتخطاها، ولو عدنا للتاريخ وإلى عمر العلاقات اللبنانية ـ الاماراتية نجدها کانت قائمة حتى قبل تأسيس دولة الإمارات عام 1971، إذ أنها تعود إلى عام 1969، حينما قام المغفور له حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بزيارة لبنان، کما أن أول طائرة هبطت في مطار أبو ظبي کانت طائرة لبنانية، وثاني سفارة تفتحها الإمارات كانت في بيروت.

اليوم وبعد عقد الملتقى الاستثماري الإماراتي ـ اللبناني يوم الاثنين 7 أکتوبر/تشرين الاول2019، هناك أمل کبير يحدو الشعبين لتأسيس مرحلة جديدة  للعلاقات الاقتصادية بين البلدين والتي شارك فيها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على رأس وفد رفيع المستوى من الوزراء ورجال الأعمال.

 

لبنان والإمارات علاقات تاريخية.. والملتقى الاستثماري الإماراتي ـ اللبناني تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين

 

عندما نصف العلاقات القائمة بين الإمارات ولبنان بأنها علاقة نوعية استثنائية بامتياز، فإن سبب ذلك يعود إلى طبيعة العلاقات التي لم تقم على أسس ومفاهيم وأمور تقليدية عابرة، بقدر ما قامت على أسس غير عادية من العلاقة التي تقوم على أسس المحبة الصادقة المتبادلة بين شعبي ومسؤولي البلدين والتي جسدتها عبر الأعوام والعقود المنصرمة، ولم تتأثر بالأحداث والتطورات المختلفة، بل لم تبق  قوية ومتماسكة فقط، إنما أحرزت وتحرز المزيد من التقدم والاضطراد، وإن لبنان يتطلع حكومة وشعبا لتحقيق المزيد من التقدم النوعي بما يخدم مصلحة البلدين ويحقق الآمال والطموحات المعقودة عليها.

 

الإمارات تتصدر العالم في درجة التطور وتحافظ على مكانة مهمة في حجم استثماراتها في لبنان

 

ونحن نشهد خلال هذه الأعوام تطورا غير عادي في دولة الإمارات، حيث أنها تخطت کل الحدود التقليدية بالنسبة لنظيراتها في المنطقة والعالم الثالث،  إلى حد أنها قد أوصلت  الإمارات من الصحراء إلى الفضاء، ناهيك عن أن الحملة العمرانية التي تشهدها الإمارات قد وصلت إلى حد صار يشار لها بالبنان على مستوى العالم کله، كما يضرب بها الأمثال کنموذج صارت بلدان العالم تتطلع للاقتداء بها، وإن الدور الإيجابي الذي اضطلع به سعادة الأخ د.حمد سعيد الشامسي سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الجمهورية اللبنانية من حيث العمل على تطوير العلاقات بين البلدين وترسيخها وجعلها تتقدم أكثر فأكثر، وإن تأكيده على أن  دولة الإمارات العربية المتحدة حافظت على مكانتها كمستثمر رئيسي في لبنان في قطاع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة بلغت 11 في المائة من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى لبنان دليل عملي على هذه العلاقة والدور الکبير لدولة الإمارات في قطاع الاستثمارات في لبنان.

 

لبنان نحو الانتعاش في ظل تطور العلاقات الاقتصادية مع الإمارات

 

توضيح الشامسي بأن حوالي 29 % من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى لبنان جاءت من منطقة الشرق الأوسط منها 32 % من الإمارات العربية المتحدة، يٶکد ما قد أسلفنا ذكره، خصوصا وأنه وفقا لهيئة تنمية الاستثمارات في لبنان فقد قفزت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى لبنان بنسبة 14% لتصل إلى 2.88 مليار دولار في عام 2018 مقارنة بـ 2.52 مليار دولار في عام 2017، کل هذا يٶکد بأن هناك أملا کبيرا على أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين سوف تشهد المزيد من التطور والتقدم للأمام، لاسيما وأن دولة الإمارات أثبتت بصورة فعلية بأنها تولي أهمية خاصة للعلاقات مع لبنان نابعة من الأساس التاريخي الراسخ الذي قامت عليه.

 

الإمارات تلعب دورا سياسيا ايجابيا في لبنان يعكس حقيقة الثقل السياسي لها القائم على مد جسور الأخوة بين الأشقاء 

 

إن دور الإمارات السياسي والاقتصادي على الصعيد العربي عموما واللبناني خصوصا، دور إيجابي لا يمکن إنكاره وهو دور يعکس حقيقة الثقل السياسي والاقتصادي الذي باتت تمثله الإمارات وسعيها من أجل مد يد الأخوة والمحبة للأمة العربية کافة من المحيط إلى الخليج، وإن تطور وتقدم الإمارات سياسيا واقتصاديا صار يثلج صدور العرب عموما واللبنانيين خصوصا لأنه ينعکس إيجابا عليهم.

وباسم الشعب اللبناني نثمن دور الإمارات الأخوي الإيجابي في لبنان والرعاية والاهتمام الخاص بهذا الصدد، فإننا نتطلع لکي تواصل دورها الرائد في لبنان الذي مرت به ظروف وأحداث عصيبة عانى منها الأمرين وانعکست على مختلف أموره وأوضاعه سلبا، ولئن أدت الإمارات دورها بجدارة وأمانة، لکن الشعب اللبناني يتطلع للمزيد، کي يتجاوز هذه المرحلة ويعود سالما معافى کما کان قبل ابتلائه بتلك الأحداث والتطورات السلبية التي کلفته ماديا ومعنويا.

*الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق