* فادي عيد
بعيدا عن التصريحات الامريكية المتضاربة تجاه العدوان التركي على شمال سوريا، فلا أستبعد أن تكون دولة الاحتلال وامريكا هم أنفسهم من حركا الطابية التركية تجاه شمال سوريا لإعادة تدوير وتفعيل داعش من جديد، فلا يمكن ان يكون انسحاب كل القوات الامريكية من كافة نقاط مراقبتها في كل بقعة بعمق 30كم من الحدود السورية الموازية لحدود التركي (وهي المنطقة التي يستهدفها اردوغان عبر مشروع المنطقة الامنة) قبل انطلاق العدوان التركي بأيام قليلة صدفة.
فأن كانت مهمة داعش تقريبا انتهت في سوريا، فاليوم وجودهم في دول أخرى بات أمر ضروري لتنفيذ المخطط المسمى إعلاميا بـ “صفقة القرن” بلوي الذراع، ولذلك كان التحرك المصري فى تلك المرة مختلف وقوي مع العلم انه ليس العدوان الاول لتركيا على شمال سوريا، فالهدف من ذلك العدوان في تلك المرة لم يكن دمشق نفسها، فأن كان الهدف من ذلك العدوان هي دمشق، فما كان سمح حلفاء دمشق (موسكو وطهران) لأردوغان بتلك الخطوة، خاصة وان طهران مستفيدة جدا بكسر شوكة الكرد، وروسيا أكثر بعد ان يرتمي اردوغان في حضن بوتين أكثر وأكثر.
ولذلك جاء اللقاء العاجل السريع الذى لم يكن معد له مسبقا بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الاردن يوم الخميس الموافق 10اكتوبر في القاهرة، فأن كانت “صفقة القرن” وضعت دور الاردن ومصر الخارجي في معادلة واحدة، بعد اجتماع “العقبة” فبراير 2016، فالداخل الاردني أيضا وما به من تهديدات مرعبة على مستقبل الحكم والبلد نفسه بشعبه وجغرافيته جعل الداخل الاردني اليوم أشبه بالداخل المصري بالأمس، وهو ما دفع الملك للتوجه للقاهرة لسماع حل تجاه معضلة الداخل من “مصر 30يونيو”، خاصة وان العدو الحاضر هناك اليوم (الاخوان المسلمون) كان هو نفسه العدو المتواجد بالأمس هنا.
وكما يقول من الداء يصنع الدواء، فأيضا في الازمات تولد الحلول، ونسأل أنفسنا ونحن نرى ايران تذهب للسلاح النووي، وتركيا تتوغل في اراضي العراق وسوريا ومياه قبرص وتصدر الارهاب لليبيا والصومال، لماذا نحن العرب لم نذهب ايضا لامتلاك السلاح النووي في ظل وجود دولة محتلة بقلب المنطقة تملك منه ما يكفي لتدمير كوكب الارض كما تصرح تل ابيب، طالما الاعتراضات بمجلس الامن أو غيره لا تجدي، وان العالم يسير بسياسة فرض الطرف القوى الواقع الذى يريده على الطرف الضعيف، ولماذا لا نقوم بتطهير تلك الدول التي تصدر لها تركيا التكفيريين والمرتزقة من هؤلاء الارهابيين وفي مقدمتهم طرابلس الليبية، بدل الاكتفاء بالشجب والادانة، هل نملك تلك الجرأة، أم مازال الامر صعب علينا، وأن كنا لا نملك تلك الجرأة فعلى الاقل نساوم ونناور بتلك الكروت ونرفع من سقف طموحنا ولو درجة في ظل رفع العدو لسقف طموحة درجات.
*باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا