أقلام يورابيا

الاحزاب الاسلامية بالمغرب العربي تستعد لغزو اسبانيا

فادي عيد

فادي عيد

دعت كلا من احزاب النهضة التونسي والعدالة والتنمية والعدل والاحسان المغربيان منتصف يوليو الماضي أنصارها في اسبانيا الى الانخراط في العمل السياسي والحزبي والاندماج داخل الاحزاب الاسبانية بمختلف توجهاتها الايدولوجية، تمهيدا للتقدم لخوض الانتخابات والترشح فيما بعد لتولي المناصب القيادية داخل مؤسسات واجهزة الدولة الاسبانية خلال السنوات القادمة.

وتوجهت الهيئات المذكورية بمخاطبة جميع أنصارها من الشباب الاسباني المسلم، من مختلف الأصول خاصة الطلبة الذين يدرسون في الجامعات الاسبانية، وذوي المؤهلات العليا التي تمكنهم مستقبلا من اختراق مراكز صناعة القرار والتوغل فى المناصب السياسية العليا.

وجائت تلك الخطوة بعد أن عقد الاتحاد الإسباني للمنظمات والجماعات الدينية الإسلامية باسبانيا، وهو الكيان المؤلَّف من أكثر من 200 منظمة وجمعية، العديد من الاجتماعات الغير معلن عنها للاعلام والصحافة، والتي طرح خلالها فكرة إنشاء حزب إسلامي فى اسبانيا، يسعى لضم اكبر قدر ممكن من الشباب المسلم فى كافة قطاعات اسبانيا، وأن يخضع لإرشاد جماعة العدل والإحسان، وهي سلسلة الاجتماعات التى كان أخرها بشهر يونيو الماضي، وجميعها كانت تهدف لاختراق مناصب ومؤسسات الدولة الاسبانية.

وان كان معلوم للجميع أن حزب النهضة التونسي والعدالة والتنمية المغربي يندرجا تحت لواء جماعة الاخوان المسلمون، ومعروفين للرأي العام بحكم ان حزب النهضة بقيادة شيخه راشد الغنوشي تولى رئاسة الحكومة التونسية من قبل، ومؤخرا جأوا فى مقدمة انتخابات البرلمان، وحزب العدالة والتنمية يعلمه الراي العام العربي جيدا بحكم انه الحزب الحاكم فى المغرب منذ سنوات طويلة، فثالث تلك الاحزاب الذى قد تكون أذن المواطن العربي لم تسمع عنه كثيرا هو حزب العدل والإحسان الذى يعد أحد أكبر التنظيمات الإسلامية بالمغرب، بعد ان أسس على يد عبد السلام ياسين، وتولى منصب مرشدها العام حتى وفاته سنة 2012، ثم خلفه محمد عبادي في 24 ديسمبر 2012 بلقب الأمين العام، بعد ان تقرر الاحتفاظ بلقب المرشد العام لمؤسس الجماعة عبد السلام ياسين.

وتختلف جماعة العدل والاحسان عن الحركات السلفية ببعدها الصوفي، وتتميز عن الطرق الصوفية بنهجها السياسي المعارض، واتخذت منذ نشأتها أسماء متعددة من أسرة الجماعة، إلى جمعية الجماعة، ثم الجماعة الخيرية، لتعرف ابتداء من سنة 1987 بأسم “العدل والإحسان” وهو شعارها الذي أخذته من الآية القرآنية: “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون”.

والان يا أحبائي ونحن ننظر لخريطة اوروبا وما تحمله لندن من ثقل اخوني هائل، فلندن وحدها بها مئات المطلوبين امنيا من السلطات المصرية، وهم عناصرمنتمية لجماعة الاخوان الارهابية، بجانب روما التى تحتضن بعض رؤوس جماعات الاخوان الليبية، وبالامس الاسلاميون فى بلجيكا يذهبون لما هو ابعد من ما كانوا يخططوا له سابقا، بعد سعي الحزب الاسلامي فى بلجيكا (مقر الاتحاد الاوروبي) أحد متصدري الساحة السياسية البلجيكية، لترشيح مندوبين عنه في انتخابات هيئات السلطة المحلية المقررة فى أكتوبر القادم، بعد ان قرر الحزب ترشيح أعضاؤه على 28 بلدية في بلجيكا.

واليوم فى اسبانيا يتخذوا قرار عليه العديد من علامات الاستفهام فى توقيته، خاصة وان للعلاقة بين المملكة المغربية وجارتها الشمالية المملكة الاسبانية علاقة حساسة ورقيقة جدا، لا تتحمل أي أحداث ثقيلة، فى ظل تورط عشرات المغاربة فى تنفيذ اعمال ارهابية باسبانيا بالاعوام الثلاث الاخيرة، ولا ننسى كم المشادات بين مدريد والرباط بأخر عامين، حتى أنه تم احتجاز زورق العاهل المغربي بالمياة الاقليمية الاسبانية لساعات.
فبعد كل ما سبق من الدول الاوروبية التى تشهد حراك اسلامي اخواني، بجانب ما تشهده باقي العواصم الاوروبية من عمليات اقتصادية مريبة كغسيل الاموال وغيرها بعد أن أنتقلت كل رؤوس الاموال الاخوانية من مصر والسعودية وغيرهم من الدول العربية الى اوروبا، أدعوكم أن تتأملو كيف سيكون شكل القارة العجوز المهددة فى هويتها، والتى تتغير كل يوم ملامح ولون بشرتهان بحكم الكم الهائل من الهجرة الغير شرعية التى تصل لسواحل جنوب اوروبا.

والسؤال الاخطر وهو ما طرحنا سابقا، كيف سيكون شكل الاسلام فى اوروبا؟، فى ظل بدأ الاسلاميون المهاجرين للقارة العجوز من الشرق الاوسط وافريقيا سواء لاسباب الحروب او التضييق الامني على انشطتهم الارهابية ببلادنا، فى ترصيص صفوفهم وتنظيمها لبدأ التحرك الجماعي، فى ظل تأثر مسلمي اوروبا الذين ولدوا وعاشوا فى المجتمع الاوروبي المتحضر بالفكر الداعشي (حسب تقارير تلك الدول)، حتى رأينا قيادات لداعش فى سوريا والعراق من اصول وجنسيات اوروبية.

وما السر فى ذلك التوقيت الذى قرر فيه اخوان المغرب العربي اختراقهم للمجتمع الاسباني ومؤسساته علنا، وهل لرحيل رئيس الوزراء الاسبق ماريانو راخوي وقدوم بيدرو سانشيز الملحد (الذى رفض تأدية اليمين على كتاب الإنجيل، مطالبا بإبعاد أي صلبان خلال مراسم التنصيب) خلفا له بعد تدخل من نادي بيلدربيرج، الذى كانت اولى انذارته لراخوي بالرحيل فى 2012، هو سبب فتح شهيتهم للتوغل فى الساحة السياسية لأعرق ممالك اوروبا؟ ام ماذا؟

باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق