السلايدر الرئيسيتحقيقات
مقاربةٌ لـ “حزب الله” حول تداعيات قضيّة خاشقجي على لبنان ونصر الله سيتحدّث غدًا
جمال دملج
– بيروت – من جمال دملج – بعدما أكَّد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” الحاج وفيق صفا على عدم وجود أيِّ علاقةٍ ما بين بوادر الانفراج التي يشهدها ملفّ تشكيل الحكومة اللبنانيّة العتيدة في هذه الأثناء وما بين انشغال بعض دول الإقليم بتداعيات التطوُّرات المستجِدّة تباعًا على الساحة العالميّة في ضوء استمرار الغموض حول لغز قضيّة اختفاء الصحافيّ السعوديّ جمال خاشقجي داخل مقرّ قنصليّة بلاده في مدينة اسطنبول التركيّة نهار الثاني من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) الجاري، يترقَّب اللبنانيّون في الموازاة إطلالة الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصر الله غدًا الجمعة لمعرفة فحوى ودلالات ما سوف يقوله حول هذه النقطة بالتحديد، أملًا في استقراء ملامح المرحلة المقبلة على الساحة المحلّيّة، ولا سيّما بعدما كانت المؤشِّرات قد دلَّت خلال الأيّام القليلة الماضية إلى أنّ إرهاصات انشغال إيران بالعمل على احتواء الآثار المحتمَلة لتشديد العقوبات الأميركيّة عليها من جهةٍ، معطوفةً على إرهاصات قضيّة خاشقجي من جهةٍ أخرى، هي التي أدّت إلى تسهيل المخاض الحكوميّ في كلٍّ من لبنان والعراق على حدٍّ سواء.
ولعلّ ما نشرته صحيفة “النهار” في عددها الصادر اليوم الخميس عن أنّ بريطانيا تخطِّط للسعي حاليًّا مع قوى غربيّةٍ، على غرار ما قامت به الولايات المتّحدة الأميركيّة، إلى تضييق الخناق على إيران عبْر ما تسمّيه بـ “الكيانات التي تأتمُر بأمرها”، وأبرزها “حزب الله” اللبنانيّ، سوف يفرض على السيّد نصر الله واجب التحدُّث بشأنه، ولا سيّما أنّ الإجراءات المتوقَّعة في هذا السياق تتمثَّل في احتمالِ فرضِ حظرٍ على الجناح السياسيّ للحزب بعدما كان قرار حظر جناحه العسكريّ قد دخل حيِّز التنفيذ منذ عام 2008، الأمر الذي سيؤدّي بشكلٍ تلقائيٍّ إلى تقييدِ حركةِ السفر لعددٍ كبيرٍ من المشتبه في تعاونهم مع الحزب، وليس فقط لأعضائه، إضافةً إلى القيود على انتقال الأموال والتحويلات، الأمر الذي يعني في إطار ما يعنيه أنّ هذا الحظر قد يطال عددًا من الوزراء في التشكيلة الحكوميّة الجديدة، علمًا أنّ السلطات البريطانيّة أبدت رغبتها في الإبقاء على علاقاتها مع الحكومة اللبنانيّة.
وعلى رغم أنّ هذا الحظر الغربيّ المرتقَب لا يعني بالضرورة دخول “حزب الله” في أزمةٍ وجوديّةٍ مستفحِلةٍ من شأنها أن تهدِّد حاضره ومستقبله بالفعل، وخصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار أنّ بيئاته الحاضِنة في كلٍّ من المجالين الرسميّ والشعبيّ لا تزال تُحصِّنه بقوّةٍ في مواجهة كافّة أشكال التهديدات والتحدّيات الداخليّة والخارجيّة، فإنّ ما ينبغي قوله في الموازاة هو أنّ أيَّ مكابرةٍ تستهدف القفز فوق واقع الحال الذي يؤكِّد يومًا بعد يومٍ على أنّ التقليل من شأن التأثيرات المحتمَلة لقضيّة جمال خاشقجي على مسار الارتصافات القائمة حاليًّا في العالم، من أقصاه إلى أقصاه، بما فيه لبنان، لن تصُبّ في نهاية المطاف سوى في سياق مبدأ الاختباء وراء الأصابع، ولا سيّما بعدما بات في حُكم المؤكَّد أنّ قوّة الهزّات الارتداديّة لأيِّ زلزالٍ قد يُصيب هيكليّة الأسرة السعوديّة الحاكمة ستكون حتمًا أشدّ على دول الإقليم من الزلزال بكثيرٍ، سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا، الأمر الذي يُفسِّر سرّ تزامُن دخول فريق التحقيق التركيّ إلى مقرّ القنصليّة السعوديّة في اسطنبول مساء أوّل من أمس الثلاثاء مع وصول أكبر حاملةِ طائراتٍ أميركيّةٍ إلى ميناء الدوحة، حيث يقع مقرّ “قناة الجزيرة الفضائيّة” التي أظهرت آليّة تغطياتها الإخباريّة خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية أنّها أصبحت تركِّز على التسويق لبدء عمليّة العدّ العكسيّ لموعد إدانة وليّ العهد السعوديّ محمد بن سلمان بقتل جمال خاشقجي، خدمةً لأجنداتٍ تتعلَّق بالصراع الدائر حاليًّا ما بين البيت الأبيض من جهةٍ وما بين وكالة المخابرات المركزيّة (سي آي إي) من جهةٍ أخرى، وهو الصراع الذي دفع الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين إلى الإعراب عن اعتقاده اليوم الخميس بأنّ الولايات المتّحدة تتحمَّل مسؤوليّة ما حدث للصحافيّ المغدور نظرًا لأنّه كان يُقيم على أراضيها.
على هذا الأساس، يُصبح في الإمكان القول إنّ مقاربة الحاج وفيق صفا حول الحالة السعوديّة الراهنة ومدى انعكاساتها على لبنان لم تكن موفَّقة بأيِّ شكلٍ من الأشكال هذه المرّة… وحسبي أنّ السيّد حسن نصر الله سيقوم غدًا بإعادة وضع إبرة بوصلة المقاربات الخاصّة بتداعيات قضيّة جمال خاشقجي على السعوديّة، ومن ثمّ على العالم بأسره، في اتّجاهها الصحيح، بشفافيّةٍ تامّةٍ ومن دون أيِّ مكابرةٍ مصطنَعةٍ، عسى أن يؤدّي ذلك إلى تحصين لبنان في مواجهة الهزّات القادمة… والخير من وراء القصد.