مال و أعمال
السعودية تقرّ أنها تمرّ بأزمة بسبب قضية خاشقجي وتحاول طمأنة المستثمرين
– أقرّت الرياض الثلاثاء أنها تمرّ بأزمة بسبب قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، ساعية الى طمأنة قطاع الأعمال في افتتاح مؤتمر اقتصادي هام تأمل أن تستقطب من خلاله استثمارات من شركات عالمية.
في الرياض، طالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء بأن تتم محاكمة المشتبه بهم ال18 في قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول، مشيرا الى ان التخطيط لعملية القتل تم قبل أيام من حصولها، ومعتبرا أن كل الضالعين في هذه القضية يجب ان يعاقبوا.
وقال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح خلال مشاركته في أول أيام منتدى “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض “كما تعلمون هذه أيام صعبة (…) ونحن نمر بأزمة”.
واعتبر أن مقتل خاشقجي “مقيت ومؤسف ولا يمكن لأحد في المملكة أن يبرّره”.
وافتتح المؤتمر الهادف إلى جذب الاستثمارات للمملكة الغنية بالنفط والساعية الى تنويع اقتصادها صباحا وسط إجراءات أمنية مشددّة في فندق “ريتز كارلتون” في العاصمة السعودية.
ويتحدث في اليوم الأول من المنتدى الذي يستمر حتى الخميس، الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمارات الخاصة الروسي كيريل ديميتريف، ورئيس مجلس إدارة المجموعة النفطية الفرنسية “توتال” باتريك بوياني، ومسؤولون سعوديون ورجال أعمال.
ولم يتأكّد بعد حضور ولي العهد الامير محمد بن سلمان المنتدى. وكان شارك في النسخة الاولى للمنتدى العام الماضي عارضا أبرز نقاط خطته الإصلاحية القائمة على الانفتاح والانعتاق من سياسة التشدد على الصعيد الاجتماعي.
وينظّم المؤتمر صندوق الاستثمارات العامة الذي يترأسه ولي العهد.
وتسعى السلطات السعودية من خلال هذا الحدث إلى تقديم المملكة المحافظة على أنها وجهة تجارية واستثمارية مربحة، في إطار خطة تنويع الاقتصاد المرتهن تاريخيا للنفط، وتمهيد الطريق لمبادرات جديدة وعقود بمليارات الدولارات.
ولكن مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول يطغى على المؤتمر.
– “قطاع النفط مستمر بالنمو” –
وألغى مسؤولون دوليون ورؤساء شركات مشاركتهم في المنتدى الاقتصادي، بينهم رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، بسبب القضية.
وقال الفالح أيضا في كلمته اليوم إن قطاع النفط في المملكة سيستمر في النمو في إطار خطة التنويع الاقتصادي التي تحمل مسمى “رؤية 2013”.
وأشاد الفالح بحضور رئيس مجلس إدارة المجموعة النفطية الفرنسية “توتال” باتريك بوياني، قائلا إن هذه الخطوة “تظهر حقيقة معدنه”. فردّ بوياني أن “الشراكة الحقيقة تظهر في الأوقات الصعبة”.
ووقّع الوزير ومسوؤلون في قطاع الطاقة السعودي اتفاقيات ومذكرات تفاهم على هامش أعمال المؤتمر في مجالات النقل والنفط والصناعة، علما أن بعض هذه الاتفاقيات سبق أن أعلن عنها في أوقات سابقة.
وقالت قناة “الإخبارية” الحكومية إن قيمة هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تقدّر بأكثر من 30 مليار دولار.
– إردوغان يطالب بمعاقبة كل المسؤولين عن القتل –
وبعدما أكدت السلطات السعودية أن خاشقجي غادر القنصلية التي دخلها في الثاني من تشرين الأول/اكتوبر، عادت وقالت إنه قتل في داخلها، نافية أي دور لولي العهد في ذلك، تعليقا على تقارير إعلامية تحدثت عن احتمال تورطه.
وحمّلت الرياض مسؤولية مقتل خاشقجي الذي كان يعيش في الولايات المتحدة ويكتب مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” منتقدة لبعض سياسات الأمير محمد، لمجموعة من السعوديين قالت إنهم حاولوا التفاوض معه في القنصلية لإعادته الى المملكة، قبل ان يندلع شجار و”اشتباك بالأيدي” ما أدى الى مقتله.
وذكرت أنها أوقفت 18 شخصا على ذمة القضية، متعهدة بمحاسبة المتورطين، وقامت بإعفاء مسؤولين أمنيين من مهامهم، بينهم نائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري إضافة الى المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني.
ودعا إردوغان اليوم في خطاب أمام كتلة نواب حزب العدالة والتنمية في أنقرة إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في قتل خاشقجي، مضيفا أنه واثق من التعاون الكامل للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. وقال “لقد قاموا أولا بنزع القرص الصلب من نظام الكاميرا، هذه جريمة سياسية”.
وأضاف “أطالب بأن تتم محاكمة الأشخاص ال18 في اسطنبول”، مضيفا “كل الذين لعبوا دورا في القتل” يجب ان يعاقبوا. وأشار الى أن جريمة القتل “تم التخطيط لها” قبل أيام وأعدها فريق سعودي أوفد الى اسطنبول لهذه الغاية.
وانتشرت عند مدخل فندق “ريتز كارلتون” سيارات الشرطة والقوات الخاصة، وقام عناصر في الحرس الملكي، بينهم نساء، بتفتيش الصحافيين والمشاركين في المنتدى.
وفي هذا الفندق، أوقفت السلطات لأسابيع عشرات الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال على خلفية قضايا قالت إنها تتعلق بالفساد، بأمر من ولي العهد.
وتعطّل مساء الاثنين الموقع الالكتروني للمنتدى بعد تعرّضه على ما يبدو لهجوم الكتروني. كما تعطّل الموقع مجددا مرات عدة بعيد انطلاق أعمال المنتدى.
وتقول مجموعة “أوراسيا” الاستشارية للمخاطر أن ولي العهد يواجه “أزمة علاقات عامة حادة”.
وينتهج الأمير محمد سياسة القبضة الحديدية في الملفات الرئيسية في المملكة. وبعد توليه منصبه، جرت حملة اعتقالات طالت رموزا دينية وثقافية وحقوقية، بالتوازي مع حملة انفتاح اجتماعي شهدت السماح للنساء بقيادة السيارات وإعادة فتح دور السينما.
وتشارك الرياض في حرب مكلفة في اليمن وتقود “حصارا” دبلوماسيا على قطر، ما يثير قلق المستثمرين.
وحصلت أزمات دبلوماسية بين الرياض ودول غربية بينها ألمانيا وكندا منذ تسلم الأمير محمد الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع، ولاية ولي العهد في حزيران/يونيو 2017.
وتهدد هذه النزاعات العلاقات بين السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، ودول عدة. وقد دعت برلين الإثنين الأوروبيين إلى تعليق عقود التسليح الجديدة مع الرياض ما لم تكشف حقيقة قضية خاشقجي. (أ ف ب)