– تونس – من سناء محيمدي – عاد الجدل إلى الساحة السياسية بتونس، مع إعادة محاكمة وزير الداخلية احمد فريعة، أحد رموز نظام زين العابدين بن علي، الذي اعيد فتح ملفه القضائي من جديد ضمن مسار العدالة الانتقالية بتونس بقيادة هيئة الحقيقة والكرامة.
وكانت المحكمة الابتدائية بتونس، قررت حظر السفر عن وزير الداخلية الأسبق أحمد فريعة، آخر وزير داخلية في عهد بن علي، في قضية ما تسمى باحداث الثورة بلافايات، وفي أول تعليق لوزير الداخلية الأسبق على قرار المحكمة أكد استعداده للمثول أمام القضاء التونسي موضحا أنه تسلم منصب وزير الداخلية لمدة 48 ساعة قبل سقوط نظام بن علي في 14 من كانون الثاني/يناير عام 2011.
استنكار ورفض
ورافق قرار إعادة محاكمة الوزيرموجة استنكار من قبل سياسيين وأحزاب، وانتقد رؤساء حزب “حركة مشروع تونس” و”آفاق تونس”، والكتلة البرلمانية لحزب النداء، إعادة محاكمة وزراء ومسؤولين سابقين في قضايا سبق أن بت فيها القضاء بصفة نهائية.
واعتبروا ان هذه المحاكمات الجديدة تفتح الطريق أمام مناخ الشك لستقلالية السلطة القضائية، وخضوعها لضغوطات هيئة الحقيقة والكرامة (هي هيئة دستورية تأسست بمقتضى قانون عدد 53 لسنة 2013، المؤرخ في 24 كانون الأول/ديسمبر 2013، والمتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، وتهدف إلى ضمان مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد وقبلت الهيئة نحو 62 ألف ملف، وحولت 32 ملفا للقضاء المتخصص في العدالة الانتقالية).
وبخصوص هذه المسألة، تحدثت صحيفة “” مع السياسي التونسي نجيب الشابي أحد معارضي بن علي الذي طالب برفع قرار حظر السفر عن الوزير التونسي، موضحا أن أحمد فريعة شخصية دولية مرموقة ولا مبرر لهذا الإجراء، على حد قوله.
وأشار الشابي إلى غياب أدلة توحي بأن الوزير الأسبق يسعى للهرب من تونس، او الإفلات من العقاب او عدم المثول أمام العدالة، مبديا استغرابه من هذا القرار خاصة وأن القضاء العسكري قد بت في ملفه القضائي سابقا وقضت المحكمة بعدم سماع الدعوى.
الأمل الأخير للمحاسبة
من جهته، استغرب المحلل السياسي والكاتب الصحفي سليم الحكيمي في حديثه لـ”” موجة الاستنكار والجدل الحاد على خلفية قرار إعادة محاكمة أحد رموز نظام بن علي، معتبرا أن العدالة الانتقالية بتونس هي الأمل الأخير للمضطهدين والمظلومين، باعتبار أن الدول الديمقراطية تستمد قوتها من سلطة القانون، مؤكدا أن القضاء سينصف من ثبت براءته، وسيدين من ثبت تورطه.
ويرى الحكيم أن الأزمة الفعلية بتونس هي عدم تقبل مثول وزير أمام القضاء، وباعتقاده هو مشهد غير مألوف في تونس، إلى جانب التشكيك في في عمل الهيئة حيث عمل النظام القديم على عرقلة مهامها.
وتقول ليلى حداد محامية عائلات شهداء الثورة، لـ”” انه منذ حزيران/يونيو 2017 شرعت الهيئة في إحالة الملفات القضائية المتخصصة للعدالة الانتقالية بعد فترة من التحقيق والتثبت والاستماع إلى الضحايا والاتصال بالمتهم ين.
وتوضح المحامية التونسية أن بعض قضايا العدالة الانتقالية لم تشهد حضور المتهمين الرئيسيين أمام القضاء ، فكان من بين صلاحيات الدوائر الجنائية إصدار بطاقة جلب، ومنع السفر وهي إجراءات اتخذت لتوفير محاكمات عادلة وضمان المواجهة بين المتهمين والضحايا.
وعن قضية الوزير احمد فريعة، تكشف الحداد عن “سقوط 23 شهيدا ما بين يومي 13 و14 يناير في تونس الكبرى، وان أمتثاله للقضاء العسكري لا يعني عدم مثوله امام العدالة الانتقالية، مشددة بقولها ان مسار العدالة الانتقالية ليس للتشفِ وإنما الوصول إلى سلم اجتماعي عبر اعتذار المسؤولين، ووضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب وعدم المحاسبة.
وكانت قضية كمال المطماطي الذي قتل تحت التعذيب ولم يعرف مصير جثته إلى اليوم أولى محاكمات العدالة الانتقالية في تونس، وسعيا للقطع مع الإرث القديم في انتهاك حقوق الإنسان أنشئت”الحقيقة والكرامة” لإنصاف ضحايا سنوات الاستبداد الطويلة وهي تملك سلطة إحالة المتورطين في حالات القتل والتعذيب والفساد إلى المحاكم.