العالم
مرشح اليمين المتشدد يقترب من رئاسة البرازيل الأحد
– يدلي الناخبون في البرازيل الأحد بأصواتهم في الجولة الثانية من انتخابات رئاسية شابت حملتها انقسامات ويتقدم فيها العسكري السابق جاير بولسونارو الذي تعهد بإنقاذ البلاد من أزمتها بقبضة من حديد.
واستغل الضابط السابق بولسونارو الغضب العميق السائد ازاء المؤسسات التقليدية لكنه أثار كذلك نفور جزء من الناخبين عبر تصريحاته التي اعتبرت مهينة بحق النساء والمثليين وذوي الأصول الافريقية. ويتنافس معه اليساري فرناندو حداد، رئيس بلدية ساو باولو السابق.
وتقلص الفارق بين الخصمين إلى ما بين ثماني وعشر نقاط بعدما بلغ في منتصف تشرين الأول/أكتوبر 18 نقطة، بحسب آخر استطلاعي رأي نشرا السبت والذي حصل بموجبهما مرشح اليمين على 55 بالمئة من الأصوات.
وبينما تغلب حداد الذي أدلى بصوته في ساو باولو في أجواء مشحونة على الكثير من المصاعب، إلا أنه سيكون من الضروري حدوث تحول كبير ليتمكن من الفوز.
وبعد خروجه من مركز الاقتراع رافعاً علامة النصر أمام الكاميرات، وقعت اشتباكات بين أنصار اليسار واليمين المتشدد ما استدعى تدخل الشرطة لفضها.
وقال حداد (55 عاما) “استيقظت البرازيل خلال الأيام الأخيرة وأتطلع إلى النتائج بكثير من الأمل” محذراً من أن “الديموقراطية والحريات الفردية في خطر”.
من جهته، كان بولسونارو (63 عاما) وجه نداءه الأخير في إطار الحملة الانتخابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي لجأ إليها لمواصلة حملته بعدما تعرض للطعن في بطنه خلال تجمع الشهر الماضي في هجوم نقل على إثره إلى المستشفى لثلاثة أسابيع.
وقال عبر موقع “تويتر” “بمشيئة الله سيكون (الأحد) عيد استقلالنا الجديد”.
– بين العنصرية والفضائح –
وبرزت في الانتخابات التي تأتي في أعقاب حالة ركود اقتصادي وفضيحة تتعلق بالفساد شهدتها الدولة العملاقة في أميركا اللاتينية، شخصيات متنوعة حتى بمعايير هذه الحقبة التي ازدادت فيها النزعات الانقسامية والمناهضة للمؤسسات التقليدية حول العالم.
ويثير بولسونارو نفور قسم كبير من الناخبين وكثيرين ممن هم خارج البلاد عبر خطابه العنصري والمعادي للنساء والمثليين.
وفي إحدى المرات، قال لنائبة يعارضها إنها “لا تستحق حتى أن يتم اغتصابها” بينما أكد في مناسبة أخرى أنه يفضل أن يموت ابناؤه على أن يكونوا مثليين. وعلق بعد زيارة قام بها لمجموعة من السكان السود أنهم “لا يقومون بشيء — إنهم بلا جدوى لدرجة تجعلني أشك في قدرتهم على التكاثر”.
لكن نسبة أكبر من الناخبين ترفض حداد وإرث حزبه “حزب العمال” الملطخ بالفضائح.
وترشح حداد كبديل للرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 12 عاما بتهم الفساد وتبييض الأموال. وتولى لولا دا سيلفا رئاسة البرازيل في فترة ازدهارها بين العامين 2003 و2010.
وواجه حداد الذي يفتقد إلى الكاريزما التي يتمتع بها لولا دا سيلفا، صعوبات في محاولته توحيد صفوف معارضي بولسونارو رغم تفاقم المخاوف بشأن الشكل الذي ستكون عليه ولاية العسكري السابق الرئاسية.
– تصويت للتعبير عن الرفض –
ويحن بولسونارو دون أي خجل إلى النظام العسكري الديكتاتوري الذي حكم البلاد من العام 1964 وحتى 1985 حيث يتهم بامتلاكه نزعات استبدادية.
وقال في إحدى المرات إن “خطأ” النظام العسكري تمثل بتعذيبه بدلاً من قتله المعارضين اليساريين والأشخاص الذين يشتبه تعاطفهم معهم.
لكن في ظل مناخ مناهض للمؤسسات التقليدية لاقت خطاباته قبولا أكثر من مواقف حداد.
وتبدو الانتخابات أشبه باقتراع ضد أمر يرفضه البرازيليون أكثر من كونه للتصويت لصالح ما يريدونه.
وأكد طالب الهندسة والمنتج الموسيقي إلياس شايم (23 عاما) لوكالة “فرانس برس” في مركز اقتراع مقابل شاطئ كوباكابانا الشهير في ريو دي جانيرو “لست متحمساً إذ لا أحب أياً من المرشحين”.
وأضاف “لكنني أريد أن أصوت لحداد حيث أن خطاب الكراهية وعدم التسامح الذي يتبناه بولسونارو يشكل خطراً على بلدنا”.
وفي العاصمة الاقتصادية ساو باولو، يؤكد ماركوس كوتايت (40 عاما) الذي يعمل في مجال الدعاية أنه لم ير “قط انتخابات بهذه الدرجة من الاستقطاب”.
وأضاف “كان الناس يصوتون لما يرغبون به، وليس فقط ضد أمر ما”.
– أزمات –
ويشير العديد من المحللين إلى أن بولسونارو، مرشح الحزب “الاجتماعي الليبرالي” ليس إلا جزءاً من ارتدادات الأزمة التي عانت منها البرازيل منذ انهارت سنوات حزب “العمال” الـ13 في السلطة بإقالة ديلما روسيف في 2016.
وشملت هذه الأزمات انكماش الاقتصاد البرازيلي بنحو سبعة بالمئة في أسوأ حالة ركود شهدتها البلاد من 2015 إلى 2016.
وأثارت الفضيحة المرتبطة بشركة النفط الحكومية “بيتروبراس” التي سجن لولا دا سيلفا على إثرها اشمئزاز الناخبين من فساد السياسيين ورجال الأعمال. يضاف إلى ذلك تنامي حدة الغضب جراء انتشار الجرائم العنيفة حيث تم تسجيل عدد قياسي من جرائم القتل العام الماضي بلغ 63 ألفا و883 جريمة.
أما الرئيس المنتهية ولايته ميشال تامر المتورط كذلك بالفساد، فستنتهي ولايته في الأول من كانون الثاني/يناير كالرئيس الأقل شعبية في تاريخ البرازيل الديموقراطي الحديث.
وسيدلي ناخبو البرازيل البالغ عددهم 147 مليوناً بأصواتهم حتى الساعة 22,00 ت غ. ويتوقع أن يتم إعلان النتائج حوالي الساعة 23,00 ت غ.
(أ ف ب)