أقلام يورابيا

في عمق جذور “عيد الهالوين”

سمر نادر

سمر نادر

ينجذب الكثيرون للغوص في عمق جذور “عيد الهالوين” ويندفع البعض أكثر وأكثر للتساؤل عن مفهومه وإرتباطه الوثيق بالارواح والخوف والموت في المخيلة الشعبية.

لا بد “اولا” من تفصيل صغير يُحدد مفهوم العيد و التسمية و يفصل بينهما.

إن عبارة “All Hallows’ Eve ” تعني عشية عيد جميع القديسين لدى الطائفة المسيحية الكاثوليكية يُحتفل به في الاول من تشرين الثاني من كل عام، اما “هالوين” هو طقس وثني يعود الى القرن الثامن عشر يرتبط في ذاكرة الشعوب (خاصة ايرلندا) بانتهاء فصل الصيف والخصب وابتداء فصل الظلام(الشتاء) و يُترجم بالسحر ومحاولة استرضاء الارواح التي تعود الى الارض في مثل هذا اليوم ويُحتفل به بأزياء تنكرية في ٣١ من تشرين الاول من كل عام .

هذا التزامن بين العيدين والتحريف في العبارة ” All Hallow’s Eve” الى “هالوين” مزج بينهما وهما في الحقيقة مختلفان في العمق الديني و المعنى و الفحوى.

يُعتبر “الهالوين” من الاعياد المهمة لدى الدول الغربية يحتفلون به و يزينون مداخل بيوتهم وشوارعهم باليقطين المحفور و المضاء والالعاب على اشكال اشباح مخيفة وهياكل عظمية وسلال الحلوى ، ومن تقاليد العيد أن يتنكر الكبار والصغار ويدورون من منزل لمنزل لجمع النقود والحلوى ، هذا التنكر تعود جذوره الى الموروث الشعبي لديهم حيث تقول الاسطورة ان الارواح تعود هذه الليلة لمعاقبة اصحابها والتنكر هو افضل اسلوب لترويع وتخويف هذه الارواح حتى تضل سبيلها.

تكاد لا تخلو ثقافة من ثقافات الشعوب من طقس ٍ يحتفي بتذكار الموتى وزيارة القبور والصلوات ،
لكن “الهالوين” الطقس الاكثر جدلا” و رعبا” وهيمنة” لروح الخوف فيه وقد ساهم الاستغلال التجاري الواسع بصبغ هذه المناسبة بهذه الصورة الدرامية العدائية في التفنن في الازياء والوجوه التنكرية الشريرة والمرعبة .

هذا الهالوين يكاد لا يترجم وجها واحدا من وجوه “الهالوين” الدائم الذي تتجول أقنعته بيننا باختلاف الحكايا المدفونة تحتها.

أقنعة تخفي عيوبنا ، ذنوبنا ، طمعنا ، جشعنا ، امانينا ، احلامنا ، خجلنا، كرهنا و ربما عجزنا عن توصيل فكرة حب وفرط وله.
أقنعة نرتديها للهروب بعيدا” عن حاجات قلوبنا ، نتوارى خلفها بابتسامة تحجب مقاصدنا .

أمقت ارتداء الاقنعة لكني لي وجه كسائر البشر ، يتغيّر ، يتبدّل ، يتلّون و يتركني امام متاهات الزيف ، أخفي هزيمتي امام اغوار نفسي و أتفنن في تمثيل دوري على مسرح الحياة.

وجوهنا الاقنعة الاكثر رعبا” لا نتهافت على شراء تعابيرها وملامحها فهي انتاج محلي بحت ، فلكل صباح قناع نختاره بعناية فائقة ليناسب مزاجنا و يومنا .
صباحاتنا مقنّعة ، اعمالنا مقنّعة ، مشاعرنا مقنّعة ، كل اختياراتنا وتحركاتنا مقنّعة في محاولة لإرضاء ما حولنا بعيدا” عن ما نتمناه .

فكم “هالوين” بعد سيمرّ على حياتنا لنرمي قناع الخوف من نفوسنا ونُجبر قلوبنا على مواجهة مرآة الذات؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق