– غزة – من محمد عبد الرحمن – لم يتوقع الخريج عبد الرحمن حميد (25 عاماً)، تخصص إدارة أعمال من جامعة الأزهر في غزة، بتقدير جيد جدا أنه لم يجد عملا بعد تخرجه من الجامعة، فهو لم يترك باباً إلا وطرقه، ولكن صدت في وجهه كافة الأبواب ،فكان الحل الوحيد أمامه أن يتحدى الظروف ويعمل في مهنة التوصيل السريع”الديلفري ”
فهذه المهنة أصبحت مهنة الخرجين العاطلين عن العمل رغم مرددوها المالي القليل ويرى حميد أن عمله في مهنة التوصيل السريع أفضل من الجلوس في البيت .
ويقول الشاب العشريني في حديثه لـ” “: “قبل تخرجي من الجامعة توقعت أن أنهي دراستي، وبعدها أحصل على وظيفة ولكن ليس ما نتوقعه ونتمناه يحصل، فبعد التخرج لم أترك مؤسسة حكومية أو قطاع خاص إلا وتوجهت لها، ولكن لا حياة لمن تنادي فقررت عدم البحث عن عمل في مجال دراستي، وأن أعمل في مجال أخر حتى أتغلب على ظروفي، فعملت في مهنة التوصيل السريع .
من الصباح الباكر وبكل همة ونشاط يبدأ عبد الرحمن عمله ويقوم يتجهيز طلبات الزبائن من المحلات التجارية ،أو من مستودع الشركة التي يعمل بها ومن ثم يقوم بتوصيلها لباب المنزل، وذلك مقابل أجر زهيد لا يتعدى أربعة شواقل .
ولا يمكن أن يخلو طريق من العقبات، فالشاب حميد يواجه صعوبات أثناء تأدية عمله في مهنة التوصيل السريع “الديلفري ” فازدحام الأسواق ،واستغراق الوقت للبحث عن مكان الزبائن الذي يريد أن يوصل لهم طلباتهم، الأمر الذي يدعوهم للنفور في وجه، بدلاً عن تقديم الشكر .
و اضطر حسام أبو راس العمل في مهنة التوصيل السريع “الديلفري ” ليتغلب على البطالة ،فهو خريج من كلية التجارة بالجامعة الإسلامية، ولم يجد سوى هذه المهنة لتوفير لقمة عيشه والتغلب على مصاعب الحياة .
أجر بسيط
ويؤكد أبو راس أن والده أجبره أن يترك المؤسسات التي يتدرب بها ،التي لا تدر عليه سوى التعب ودفع المال من جيبه الخاص، وأقنعه أن أسرته بحاجة إلى من يعينها وليس زيادة العبء، عليها مشيراً إلى أن الأجر، الذي يحصل عليه بسيط جدا، ولكنه أفضل من لا شيء على حد تعبيره .
مهنة الديلفري أصبحت ملاذا للخريجين العاطلين عن العمل ،الذين لجئوا لتوفير لقمة العيش، وضمان العيش بكرامة بعد أن صدت في وجوههم كافة السبل والأبواب، في ظل وضعاً اقتصادياً صعباً، بسبب قلة فرص العمل والزيادة في نسبة البطالة .
حكاية أخرى تروي تفاصيل حياة الخريج محمد راضي(25 عاماً) الذي ترك التدريب بمكاتب المحاماة والمحاكم وعمل في مهنة التوصيل السريع “الديليفري”، ليكون قادرا على توفير المال الذي يضمن الحياة الكريمة له ولأسرته التي لا يوجد لها معيل غيره .
تخرج راضي قبل ثلاثة سنوات من جامعة الأزهر كلية الحقوق ،كان يحلم بان يعمل في مجال دراسته، ويكون محامي حال تخرجه من الجامعة ،ولكن هذا الحلم لم يتحقق بسبب البطالة وقلة فرص العمل للخرجين، وحاجة عائلته لمن يوفر لها المال نظرا للظروف الصعبة، التي تمر بها .
التخلي عن حلمه
ويقول في حديثه لـ” ” :”خلال عملي في مهنة التوصيل السريع “الديلفري “أكون قادرا على توفير بعضا من المال اللازم الذي يضمن توفير لقمة العيش لأسرتي وبعض متطلباتي الشخصية”، مشيرا ألا أنه قرر التخلي عن حلمه، بأن يكون صحفي مشهور من اجل توفير لقمة العيش .
ويتابع :قررت التخلي أن حلمي لأنه عندما أتقدم لوظيفة ،أحتاج لخبرات عملية وهى تحتاج لعمل تطوعي بدون أى مردود مالي ،فنحن في ظل الأوضاع الصعبة لا نستطيع أن نعمل بدون مقابل، فالحياة صعبة للغاية وهناك التزامات يجب أن نعمل مقابل مال .
مصدر رزق
بدوره يؤكد أحمد المدني مدير شركة “اليمامة ديلفري” أن فكرة أنشاء الشركة جاءت ،تحدياً للظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، وقلة فرص العمل ،وحاجة المجتمع لمثل هذه المهنة التي توفر على المواطن، وتكون مصدر رزق للعاطلين عن العمل .
ويقول في حديثه لـ” ” : ” كافة العاملين بالشركة خريجين جامعات ،بداية من سائق “الموتسيكل” وصولا للمحاسبين والإداريين، وهذه الشركة حاضنة للخريجين بعد أن صدت في وجوهم كافة الأبواب”، مشيرأ إلى أن الموظفين يلاقون احترام من قبل الإدارة ويتم مكافئاتهم حسب انجازهم في العمل .
وأوضح المدني أن تلك الخدمة استطاعت أن تُوفر المئات من فرص العمل للشباب والخريجين الفلسطينيين في غزة، من خلال العمل في الشركات التي تُقدمها، موضحاً أن شركته وفرت نحو أكثر من 50 فرصة عمل.
صعوبات كثيرة
ويضيف” خلال عملنا نواجه صعوبات كثيرة ومنها المعوقات الداخلية مثل انقطاع التيار الكهربائي فحينها يتعطل العمل وأيضا في أوقات الشتاء، والبرد يتعطل العمل فنطر أن نعمل بسيارتنا الخاصة، لأننا لا نستطيع أن نعمل بالدراجات النارية بهذه الأوقات، وأيضا هناك معوقات خارجية ومنها إغلاق المعابر بشكل متكرر الأمر الذي يجعلنا نعاني بشكل كبير لتوفير طلبات الزبائن بسعر مناسب.
ويستطرد قائلا :عندما يتقدم الموظفين للعمل في الشركة نقدم لهم اختبارات ومقابلات شخصية،و يتم طلب شهادة حسن سير وسلوك من قبل وزارة الداخلية،لأن سر نجاحنا المعاملة الطيبة مع الزبائن والأمانة .