
– غزة – من محمد عبد الرحمن – أنتجت الظروف الاقتصادية والوضع المعيشي الصعب الذي لا يخفي على أحد في قطاع غزة ، مشكلة اجتماعية فأصبح الشباب عندما يريدون اختيار شريكة حياتهم، فلم يُعد الجمال هو شرطهم الأساسي، فأصبح الشباب يتشرطون عند الزواج أن تكون خريجة جامعية، وحاصلة على وظيفة دائمة وحتى إن كانت كبيرة في السن.
فالشباب في غزة يحرصون أن تكون زوجة المستقبل عاملة، بوظيفة دائمة كي لا تفقد هذه الوظيفة لأي اعتبار كان، ولذلك فان الفتاة التي تعمل في وزارة أو مؤسسة حكومية، أفضل من غيرها، لأنها تضمن أن لا تفقدها سواء لاعتبارات إعادة الهيكلة أو للإفلاس، أو لأي سبب غير عادي.
وينظر الكثير من الشباب الى راتب زوجة المستقبل كجزء أساسي من دخل الأسرة، بحيث يجب أن يكون راتبها تحت تصرف الزوج لزيادة دخله والإنفاق على أمور البيت المتعددة؛ وبخاصة توفير احتياجات المنزل لكن هل الشبان الذين يختارون المرأة الموظفة هم على حق؟ أم الذين لا يفضلون المرأة الموظفة هم على حق؟ سألنا عدداً من الشباب في قطاع غزة، لمعرفة سبب إصرارهم على الزوجة الموظفة.
تكون عوناً لي
الشاب محمد أبو النور (26عاما)، خريج جامعي عاطل عن العمل يريد الزواج من فتاة موظفة، لكى تعينه في أمور الحياة يقول في حديثه لـ””: “أريد أن أتزوج من فتاة حاصلة على وظيفة لكى تكون عوناً لي، لمساعدتي في توفير الاحتياجات”، مشيراً إلى انه إن لم تكن شريكة حياته تعمل في احد القطاعات فإن حياته الزوجية ستكون غير موفقة .
ويضيف” ألاحظ من خلال معاشرتي بعض الأشخاص المتزوجين فالمتزوج من موظفة يكون سعيد ومرتاح، ولا ينقصه شيئا على عكس المتزوج من فتاة لا تعمل تكون حياته الزوجية مصحوبة بالمشاكل ولا يكون قادراً على توقير كافة الاحتياجات .
مستقبل جميل
الشاب فضل حميد 25″عاما ” تخرج من الجامعة قبل ثلاثة سنوات ويعمل في احد المؤسسات على بند العقد، يقول “واقع الحياة يجعل التفكير في الزواج أمراً صعباً، وأحياناً خطوة غير جيدة، لذلك أفضل الزواج من فتاة، تعمل والأفضل أن تكون تعمل في مكان مرموق حتى يكون المستقبل جميلاً”..
ويؤكد عبد الرحمن أحمد (24 عاماً)، والذي يعمل “موظف” في احد المؤسسات الخاصة أن المرتب الذي يحصل عليه لا يكون كفيل بأن يضمن له حياة زوجية كريمة، لأن متطلبات الحياة كثيرة، ولا يستطيع توفير كل شيء لوحده، لذلك يفضل الزواج من موظفة.
يشعر بالندم
في حين يقول نادر أبو راس والذي يعمل محاسب في أحد الوزارات الحكومية “أكثر شيء ندمت عليه في حياتي أني تزوجت موظفة، لأني اشعر بالتعب كل يوم، أطفالي متنقلين ما بين الحضانة ،وبيت أهلي وبيت أهل زوجتي فزوجتي تعمل مدرسة”.
ويتابع” قبل الزواج كنت أعتقد أنني سأكون سعيد جداً في حال زواجي من فتاة “موظفة “ولكني الآن نادماً على دلك ،فلا أتذكر انني تناولت طعام الغداء مبكراً إلا في يوم الجمعة،و لا أستطيع الجلوس مع زوجتي، وقتاً كافياً لأنها تكون مشغولة إما بتصحيح واجبات طلابها أو تعد الامتحانات.
ويضيف “يبدأ البحث من قبل بعض الشباب عن الموظفة بسبب الاعتقاد الخاطئ لدى البعض، بأن العمل في غزة يقتصر على جيل النساء فقط أو أن المؤسسات تهتم فقط بالعنصر النسائي دون مراعاة وجود العنصر الذكري، فيما لو كان هذا الرجل لا يعمل”.
فإصرار الشباب على الارتباط بفتاة موظفة يكون عائقاً أمام الفتيات غبر الموظفات، فالكثير من الأمهات اللواتي يذبهن لخطبة فتاة لأبنائهن عندما يعرفن أن الفتاة لا تعمل، يخرجن من البيت بغض عن جمال الفتاة ومواصفاتها، ويتمسكن بالفتاة الموظفة وان كانت غير جميلة .
ندى(26عاماً) خريجة جامعية لكنها لم تحصل على فرصة عمل تقول لـ” ” دائما يطرق باب منزلنا للخطبة فاخرج حتى يروني ،يعجبون بي ولكن عندما يعلمون أني غير موظفة يعتذرون لأني غير موظفة، ويذهبون ويأتي غيرهم ولا يتم الموافقة لأني لا أعمل”
يذهبون بلا عودة
بينما تقول نور (25عاماً)، والتي تعمل موظفة في مؤسسة دولية تقول”عندما يعلموا أنني غير موظفة يذهبون بلا عودة، ولكن بعد حصولي على الوظيفة وخاصة أنها في مؤسسة دولية أصبح المقبلين على الزواج يتوافدون لمنزلنا بشكل شبه يومي” .
وتضيف” أنا أرفض الزواج من شاب لا يكون له وظيفة، أو دخلاً ثابتاً، فانا أريد الارتباط بشخص لا يقل عني درجة كوني موظفة فيجب أن يكون شريك حياتي موظف وارتباطه بي يكون لأجلي وليس لأجل وظيفتي” .
ويرى الدكتور درداح الشاعر أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى أن إقبال الشباب على الزواج من الموظفات يعود لأسباب اقتصادية بحتة، تتعلق بعدم حصول الكثير من الشباب على وظيفة، كما وان مستوى الراتب الشهري للوظيفة لا يكفي لسد حاجات أسرة صغيرة، إضافة إلى استحالة الحصول على المسكن والأثاث بسبب الحصار الخانق، والارتفاع الحاد لأسعار السلع والخدمات كافة.
ويقول الشاعر” إصرار الشباب على الزواج من فتاة موظفة نابع من الظروف الصعبة التي يشهدها القطاع فالكثير منهم يعتقدون أن الزواج من موظقة يكون حلاً للمشاكل ،ويكونوا في راحة دائمة”.