السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
التعديل الحكومي بتونس: انقلاب ناعم ام وقود المعركة الانتخابية المقبلة؟
سناء محيمدي
– تونس – من سناء محيمدي – لم ينه التعديل الحكومي بتونس حالة التجاذب التي هيمنت على المشهد العام في الاونة الاخيرة، بل كانت خطوة التحول لدفة الصراع بين الاجنحة الحكم، على وقع اصطفافات ومحاور جديدة في الطبقة السياسية، ما يشي بمتغيرات عدة تفتح الباب على سيناريوهات متعددة.
حكومة الشاهد الجديدة، اججت دخان معركة سياسية بين قطبي الرئاسة والحكومة من جهة، وصراع الاحزاب الحاكمة من جهة اخرى، على خلفية موقف الرئيس التونسي الباجي القائد السبسي الرافض لهذه التعديلات والذي راى انها تسرعا وسياسة أمر واقع، فيما يؤكد الطرف الاخر بانها خطوة لضخ دماء جديدة في الحكومة وانهاء ازمة استحكمت في البلاد منذ اشهر.
فتح النار على النهضة
خطاب نداء تونس كان حادا بعد الاعلان التعديل الوزاري، حيث وصف امينه العام سليم الرياحي المسنود من نجل السبسي، تعديل الشاهد بانه “انقلاب” على إرادة الناخبين وعلى رئيس البلاد الباجي قايد السبسي، متهما كل من حركة النهضة ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وأوضح الرياحي، أن حركة النهضة استغلت ببشاعة قيادات حركة نداء تونس وعلى راسهم يوسف الشاهد لتنفيذ مخططات الانقلاب على الشرعية، على حد قوله، معتبرا ان اجراء التعديل الذي تم بسرعة غير مسبوقة يكشف عن سعي النهضة للسيطرة على مفاصل الدولة والانقلاب على مسار الديمقراطية بالبلاد.
رمي الاتهامات من جانب النداء لم تقف عند حد امينها العام، اذ توالت تصريحات نارية من قيادات الحزب اجمعوا كلهم بان التعديل الحكومي هو انقلاب والتفاف على الدستور، بينما وصف القيادي بالنداء عبد الرؤوف الخماسي التعديل بالاستخفاف الواضح بالعرف السياسي وضرب للتجربة التونسية الناشئة.
اما رضا بلحاج القيادي بالحزب، فقد لفت الى ان النهضة تستهدف من وراء هذا التعديل الحكومي عزل رئيس الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي والتفرّد بالسلطة بـ”عملية انقلابية خطيرة”، مضيفا أن “الشاهد لم يأخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات الأخيرة وإرادة الشعب التونسي.
ويشير خبراء سياسيون إلى أن احتضان النهضة ليوسف الشاهد وسحبه من بلاط السبسي يحيل الى رغبة النهضة بعزل الرئيس التونسي الباجي القائد السبسي، ورسم خطوط جديدة للمشهد السياسي التونسي على وقع موازين القوى الجديدة التي تشكلت مؤخرا، فرضتها الحسابات المرتبطة بالاستحقاق الانتخابي.
الطلاق السياسي
ولا تخفي غالبية الأوساط السياسية والنقابية خشيتها من أن يجر هذا التعديل الى ازمة دستورية وقانونية بعد القطيعة النهائية بين رؤساء السلطة التنفيذية، وان هذه الحكومة التي ضمنت نصابها شكليا في البرلمان، لتحصنه بحزام سياسي قوي حيث يلقى دعما صريحا من حركة النهضة صاحبة الكتلة البرلمانية الاكبر، كما يلقى دعم الائتلاف الوطني اضافة الى نواب اخرين، قد تكون وقودا لمعركة الانتخابات المقبلة بتونس.
في المقابل، أفاد الباحث في العلاقات الدولية البشير الجويني والديبلوماسي السابق، في تصريح ل، ان دستور الجمهورية الثانية كان واضحا في تقسيم السلط وخاصة تحجيم دور الرئاسة لصالح رئاسة الحكومة ليكون النظام في معظم صلاحياته لصالح الثاني.
غير ان الوضع الحالي بتداخل المصالح وخاصة بغياب تقاليد راسخة في احترام السلط والفصل بينها يجعل مما يحدث أمرا عاديا، مستغربا من انقلاب سلطة الانتخابات الأخيرة لتصبح في المعارضة وتعطل او تحاول تعطيل مسار دستوري واضح، على حد تعبيره.
وتابع بقوله : “سنكون امام مجرد زوبعة إعلامية سياسية ذات بعد أخلاقي اذا ما تمسك رئيس الجمهورية بما قيل عن رفضه التعديل الوزاري بما ان الدستور واضح في هذا الصدد وغير قابل للتأويل بما يعطيه من سلطات لرئيس الحكومة في تغيير الوزراء(عداة الدفاع والخارجية) دون العودة لرئيس الجمهورية.
ترويكا جديدة
من جهة أخرى، كشف هذا التعديل الوزاري عن ترويكا جديدة تجمع بين حركة النهضة، وحركة مشروع تونس برئاسة محسن مرزوق، وحزب المبادرة، إلى جانب عدد من المستقلين، وكتلة “الائتلاف الوطني” المحسوبة على يوسف الشاهد، حيث لم تشمل هذه التوليفة السياسية وزراء من حزب افاق تونس.
وعلى صعيد آخر، راسل رئيس الحكومة يوسف الشاهد صبيحة اليوم البرلمان لطلب نيل الثقة في الوزراء المقترحين بالتعديل الحكومي، ويشار الى أن المراسلة جاءت من طرف رئاسة الحكومة على عكس بقية المراسلات الأخرى لطلب نيل الثقة والتي عادة ما توجه من قبل رئاسة الجمهورية.