– باريس – من أحمد كيلاني – قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن التسجيلات الصوتية لقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول هي واحدة من مفاتيح التحقيق، موضحة أن السلطات التركية أكدت امتلاكها للوثائق منذ البداية، تحت غطاء من المصادر المجهولة ودون أي أدلة ملموسة حتى الأيام الأخيرة.
وأضافت الصحيفة أنه استناداً إلى مصادر أمنية أمريكية وتركية تم تسجيل نسخ من هذه التسجيلات، مشيرة إلى أن صحيفة “نيويوك تايمز” ذكرت أن أحد أعضاء الفريق المتورط بقتل خاشقجي طلب من أحد الأشخاص عبر الهاتف أن يخبر رئيسه أن المهمة قد أنجزت، ووفقاً لـ”نيويورك تايمز” فان الشخص المعني هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأوضحت “لوموند” أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غاضب من السلبية الغربية تجاه القضية، حيث أكد أردوغان وجود تسجيلات صوتية لمقتل خاشقجي، وقال إنه تم إطلاع الدول الغربية على التسجيلات.
ولفتت الصحيفة إلى أن أنقرة قامت بالكشف عن المعلومات أولاً بأول بهدف تسليط الضوء بشكل أكبر على الطابع المتعمد لحادثة الاغتيال، حيث تحدثت أنقرة عن تورط أعلى المستويات في السلطات السعودية في العملية، مضيفة أنه في الرياض لا أحد يريد أن يقول أين هي الجثة، وأن السعودية ترفض تسليم الثمانية عشر شخصاً المشتبه بهم.
ونقلت “لوموند” عن الصحفي التركي راغب سويلو قوله إن “تركيا من خلال التسريبات تطبق استراتيجية الكشف عن المعلومات قليلاً قليلاً لتحافظ على الضغط على السعوديين، وقد وصلنا الآن إلى مرحلة يحقق فيها المسؤولون الأتراك بشكل رسمي بدوافع القادة السعوديين ويشككون في نواياهم”.
وأضاف سويلو أنه “يمكن للسلطات التركية الكشف عن المزيد من الأدلة من خلال تسريب نسخ الشريط الصوتي أو جزء من التسجيلات بشكل غير مباشر عبر وسائل الإعلام الدولية في حال استمرت السعودية في إنكار الحقائق”.
وأوضحت الصحيفة أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون نفى إمكانية تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحادثة اغتيال خاشقجي، حيث قال بولتون إن من “استمعوا لتسجيل مقتل خاشقجي قالوا إنه لا يتضمن ما يشير إلى علاقة ولي العهد السعودي بالحادثة”، مؤكداً أنه لم يستمع إلى التسجيل بنفسه.
وأشارت “لوموند” إلى أن مديرة وكالة الاستخبارات المركزية، جينا هاسبل، هي المسؤولة الرسمية الوحيدة في الولايات المتحدة التي استمعت لمحتوى التسجيلات خلال رحلتها إلى تركيا، لكنها لم تدل بأي تصريح عنها.
وأضافت الصحيفة أنه منذ البداية امتنع البيت الأبيض عن انتقاد ولي العهد محمد بن سلمان، ونقلت عن الصحفي سويلو قوله ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير راغب في مهاجمة السعوديين بسبب العلاقة الوثيقة بين مستشاره وزوج ابنته جاريد كوشنر ومحمد بن سلمان، فضلاً عن الدور المحوري الذي تلعبه السعودية في الاستراتيجية الأمريكية المناهضة لإيران.
ولفتت “لوموند” إلى أن هدف الرئيس التركي يتجلى بممارسة أكبر ضغط على السعودية لإجبار المملكة على رفع عقوباتها عن قطر أو وقف الحرب في اليمن، موضحة أنه كلما مر الوقت كلما اقتربت عناصر التحقيق التركي من محمد بن سلمان أكثر.
وقال الصحفي سويلو “لا أعتقد أن تركيا ستستهدف محمد بن سلمان مباشرة ما لم ترتكب الرياض خطأ آخر، حيث يدرك المسؤولون الأتراك جيداً أن محمد بن سلمان يستطيع أن يقود السعودية على مدى الخمسين سنة المقبلة، لكن من الواضح أن الأتراك يريدون من سلمان أن يدفع ثمن هذه الجريمة”.