– القاهرة – من شوقي عصام – منذ أن تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكم في مصر في يونيو 2014 مع ولايته الأولى ، وهو يعلن دائما ضرورة تجديد الخطاب الديني، لاسيما أنه رئيس خرج من ثورة شعبية على حكم قام على أساس ديني لجماعة “الإخوان”، التي تعتمد في منهجها على التطرف والعنف عبر تغيير في مفاهيم الدين الذي يعتبر أفيونة لقطاع كبير من الشعب المصري، هذه المفاهيم التي تأسر فئات من المواطنين ، في ظل اجتياح موجة التطرف ، ليس في مصر فقط، بل في العالم العربي، الأمر الذي يتطلب قيام الأزهر الشريف بدوره في تصحيح المفاهيم المغلوطة .
“الأزهر” هو مفتاح تجديد الخطاب الديني ، وعلى رأسه الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ، الذي يبدو أنه على خلاف في محاور تتعلق بهذا التوجه ، الذي تحول ظهر في صدام علني أكثر من مرة مع “السيسي” ، والتي كان أخرها في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، وهي الاحتفالية التي حضرها كافة رموز الدولة، وكان لكل من “السيسي” و”الطيب” كلمة ، تعتبر مواجهة متصاعدة في أزمة تجديد الخطاب ، وكان محورها طرفين، الطرف الأول الذي يتبناه “الطيب” هو عدم الاعتماد على القرأن فقط في صحيح الدين، وأن الأحاديث النبوية هي جزء أصيل وكبير في الوصول إلى صحيح الدين، في الوقت الذي يتمحور فيه منهج تجديد الخطاب الديني، الذي يطالب به “السيسي”، على تنقيح كتب التراث الديني ، التي يحمل جزءا منها الأحاديث النبوية، والتي يرى البعض ، ان بعض هذه الكتب ، تم تدوينها بعد وفاة الرسول والصحابة بعدة قرون ، وان نقل الاحاديث فيها قد يكون خضع جزءا منها لبعض الاهواء او التحريف.
شيخ الأزهر قدم كلمة أثارت جدلا مجتمعيا كبيرا ، ما بين قبول البعض ورفض أخرين، عندما فسرت كلمته بأن السنة هي 75% من الدين ، ونفس الأمر بالنسبة لكلمة الرئيس المصري التي خرج فيها عن النص الذي كان يقرأ منه، بحديث يحمل مفردات واضحة عن قضيته حول تجديد الخطاب الديني ، ليتضح ان ارتجاله كان رد فعل على كلمة “الطيب” التي كانت جرئية إلى حد كبير ، وحملت قصف جبهات في أحيان كثيرة .
الشيخ “الطيب” قال عندما جدد الصدام بكلمته، أن الصيحات التي دأبت على التشكيك في قيمة السنة النبوية وفي ثبوتها وحجيتها، والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، والمطالبة باستبعاد السنة جملة وتفصيلا من دائرة التشريع والأحكام، والاعتماد على القرآن الكريم فحسب، في كل ما نأتي وما ندع من عبادات ومعاملات، وما لم نجده منصوصا عليه في القرآن فإن المسلمين فيه أحرار من قيود التحريم أو الوجوب
وأستكمل الأمام ، بالقول أنه هذه الدعوة ظهرت في عصرنا الحديث، في الهند منذ نهاية القرن التاسع عشر، وشاركت فيها شخصيات شهيرة هناك، منهم انتهى به الأمر إلى ادعاء النبوة، ومنهم من كان ولاؤه للاستعمار، ومنهم من أداه اجتهاد إلى إنكار الأحاديث النبوية ما كان منها متواترا وما كان غير متواتر، وزعم أن السنة ليست لها أية قيمة تشريعية في الإسلام، وأن القرآن وحده هو مصدر التشريع ولا مصدر سواه، ضاربا عرض الحائط بما أجمع عليه المسلمون من ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين ، وضربوا لذلك مثلا، بأن الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين وهو الصلاة، فمن المعلوم أن الصلاة ثابتة بالقرآن الكريم، لكن لا توجد آية واحدة في طول القرآن وعرضه يتبين منها المسلم كيفية الصلوات الخمس، ولا عدد ركعاتها وسجداتها ولا هيئاتها من أول تكبيرة الإحرام إلى التسليم من التشهد الأخير، وأن هذه التفاصيل لا يمكن تبينها ومعرفتها إلا من السنة النبوية التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام.
أما خروج “السيسي” عن النص المكتوب، فقال فيه أن الاشكالية الموجودة في العالم الاسلامي حاليا ، ليست اتباع سنة النبي محمد أو عدم اتباعها ،هذه أقوال لبعض الناس،ولكن الاشكالية هي القراءة الخاطئة لأصول ديننا، وحديثي هنا كإنسان مسلم وليس كحاكم ، متسائلا: هل إساءة من كانوا يقولون أن الافضل اتباع القرأن وعدم اتباع سنة النبي أكبر أم الإساءة التي قمنا بها في الفهم الخاطئ والتطرف الشديد؟، ويا ترى ما هي سمعة المسلمين في العالم؟!
وأوضح “السيسي” أن هناك إساءة كبيرة تتعلق بسمعة المسلمين ،وبغض النظر عن الأسباب يجب أن نواجهها ،ودورنا التصدي لهذا الأمر، وأن يكون التصدي من مصر، بخروج مسار عملي حقيقي للإسلام السمح بممارسات حقيقية وليس نصوص نكررها في خطب الجمعة أو المنتديات أو التليفزيون، لأن سلوكياتنا بعيدة نهائيا عن صحيح الدين في الصدق والأمانة وعدم الكذب وإتقان العمل والرحمة بالناس
وتابع:”أن معرفة الإنسان دائما تؤثر على فكرة، ورجل الدين الحقيقي الذي سيتصدى يجب أن تكون عقليته جامعة لكل العلوم حتى يستطيع أن يتكلم، من سيتصدى كفمكر لمعالجة قضايا عصره من منظور ديني يجب ان يكون ذو عقلية جامعة.