شرق أوسط
قطر تعود إلى الواجهة لدورها في وقف إطلاق النار في قطاع غزة
– في نهاية طريق ترابي ينتصب قصر العدل المهيب في مدينة غزة وهو مبنى حديث يرمز إلى الدور القطري الذي عاد إلى الواجهة بعد وقف إطلاق نار أثار جدلاً في إسرائيل.
يمثل قصر العدل رمزا للمساعدات التي قدمتها قطر لحكومة حماس التي تسيطر على قطاع غزة وهو أحدث مشروع مولته الدولة الخليجية التي نقلت مؤخراً إلى القطاع أموالاً لدفع متأخرات رواتب موظفين مدنيين.
استقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في 14 تشرين الثاني/نوفمبر بسبب وقف إطلاق النار الذي أنهى أسوأ تصعيد بين إسرائيل والمقاتلين الفلسطينيين في غزة منذ حرب 2014، معتبراً الأمر بمثابة “خضوع واستسلام للإرهاب”.
واكد ليبرمان معارضته إدخال أموال قطرية إلى غزة بعد ان سمح رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بإدخال 15 مليون دولار نقداً في حقائب لدفع رواتب موظفي الحكومة التي تديرها حماس.
وقال “انا ضدها، لأن هذه الاموال تذهب الى الارهابيين الذين يقومون باطلاق النار على قواتنا”.
وكانت تلك دفعة من اصل ست دفعات قيمتها الإجمالية 90 مليون دولار لتغطية جزء من رواتب عشرات آلاف الموظّفين، عدا عن تمويل قطر الوقود لتشغيل محطة كهرباء غزة في حين يعاني القطاع الفقير من انقطاع متكرر للكهرباء.
ويخضع قطاع غزة لحصار محكم إذ تغلق إسرائيل كل معابره في حين لا تفتح مصر معبر رفح سوى بصورة متقطعة ولأسباب إنسانية.
يقول بعض الخبراء إنه من غير المرجح أن يؤثر انتقاد ليبرمان اليميني المتطرف الذي شكل جناح الصقور في الحكومة على مشاركة قطر في تقديم المساعدات إلى غزة.
وقال محلل شؤون الشرق الاوسط سيغورد نويباور المقيم في واشنطن “ان دور قطر له أهمية استراتيجية بالنسبة لاسرائيل كونه يسمح لها بالتعاون مع الدوحة، في حين تعزز العلاقات مع دولة خليجية عربية لا تتمتع بعلاقات دبلوماسية معها”.
“شوارع جيدة”
كان الدور القطري في غزة أحد الركائز الأساسية لسياستها الخارجية لبعض الوقت.
وتتشارك قطر وحماس في علاقاتهما مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لكن أسباب دعمها قطاع غزة تتجاوز ذلك.
وقال جمال الفادي استاذ العلوم السياسية في غزة “تبقى القضية الفلسطينية مهمة لجميع الدول التي ترغب في لعب دور في المنطقة”.
قدمت قطر الثرية بفضل ثروتها من الغاز الطبيعي، مئات الملايين من الدولارات لقطاع غزة في وقت كان مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون مرارا وتكرارا من تدهور الأوضاع الإنسانية.
وشمل تمويل قطر مشاريع طرق امتدت على طول الشريط الساحلي وكذلك مجمع المحاكم الذي افتتح في أيلول/سبتمبر.
وتزين صورة أمير قطر ووالده مدخل مستشفى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية في مدينة غزة، ليتذكر الزوار من قام بتمويله.
وفي الجنوب في مدينة خان يونس، بنت قطر حي “مدينة حمد” المكون من 3000 منزل على بعد أمتار من البحر، وفيه حدائق ومدارس ومسجد وسط المباني الجديدة.
وقالت عطاف عودة “كان لدى ابني منزل صغير مساحته 70 متراً مربعا كنا نعيش فيه سبعة أشخاص. أما اليوم فنحن نعيش في منزل مساحته 130 متراً يتسع لنا جميعاً”.
واضافت “لدينا حديقة والشوارع هنا جيدة. لم يعد الاطفال محبوسين داخل المنزل”.
في مكان قريب مقابل المسجد متجر سماه صاحبه “شكراً قطر”.
قطر دولة مفيدة
أكدت وزارة الخارجية في الدوحة في آخر بيان لها “دعمها المتواصل للشعب الفلسطيني الشقيق”.
استقبلت قطر قادة من حماس بمن فيهم رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل. ويعيش حوالي 100 ألف فلسطيني هناك.
والى جانب لعبها دوراً مهما في قضية إقليمية رئيسية، سعت قطر إلى أن تكون طرفاً تستفيد منه القوى الغربية الساعية لاحراز تقدم بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال توبياس بورك الزميل المشارك في مؤسسة “روسي” للابحاث في لندن، “لطالما رأت قطر في القضية الفلسطينية، ومن خلال علاقتها بحماس بالتحديد، طريقة يمكن أن تكون من خلالها مفيدة للأمريكيين”.
وقال نيوباور، إن هذا الدور مستمر من خلال العلاقة الشخصية التي تربط سفير قطر في غزة محمد العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة، وجاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض وصهر الرئيس دونالد ترامب.
من جهته، قال كريستيان أولريكسن وهو زميل في معهد بيكر بجامعة رايس أن “قطر نسقت عملها في غزة مع إسرائيل والولايات المتحدة وينظر إليها على أنها شريك موثوق به”.
قريبة جدا من حماس؟
لكن السياسة تجلب المخاطر رغم ذلك.
في حزيران/ يونيو 2017 ، عندما وجدت قطر نفسها في مواجهة وأزمة دبلوماسية مع حلفائها السابقين من دول الجوار، وضعت علاقاتها مع حماس التي صنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة “إرهابية”، تحت المجهر.
وقال نيوباور “عندما تولى ترامب الحكم، وجدت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في ذلك فرصة لإسقاط حكومة قطر”.
واضاف “كانت الرسالة التي وجهوها لمسؤولي ترامب هي أن قطر تدعم حماس، أي أنها بعبارة أخرى تدعم الإرهاب”.
رغم أن البيت الأبيض كان يبدو مقتنعا في الصيف الماضي بالاتهامات التي كيلت ضد قطر بأنها تدعم المتطرفين، لكن يبدو أن الدوحة قد أقنعت واشنطن الان بأن دورها حاسم في كبح جماح حماس. (أ ف ب)