السلايدر الرئيسيشرق أوسط

الأردن: الحكومة تمتلك المعلومات حول الفساد وغير جادة بمحاربته.. ومخاوف من “افلاس” الدولة في ظل استمراريته

رداد القلاب

– عمان – من رداد القلاب – تعاني المملكة الأردنية اليوم من انتشار ظاهرة الفساد في مؤسسات الدولة المختلفة، ورغم الوعود الكثيرة التي تقدمها الحكومات المتعاقبة واخرها كان من رئيس الوزراء الحالي الدكتور عمر الرزاز الى ان الشارع الأردني ما زال متعطشاً لرؤية اي نتيجة حقيقية تظهر جدية الحكومة في محاربة الفساد.

سلطت الضوء على موضوع الفساد الذي تعاني منه المملكة الأردنية واجرت حوارات مع عدد من الخبراء والمضطلعين في هذا الشأن اردنياً، والذين اشاروا في خضم حديثهم الى قناعتهم بأن كافة رؤوساء الحكومات واخرهم الدكتور عمر الرزاز” غير جادين بمحاربة الفساد، فيما ذهب بعضهم الى الاشارة الى الصعوبة الكبيرة على مكافحة الفساد وبأنها تعد مهمة شبه مستحيلة معللين بأنه اصبح مؤسسياً في الاردن، مما يؤشر الى عدم القدرة على إستراد المال العام وتغذية خزينة الدولة التي تزداد نزيفاً وتشكل خوفا من الوصول الى “الإفلاس ” في حال لم يتم محاربة الفساد واسترداد المال العام والعناية بالاستثمار في البلد.

وفي سياق مشابه، يرى الخبراء بأن المردود المالي المتأتي جراء تطبيق قانون ضريبة الدخل والمبيعات لعام 2018 ، الذي سيصار إلى إقراره من قبل النواب والاعيان،  لن يوقف نزف الخزينة العمومية، لانها بحاجة الى استرجاع اموال الفساد الضخمة واصلاح الترهل الاداري في القطاع العام والعناية بالاستثمار للحيلولة دون الافلاس.

وفيما يخص تحويل عدد من القضايا مؤخرا ، من قبل رئاسة الحكومة الى هيئة النزاهة وهيئة مكافحة الفساد ، يؤكد الخبراء، عدم تصنيفها ضمن الجدية بمحاربة الفساد بسبب انها تخص مخالفات ادارية بسيطة لموظفين صغار، بحسب خبراء.

كما يؤكد هؤلاء الخبراء ، أنه ليس من واجب المواطن “البسيط الغلبان ” ان يأتي بالادلة والقرائن ضد الفساد والفاسدين كما تدعي الحكومة ، منوهين الى أن ذلك يقع ضمن واجب الحكومة في تحريك القضايا عن طريق النائب العام والحصول على اية معلومات تريدها حول اية قضية او عطاء، لانه يخشى “البطش به ” وباستخدام قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ولاحقاً الجرائم الالكترونية.

ويشددون على أن الفساد هو الوجه الثاني للإرهاب وذلك بسبب الخطورة التي يشكلها على الامن الاقتصادي وامن المجتمع والناس مثلة مثل الارهاب ، كذلك يجب معاملة قضايا الفساد معاملة قضايا الارهاب وذلك بتسريع التقاضي فيها، وذلك بحسب، الخبير القانوني وعضو هيئة مكافحة الفساد وعميد كلية الحقوق في الجامعة الاردنية ، أستاذ القانون التجاري، الدكتور فياض القضاة.

ويحذر ، عميد كلية الحقوق في الجامعة الاردنية وعضو مكافحة الفساد ، السابق استاذ القانون التجاري فياض القضاة ،بنفس الوقت الذي يؤكد : ان رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ، غيرجاد بمحاربة الفساد ، لانه لغاية الآن لم يقترب الرئيس الرزاز من الفساد “الكبير ” بمعنى كشف الفساد الموجود في الطبقات العليا “المؤسسة له” في البلاد، محذرا من وصول البلاد الى حالة الافلاس وقال: البلاد امام مخاطر حقيقة ، نخشى – لا سمح الله من الوصول الى الافلاس – .

وشدد  القضاة – عضو مكافحة الفساد السابق الذي استقال في سنوات سابقة جراء ملاحظات تخص ذلك – : يجب منح قضايا الفساد صفة الاستعجال ومعاملتها معاملة قضايا الارهاب، ووصف الفساد بالارهاب الداخلي الذي يهدد البلاد من الداخل عن طريق ضرب “الامن الاقتصادي “،لافتا الى وقوف الاردنيين مع الدولة في حال اتجهت نحو ذلك.

وكشف عميد كلية الحقوق بالجامعة الاردنية لـ” ” ، عن استمرار حصول عملية الاستثمار الوظيفي في الوظائف العليا والمقاولات والعطاءات “قائم”، اعطى مثال على ذلك العطاءات الحكومة التي كشفتها السيول مؤخرا ، وقال :” ليفتحوا تلك العطاءات ولـ 10 سنوات سابقة فقط  ان كانوا جادين” .

وأقر، خبير مكافحة الفساد ، بوجود مصالح مشتركة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ادت الى استثمار المال العام وبالمعاني القانونية، موضحاً ان الشخص عندما يتم اختياره وزيرا او عينا او مسؤولا ، يقدم استقالته من شركته الخاصة او المؤسسة التي يعمل بها ويتولاها؛ الابن او زوجته ورقيا ً ، وفي حال تم احالة عطاء او غيرها يرد على السائل بانه باسم فلان ولا علاقة لفلان بها ، حيث يقدم منافع شخصية او لإخرين وهو شكل من اشكال الفساد.

وطالب الخبير القانوني، بتطوير منظومة “رفع الحصانة النيابية ” في مجلس النواب ، بما ويتناسب مع محاربة  الفساد ، وذكر القضاة: ان الاردن لم يسجل سوى قضية واحدة وهي قضية “كازينو البحر الميت – ومسألة  وزير السياحة الاسبق.

وتسائل الدكتور القضاة ؛ من اين كل هذا الثراء؟ والتضخم الثروات الشخصية لاشخاص خدموا في القطاع العام الا اذا تاتي ذلك من الكسب غير المشروع؟ على حد تساؤل القضاة ، ويستطرد ويقول : رغم ان قانون الكسب الغير المشروع مقر منذ 2006 وباسم اشهار الذمة المالية ثم عدل في العام 2014 بعنوان الكسب غير المشروع ولكن لم يجر تتبع (X) من الناس والذي كانت ثروته (X) من المال ثم اصبحت (X20) مرة ولم يتم الإعلان عن وزير او نائب او مسؤول ما يضع علامات استفهام كبيرة حول مكافحة الفساد .

وأشار إلى ان الفشل في مكافحة الفساد والفشل في الادارة العامة، والتعامل السيئ مع الاستثمار  ادى الى تفاقم المديونية وارتفعت نسبة الفائدة والاقتراض، ما ينبئ بإفلاس البلاد مشددا على ان إقرار قانون ضريبة الدخل والمبيعات لن يحل مشكلة البلاد الاقتصادية السيئة المتفاقمة، لأن الاموال التأتية جراء تطبيق القانون لن تقوم باصلاح الموازنة المهترئة.

وزاد : الحل الحقيقي للإزمة المالية الاردنية الوحدية؛ محاربة الفساد وإسترجاع المال العام وإخراج الادارة العامة من حالة الترهل والفساد الاداري والعناية الجيدة بالاستثمار.

وقال: يجب فتح ملفات العطاءات وعلاقة الوزراء والنواب بتلك الملفات  لـ 10 سنوات سابقة وكذلك فتح ملفات اراضي الدولة التي سجلت لصالح النفع العام ثم سجلت لصالح النفع الشخصي وبأسماء مسؤولين كبار او بأسماء الابناء والبنات والزوجات لافتا الى وجود السجلات لدى دائرة الاراضي وسهولة تتبع تلك السجلات والاسماء .

وطالب بإحالات اسماء كبيرة وتقع في الطبقات العليا، وعدم تحميل صغار الموظفين بمخالفات ادارية مالية تقتصر على موظف في التربية او موظف في الجمارك او في مؤسسة ما، قد يكون ارتكب مخالفة جراء خلل في مكافأة او احد الحوافز.

وردا على سؤال حول طلب الحكومة من المواطنيين ممن يتحصل على ملف شبه فساد ، التقدم به الى القضاء وقال : ان هذا الحديث غير منطقي لان المواطن مهدد بالملاحقة ويخشى ذلك وهذا نافذ في قانون الهيئة تحت باب “الافتراء” ثم قانون الجرائم الالكترونية، فالمواطن لن يضع نفسه في وجه الملاحقة ولا يقع ضمن واجبه وان ذلك من واجب الحكومة واجهزتها التنفيذية من ملاحقة ومقاضاة كل قضية.

اما الاحالات الاخيرة الى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ، مثل “نثر الرماد في العيون ” لانها تحاكي اخطاء ادارية بسيطة وبعض تلك المخالفات المحولة نظرها القضاء في فترة سابقة بينها قضايا حصل المتهمون فيها على البراءة وقضايا اخرى تجري فيها محاكمات وهي شكلية وما دامت الاسماء مقتصرة على موظفين صغار وبأموال قليلة وما دام المواطن لم يسمع او يشاهد فاسد كبير واسترجاع اموال كبيرة لن تكون هناك جدية في محاربة الفساد.

من جانبه يؤكد مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس السابق الدكتور حيدر الزبن – الذي يحظى بشعبية اردنية واسعة  بسبب وقوفه بوجه عدة ملفات شكلت خطورة على امن الاردن -، ان الرزاز لا يستطيع محاربة الفساد ولا نية لدية وربط ذلك بما حصل بينه وبين رئيس الحكومة ابان تسلم مهام رئاسة الحكومة وقال: كشفت له قضايا فساد كبيرة ومنها واحدة، تخص رئيس وزراء سابق ووزير سابق وصاحب منصب رفيع سابق ايضا ورئيس هيئة حالي، ولم يقم بأي اجراء كما وضعت كشفت له عدد من فضايا الفساد لم يتم اتخاذ اي اجراء بشأنها لغاية الان.

وشكك الزبن، بجدية الرئيس الرزاز بمكافحة الفساد “قال طفح الكيل ” وزاد : ابلغت الرزاز بسبب اقالتي والذي جاء على خلفية عدم موافقتي “المواصفات والمقاييس ” على استيراد اغذية معدلة وراثيا، اي يتم انتاجها بواسطة البكتريا وهي لصالح رئيس وزراء سابق ووزير سابق كان في موقع مهم للغاية واخر عضو تم تعيينه مؤخرا في هيئة رسمية، والاغذية مسموح بها اوروبياً بنسبة 2%.

واضاف الزبن لـ” “، قابلت الرئيس، واخبرته بتفاصيل قضايا فساد كبرى منها – ما عرف بقضية الدخان او (عوني مطيع) والتي كشفتها  في 9 ايار الماضي 2018 واخبرته بقضية دمغة الذهب المزور – وقضية البنزين المغشوش وقضايا العطاءات والاطارات الفاسدة وتزوير العلامات التجارية والمكيفات، حيث طلب الرزاز مني تزويدة بالاوراق، وعليه طلبت منه كتاب رسمي لإحضار الوثائق من ارشيف “المواصفات والمقاييس” ثم رد علي : “خلاص نطلبها  عن طريق وزير الصناعة والتجارة ” ولغاية الان لم يتم اتخاذ اجراء باي من تلك القضايا.

وتسائل رئيس دائرة المواصفات والمقاييس السابق، الذي وقف بوجه قضايا فساد في البلاد تخص المواصفات والمقاييس الاردنية، من يتعامل مع وثائق بهذا الحجم يريد ان يكافح فساد؟!

من جانبه حمل رد عضو هيئة مكافحة الفساد السابق على ” ” اياد القضاة حول هذا الشأن دبلوماسية كبيرة اذ كانت اجابته مختصرةً مفادها بأنه لايستطيع تقييم فيما اذا كان الرئيس او الاردن، ينوي محاربة الارهاب بسبب استمراره 9 شهور بعملة كعضو للهيئة قبل ان يصار الى إقالته.

في ذات السياق ترى السيدة هيلدا عجيلات، رئيسة مركز الشفافية الاردني – جمعية مجتمع مدني -، لم يشفع لرئيس الحكومة الاردنية د. عمر الرزاز ، اعترافه بوجود الفساد وإعلانه الشهير “أنا داخل انتحاري على الفساد “، وبخلاف سلفيه د. هاني الملقي ود. عبدالله النسور ، الذان لم يعترفا بالفساد ، والطلب ممن يدعي بوجود فساد وتقديم دليله ، للقضاء وان الاعتراف سرعان مابدد تعامل الرزاز  مع قضايا الفساد التي واجهها وابرزها قضية الدخان “عوني مطيع ” وقضية الاسماء المزورة في عطاء “مستشفى البشير ” وتعامله مع ملف “العطاءات الحكومية ” الذي كشتفه سيول الاردن الاخيرة وغيرها من الملفات وذلك وفقا لرئيس مركز الشفافية الاردني – جمعية مجتمع مدني – ، هيلدا عجيلات.

وأكدت عجيلات ، رئيسة الجمعية المرخصة من وزارة التنمية الاجتماعية الاردنية – لـ””: الفساد جريمة والفاسد مجرم ولا يترك خلفة دليل ويحاول مسح الجريمة والدليل مشيرة الى ان قضية الدخان المنظورة امام القضاء يمكن ان تكون مؤشر على قدرة الرئيس في محاربة الفساد.

وتؤكد رئيس مركز الشفافية الاردني، ان ارتكاب حكومة الرزاز لمخالفات جسيمة تصل حد الفساد من خلال مخالفة نظام الوظائف العليا، كذلك استقدام الرئيس الرزاز لوزراء تم وسم ادائهم  بملاحظات خلال الوظيفة العامة والحكومات السابقة، ما يؤشر إلى ان قضية مكافحة الفساد في الاردن قضية “شعارات ” ولا تتعدى فقاعات “اعلامية ” فقط.

ورداً على سؤال إعلان الحكومة عن وجبة إحالات الى هيئة مكافحة الفساد بما يتعلق بتقرير ديوان المحاسبة قالت عجيلات: أحياناً الفساد الصغير يكشف عن فساد كبير ولكن تبقى كافة التحويلات بما ورد بتقرير ديوان المحاسبة تعد مخالفات ادراية لا ترقى الى قضايا فساد بالمعنى الذي يطالب به الناس .

واضافت: ما يريده الشارع الاردني كشف ملفات تمس المال العام والمجتمع على حد سواء واسترجاع المال العام والذي يقع بالملايين مثل قضية الدخان (عوني مطيع ) والاسماء الرسمية التي قد تكون متورطة معه؟  ومن يقف خلف القضية؟، ومن قدم التسهيلات الجمركية؟ وسهل إدخال معدات مصانع بكاملها؟ كما  يريد الشارع فتح ملفات المقاولات وعلاقاتها بالرسمي الاردني.

ونوهت رئيس مركز الشفافية: ان الاردني الملتزم بالواجبات الوطنية ويدفع الضرائب بانتظام، بدون الحصول على خدمات تعليمية وصحية ووسائل نقل وشوارع، يريد ان يعرف اين تذهب هذه الضرائب والرسوم، وما مصير المخالفات وغيرها.

وطالبت بإشراك المجتمع المدني في المشاركة بالتحقيق في تقرير ديوان المحاسبة الأخير، حيث سبق وكان الجهد الكبير الذي قام به مركز الشفافية الأردني العام الماضي – كما جاء على لسان رئيس اللجنة المالية السابق النائب أحمد الصفدي، هو المحرك الأساسي لفتح تقارير ديوان المحاسبة التي كانت طي أدراج مجلس النواب من 2009 ولغاية 2015.

مشددة على ترك قضايا بحجم قضية الدخان بدون توضيحات للراي العام ، يخلق بيئة مناسبة للإشاعات التي يشكو منها الاردن .

وحاولت صحيفة “” التواصل مع رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الجنرال، المتقاعد، محمد العلاف ، الذي  لم يقم بالرد على “”، رغم التحدث اليه اكثر من مرة وارسال رسالة نصية تعلمه بهويتنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق