العالم

ترامب يتوجّه إلى بوينوس ايرس لحضور قمّة مجموعة العشرين ويلغي لقاءه ببوتين

 

– توجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس إلى الأرجنتين للمشاركة في قمّة مجموعة العشرين وأعلن أنّه ألغى لقاء كان مقرّراً على هامشها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مؤكّداً من جهة ثانية أنّ حربه التجارية مع الصين ضخّت مليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي.

وبعد أن فرض رسوما جمركية هائلة على السلع الصينية وهدّد بفرض المزيد من الرسوم في كانون الثاني/يناير، من المقرّر أن يلتقي ترامب الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش القمة للضغط من أجل تطبيق اصلاحات شاملة على اقتصاد ثاني أكبر بلد في العالم لصالح دخول الشركات الأميركية السوق الصينية.

وقبيل مغادرته واشنطن متوجّها إلى العاصمة الأرجنتينية سخر ترامب من التحقيقات في مزاعم تدخّل روسيا في انتخابات الرئاسة الأمريكية واتّهم محاميه السابق مايكل كوهين بالكذب بعد أن أعترف بتضليل الكونغرس.

وألغى ترامب لقاءه المقرّر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش القمة وذلك على خلفية الأزمة الناشبة بين أوكرانيا وروسيا.

وجاء ذلك بعد أن كان قد صرح في وقت سابق من الخميس أنّ قمة مجموعة العشرين هي “وقت مناسب جدا” للقاء بوتين.

وكتب ترامب في تغريدة “نظراً لأنّ السفن والبحارة لم يعودوا إلى أوكرانيا من روسيا، فقد قررت أنّه من الأفضل لجميع الأطراف المعنية الغاء لقائي الذي كان مقرّراً سابقاً في الأرجنتين مع الرئيس فلاديمير بوتين”.

وأضاف بعد وقت قليل من إقلاعه على متن طائرة “إيرفورس وان” الرئاسية “أتطلّع إلى قمة مفيدة فور حلّ هذا الوضع”.

وردّاً على ذلك قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنّ روسيا لم تتبلّغ رسمياً من قِبل البيت الأبيض بقرار ترامب.

وأضاف “إذا كانت هذه هي الحال، فستكون لدى الرئيس بوتين ساعات إضافية في برنامجه لعقد لقاءات مفيدة على هامش القمّة”.

وتُنبئ تصريحات ترامب المتشدّدة بأنّ قمة مجموعة العشرين التي تنطلق أعمالها الجمعة وتستمر يومين، لن تكون سهلة، حيث تخيّم عليه كذلك التوتّرات الجديدة بشأن أوكرانيا، وتزايد الانقسامات بسبب سياسة ترامب بشأن التجارة والتغير المناخي.

– شي يعد بـ”جهود” صينية-

وأثناء توجّهه إلى الأرجنتين وعد شي الأربعاء بأن “تبذل الصين الكثير من الجهود لتسريع الدخول إلى الأسواق، وتحسين بيئة الاستثمارات وزيادة حماية الملكية الفكرية”.

إلاّ أنّ شركات أجنبية في الصين تشكو من أنّ مثل هذه الوعود روتينية، ويشكّك المحلّلون بأن تثمر المحادثات بين ترامب وشي أثناء عشاء عمل عن أكثر من التزام بإجراء مزيد من المفاوضات.

وأطلق مسؤولون أمريكيون هذا الأسبوع انتقادات لسياسة الصين التجارية.

وكتب ترامب على تويتر “أعتقد أنّ الصين ترغب في التوصّل إلى اتّفاق. أنا منفتح على التوصل إلى اتّفاق، ولكن وبصراحة أريد الاتفاق الذي لدينا الآن”.

وقال “مليارات الدولارات تتدفّق على خزائن الولايات المتحدة لأنّنا فرضنا رسوماً على الصين، ولا يزال هناك الكثير”.

إلا أن خبراء اقتصاديين وناقدين قالوا إنّ سياسات الرئيس التجارية تشير إلى رسوم دفعها المستوردون وبالتالي تعتبر ضريبة على الصناعة الأمريكية والمستهلكين الأمريكيين لم تدفعها الصين.

وحذّر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الخميس في مقابلة نشرتها صحيفة “لا ناثيون” الأرجنتينية من أنّ “الخطر خلال قمة مجموعة العشرين يكمن في قمة منفردة بين الصين والولايات المتحدة وحرب تجارية مدمّرة للجميع”.

وأضاف “إذا لم نحقّق تقدّماً ملموساً، فإنّ اجتماعاتنا الدوليّة تصبح غير مفيدة وحتى أن نتائجها قد تكون عكسية”.

وقال بول هانلي مدير مركز كارنيغي-تسينغهوا للسياسة العالمية في بكين، إنّ ترامب يحتاج إلى إعادة هيكلة العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين بشكل مناسب، والضغط على شي لتنفيذ إصلاحات دائمة.

وأضاف “إنّ التوصّل إلى اتفاقية ينتج عنها شراء الصين المزيد من البضائع الأمريكية أو وعد بالتزامات غامضة بمواعيد غير واضحة، لن يفلح سوى في تأجيل الوضع وسيضرّ بالعلاقات بشكل أكبر لسنوات مقبلة”.

وتواجه قمة مجموعة العشرين تحذيرات من جهات عدة من بينها صندوق النقد الدولي، من خطر تضرّر الاقتصاد العالمي بسبب الرسوم التي فرضها ترامب على السلع الصينية وتهديداته المعلنة باتخاذ مزيد من الخطوات ضد واردات بلاده من السيارات الأوروبية واليابانية.

– جبهة موحدة؟-

والتقى قادة مجموعة العشرين – التي تمثّل بلادهم أربعة أخماس إنتاج الاقتصاد العالمي، أول مرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2008 لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة الأزمة المالية العالمية في حينه.

وبعد عقد من الزمن تلاشت هذه الوحدة إثر إعلان ترامب شعاره “أميركا أولاً” الذي قوّض الاجماع الذي تستند إليه التجارة العالمية، كما أنّ دولاً أخرى في مجموعة العشرين ومن بينها البرازيل وايطاليا والمكسيك اتّجهت إلى قادة شعبويين.

وقد أظهر ترامب مراراً ازدراءه للمؤتمرات الدولية من خلال منع صدور بيانات نهائية في مؤتمرات مثل مؤتمر قمة مجموعة السبع ومؤتمر آبيك لآسيا والمحيط الهادئ.

وذكرت مصادر في مجموعة العشرين أنّ التوصّل إلى اتّفاق حول البيان الختامي في بوينوس ايرس قد يواجه مشكلة بسبب المناخ.

ووجد ترامب الآن حليفاً له في هذه المسألة هو رئيس البرازيل المنتخب اليميني المتطرّف جاير بولسونارو، إذ إنّ تشكيكهما في الاحتباس الحراري يتحدّى تحذيرات العلماء المتزايدة من أنّ هذا التهديد على الكوكب حقيقي ويحتاج إلى سياسة لمعالجته الآن.

من ناحية أخرى من المنتظر أن توقّع الولايات المتحدة وكندا والمكسيك الجمعة في بوينوس ايرس النسخة المعدّلة من اتفاقية التجارة الحرّة في أميركا الشمالية (نافتا).

وإذا كانت المفاوضات التي أجرتها الدول الثلاث بطلب من ترامب لتعديل هذه الاتفاقية منعت حرباً تجارية، فقد قال صندوق النقد الدولي إنّ تهديدات ترامب بفرض رسوم على السيارات من أوروبا واليابان يمكن أن تضرّ بالاقتصاد العالمي.

وقالت رئيسة الصندوق كرستين لاغارد إنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو تهديد آخر على النمو العالمي.

ومن المقرّر أن تصل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى بوينوس أيرس في وقت لاحق من الخميس.

وكانت بريطانيا والارجنتين خاضتا حرباً بسبب جزر فوكلاند في 1982 وستكون ماي أول رئيسة وزراء في منصبها تزور العاصمة الارجنتينية.

وستنتهز ماي اجتماع مجموعة العشرين لإقناع الدول المشاركة بمستقبل بريطانيا التجاري بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

من ناحيتها تعاني الأرجنتين التي تستضيف القمة من أزمة اقتصادية، ويتوقّع تنظيم تظاهرات واسعة خلال القمّة.

وقال الحلاق آريل فيليغاس (47 عاماً) خلال تظاهرة أمام مبنى الكونغرس الأرجنتيني “هناك الكثيرون الذين ليس لديهم بيوت أو عمل. إنهم (قادة مجموعة العشرين) لا يركّزون على الناس الذين لديهم احتياجات”.

(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق