أوروباالسلايدر الرئيسي

ساحة حرب عند قوس النصر في باريس بين السترات الصفراء وقوات الأمن الفرنسية

أحمد كيلاني

ـ باريس ـ من أحمد كيلاني ـ تحولت ساحة قوس النصر عند مدخل جادة الشانزليزيه في باريس إلى ساحة حرب بين متظاهري “السترات الصفراء” وقوات الأمن الفرنسية اليوم.
واستخدمت قوات الأمن خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بهدف تفريق المحتجين ضد الزيادات الضريبية على الوقود، بينما رد المتظاهرون بإلقاء الحجارة على قوات الأمن الأمر الذي أسفر عن إصابة نحو 65 شخصاً.
وأظهرت الصور التي بثتها محطات التلفزة الفرنسية حجم الاشتباكات العنيفة التي اندلعت بين المتظاهرين وعناصر الأمن والتي شهدت حالات من الكر والفر بين الجانبين، إذ عمدت قوات الأمن إلى تفريق المتظاهرين بالقوة.
وردد المتظاهرون شعارات مناوئة لسياسات الحكومة الاقتصادية بفرض مزيد من الضرائب على الوقود، وطالبوا بإلغاء تلك الضرائب، ودعوا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى الرحيل.
واتسمت تظاهرات اليوم بعنف أشد من التظاهرات التي شهدتها جادة الشانزليزيه السبت الماضي، سواء من جانب المتظاهرين أو من جانب قوات الأمن، وقام بعض المتظاهرين بإشعال الحرائق والنيران بعدد من السيارات، وترددت أنباء عن محاولات قام بها بعض المتظاهرين لإغلاق بعض الطرق المؤدية إلى باريس.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي إداور فيليب أن الشرطة ألقت القبض على أكثر من 107 أشخاص اليوم، مضيفاً أن ما يقرب من 36 ألف شخص شاركوا في الأسبوع الثالث في الاحتجاجات التي تم تنظيمها في جميع أنحاء البلاد.
وقال فيليب إنه “صدم” جراء الرسم الجرافيتي على قوس النصر والاحتجاجات العنيفة حول قبر الجندي المجهول في باريس، حيث اجتمع قادة العالم قبل ثلاثة أسابيع للاحتفال بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى.
وأشار فيليب إلى أن “العدد الكبير” للاعتقالات يوضح كلاً من “العنف الذي يتم ممارسته ضد الشرطة وعزمنا على عدم التهاون مع أي شيء”، مشدداً على أنه “في حين يجب الدفاع عن حرية التعبير، يجب أيضاً احترام القانون”.
من جهتها، قدرت وزارة الداخلية الفرنسية عدد المشاركين في احتجاجات اليوم في جادة الشانزليزيه بنحو 5000 شخص، بينما اتهم وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير بعض المتظاهرين بالتسبب في أعمال العنف التي شهدتها ساحة قوس النصر.
ومنذ ساعات الصباح الأولى بدأ توافد المحتجين ضد سياسات الحكومة الاقتصادية إلى جادة الشانزليزيه حيث تجمعوا عند قوس النصر، بينما أغلقت الشرطة الفرنسية الجادة أمام حركة السيارات وفرضت تفتيشاً على المتظاهرين وفحصت بطاقات هويتهم قبل السماح لهم بالدخول إلى المنطقة، ونشرت نحو ستة آلاف شرطي لحفظ الأمن.
وفي محاولة لمنع وقوع خسائر مادية للمحلات التجارية في جادة الشانزليزليه، اتخذ تجار المنطقة إجراءات احتياطية إذ وضع بعضهم عوارض خشبية على بعض واجهات المحلات.
وتحاول الحكومة إيجاد مخرج للأزمة التي اندلعت في السابع عشر من الشهر الماضي، وتسعى للتحدث مع ممثلين عن حركة “السترات الصفراء”، إذ تواجه الحكومة صعوبة في التحدث إلى المحتجين نتيجة رفض أولئك تعيين قيادة لحركتهم.
وكان رئيس الحكومة إدوار فيليب قد دعا ثمانية “ممثلين” للقائه في مكتبه أمس الجمعة، لكن اثنين فقط حضروا، وخرج أحدهم بعد إخباره بأنه لا يستطيع أن يدعو كاميرات التلفزيون لبث اللقاء مباشرة.
وبعد اجتماع دام ساعة مع الممثل الثاني للمحتجين، قال فيليب إنّهما ناقشا بشكل أساسي القدرة الشرائية وأن بابه سيظل “مفتوحاً دائماً” لمزيد من الحوار.
كما استقبل وزير البيئة الفرنسي فرنسوا دي روجي نشطاء عن حركة “السترات الصفراء” بعد خطاب ماكرون يوم الثلاثاء الماضي، لكن الاجتماع فشل في الوصول إلى توافقات مع الحكومة الفرنسية.
ولم ينجح ماكرون خلال خطابه الأخير بتهدئة غضب الشارع الفرنسي، إذ اكتفى بالحديث عن وعود لتخفيف العبء عن الأسر العاملة وخفض الإنفاق العام، والعمل على إيجاد آلية لتصحيح الزيادة الضريبية على الوقود لتصبح أكثر ليونة وذكاء بحيث يتم مراجعة قيمتها كل ثلاثة أشهر للتوافق مع أسعار النفط.
وأثار خطاب ماكرون ردود فعل غاضبة لدى المحتجين الذين اعتبر بعضهم كلامه “هراء” بينما وصفه أخرون بـ”كلام فارغ”.
ويبدو أن خطاب ماكرون قد ارتد بشكل عكسي لما أراده بشأن احتواء حدة الاحتجاجات، إذ أظهر استطلاع للرأي نشرته إذاعة “فرانس انفو” ارتفاع نسبة الفرنسيين المؤيدين للاحتجاجات إلى 84 في المئة، بينما اعتبر نحو 76 في المئة من الفرنسيين تدابير الرئيس غير كافية حسب استطلاع آخر نشرته صحيفة “لوفيغارو”.
ووصل الغضب إلى الجزر الفرنسية في ما وراء البحار، خصوصا في جزيرة “لا ريونيون” الفرنسية في المحيط الهندي التي تشلها حركة الاحتجاج منذ أسبوعين.
واضطرت وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون التنمية والفرانكوفونية أنيك جيراردان التي أرسلت إلى الجزيرة للتحدث إلى المحتجين، إلى قطع الاجتماعات الجمعة مع المتظاهرين بعد أن رددوا هتافات استهجان منها “ماكرون استقل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق