السلايدر الرئيسيتحقيقات

قطار التطبيع الإسرائيلي يستهدف السودان… علاقات قديمة تسعى تل أبيب لإحيائها بمساعدة تركية ـ تشادية

شوقي عصام

ـ القاهرة ـ من شوقي عصام ـ بات السودان قاب قوسين أو أدنى من اللحاق بقطار التطبيع مع إسرائيل، على الرغم من كونه من محور الممانعة العربي، ولكن في ظل السعي الإسرائيلي النشط لإجراء عمليات تطبيع ذات مراحل مع دول عربية، وبمساعدات علنية وخفية أيضاً من مهندسين إقليميين، هما تشاد وتركيا، وذلك بحسب محللين سياسيين ومتخصصين في الشأن الإسرائيلي والإفريقي، أوضحوا أنه ليس من المستبعد ترتيب لقاء بين الرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتانياهو، في فعالية دولية، وسيتم وقتها الخوض في خطوات التصعيد لإقامة علاقات بين البلدين، الأمر الذي يقابله احتياج سوداني لإنهاء العزلة الدولية المفروضة عليه، والتقرب للولايات المتحدة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تناولت فيه تقارير إسرائيلية، العلاقات الإسرائيلية ـ السودانية منذ منتصف القرن الماضي، وقالت تقارير إنه لا يتم تعريف السودان في القانون الإسرائيلي كدولة معادية، في ظل علاقات معلنة وخفية بين السودان وإسرائيل منذ خمسينيات القرن الماضي، مروراً بحقبة الثمانينيات، ففي يونيو 1954، اجتمع الصديق المهدي، الابن الأكبر للسياسي عبد الرحمن المهدي، ونائب الأمين العام لحزب الأمة، محمد أحمد عمر مع مسؤولين إسرائيليين في السفارة الإسرائيلية في لندن، واتفقا على أن يكون “عُمَر” رجل الاتصال الدائم بين الجانبين، وبعد فترة وجيزة من ذلك اللقاء، التقى مسؤولو حزب الأمة مع محافظ بنك إسرائيل، دافيد هوروفيتس، في العاصمة التركية إسطنبول، من أجل بحث فصل السودان عن أي اعتماد اقتصادي على مصر، واتفق الجانبان على منح مساعدات مالية لحزب الأمة على شكل قروض، لتمكينه من مواجهة النفوذ المصري في السودان، كما اتفقا على استثمار إسرائيل أموالاً في مشاريع اقتصادية في السودان، وفي مشاريع تدرّ أرباحاً مالية على حزب الأمة.
وتنوعت العلاقات، بحسب ما أشارت له تقارير، إلى أن أرييل شارون التقى في مزرعة يمتلكها عدنان خاشقجي في كينيا مع الرئيس السوداني جعفر النميري، ورئيس المخابرات السودانية عمر محمد الطيب، وكل من عدنان خاشقجي، ويعقوب نمرودي وآل شفايمر، وصولاً إلى بداية عام 1980، عندما وصل إلى الخرطوم مسؤول في جهاز الموساد، واجتمع مع عمر محمد الطيب، ومسؤولين سودانيين آخرين، من أجل الاتفاق على نقل يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل عبر الخرطوم.
وفي هذا السياق، يقول رئيس مؤسسة “كيان” لدراسات إسرائيل والصهيونية، إسلام كمال ، إن من أخطر الملفات التي يركز عليها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو في هذه الفترة هي التطبيع مع الدول العربية، و”تسخين” العلاقات الإفريقية- الإسرائيلية، بمعنى أن تكون متطورة عن مراحل التطبيع، وألا تتوقف عند المساعدات فقط، وهذا كان واضحاً بجولات “نتانياهو” في الفترة الأخيرة لـ 15 دولة إفريقية، وهذا لم يحدث قبل ذلك من أي رئيس حكومة في تل أبيب، مشيراً إلى وجود علاقات خفية في العقود الأخيرة مباشرة وغير مباشرة بين تل أبيب والخرطوم، حيث كانت السودان معبراً لأهم عملية تهجير موسادية، وهي عملية “موشيه”، التي عملت على تهجير يهود الفلاشا من إثيوبيا عبر البحر الأحمر، من خلال السودان، في أوائل الثمانييات، وكان قبل ذلك، العلاقات السرية والمعلنة مع حزب الأمة السوداني.

وأوضح “كمال” في تصريحات خاصة لـ””، أن السعي الإسرائيلي للتطبيع مع السودان، كان متوقفاً بسبب التغلغل الإيراني في السودان، ومع تقييد هذا الوجود الإيراني، من خلال تركيا مهندس عملية خلق التطبيع بجانب تشاد، أصبح الطريق مؤهلاً لتل أبيب، لافتاً إلى أن عام 2018 شهد لقاءات في تركيا بين قيادات بالمخابرات السودانية، منها نائب رئيس الجهاز، ومستشارون اقتصاديون أتراك، يعملون مع الرئيس السوداني عمر البشير، وقيادات بالموساد الإسرائيلي، وكانت تتم بمكتب المستشار المالي التركي للرئيس السوداني في أنقرة، وكل ذلك بمباركة “أردوغان”، وهذه اللقاءات تمت أكثر من مرة عام 2018، والذي كشف الأمر زيارة الرئيس التشادي إلى إسرائيل، الذي أعطى ربطاً لهذا الدور.

وتابع: “زيارة الرئيس التشادي إلى تل أبيب، حملت في العلن، طلب مساعدات عسكرية ضد انفصاليين في بلاده من إسرائيل، ولكن ما تسعى إليه تل أبيب في هذا المثلث الإفريقي هو اليورانيوم الموجود في تشاد، فضلاً عن أمر آخر يتعلق بالأمن القومي المصري، ثم فتحت الزيارة ملف التطبيع السوداني”.

وأردف: “ليس من المستبعد ترتيب لقاء بين البشير ونتانياهو في فعالية دولية، وسيتم وقتها الخوض في خطوات التصعيد لإقامة علاقات”، لافتاً إلى أن عمر البشير يحتاج ذلك لإنهاء العزلة الدولية المفروضة عليه، والتقرب للولايات المتحدة.

بينما أوضح مساعد وزير الخارجية السابق، للشؤون الإفريقية، السفير صلاح حليمة، أن هناك أحاديث حول هذا الأمر، والتحرك الإسرائيلي نشط تجاه إفريقيا، ونرى زيارة رئيس تشاد لإسرائيل وما جرى حولها، ثم ما يدور حول زيارة نتانياهو لموريتانيا، وسط تردد أن رئيس تشاد يتوسط، لإقامة علاقات بين السودان وإسرائيل.
ولفت “حليمة” في تصريحات خاصة لـ””،إلى أن السودان له موقف ثابت وواضح تجاه التعامل مع إسرائيل، وقد يقع تحت ضغوط أمريكية، ورغم العلاقات القديمة من جانب أحزاب كالأئمة أو الرئيس جعفر النميري مع إسرائيل، لكن السودان لا يوجد لديه توجه لإقامة علاقات مع تل أبيب، ووضح ذلك عندما تحدث أحد أعضاء البرلمان السوداني عن إمكانية إقامة علاقات مع إسرائيل، وتعرض لانتقادات على المستوى الرسمي والشعبي.
فيما يشير نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، د. مختار غباشي، إلى أن إسرائيل لديها 72 سفارة وسفيراً مقيم وغير مقيم وقائم بالأعمال بالعالم، 46 منهم بالقارة الإفريقية، حيث نجحت إسرائيل بدرجة كبيرة في البعد الإفريقي، نجاحاً بشكل منقطع النظير، لافتاً إلى أن إسرائيل ضمنت وجود تحويل في البوصلة من إيران في السودان، وأهلت نفسها لشكل التطبيع.

وأوضح “غباشي” في تصريحات خاصة لـ””، أن تدخل إسرائيل في انفصال جنوب السودان، وحديث سيلفا كير، بأن جنوب السودان عمق لتل أبيب، ضغوط وأدوار تمارس، مشيراً إلى أن أهمية السعي الإسرائيلي للتطبيع مع السودان، هو شكل جديد للتعامل مع مصر، فضلاً عن أن الخرطوم ذات بعد عربي وإفريقي، وتشكل في وقت من الأوقات دولة من دول الممانعة، في ظل اتهام نظامها السياسي بالأخونة، واستمالة نظام مثل هذا من الطبيعي أن يكون هدفاً إسرائيلياً.

وتابع: “إسرائيل ليست منشغلة بالدول المطبعة معها، في حين تنشغل بالدول التي تشكل لها أرقاً، مثل السودان، وتونس، التي كانت مقراً لمنظمة التحرير، وبها حركة النهضة”، ولكن السؤال هل تنجح إسرائيل في ذلك؟!، وهل حتى يصلح البشير أحواله مع أمريكا يقدم كرتاً مجانياً لتل أبيب؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق