أوروبا

تيريزا ماي تسعى إلى حشد البريطانيين خلف اتفاق “بريكست” أملا في التأثير على النواب

– لندن – في هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر بها بريطانيا حاليا في خضم الجدل الثائر حول خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ، ربما تكون رئيسة الوزراء تيريزا ماي قد كشفت النقاب عن أولى مفاجآت حملتها التي تهدف إلى حشد البريطانيين خلف اتفاق الخروج، عندما اقترحت إجراء “مناظرة تلفزيونية.”

ومن المعتاد إجراء مثل هذه المناظرات في إطار حملات الترويج التي تسبق الانتخابات العامة. وتم إجراء واحدة قبل الاستفتاء على انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، حينما صوت 52 %من ناخبي بريطانيا لصالح الانفصال، ووضعوا بلادهم على مسار لم تسلكه دولة عضو في التكتل منذ نشأته قبل عقود.

وكانت ماي رفضت خوض مناظرة مباشرة قبل الانتخابات العامة التي وصفت بالكارثية في بريطانيا في عام 2017، والتي دعت إليها رئيسة الوزراء آنذاك أملا في الحصول على تأييد الناخبين لقيادتها للبلاد، وبالتالي خططها لمغادرة البلاد الاتحاد الأوروبي.

ولكن في هذه المرة، ليس هناك اقتراع شعبي منتظر عقب المناظرة المرتقبة لرئيسة الحكومة وزعيمة حزب المحافظين مع زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين في التاسع من كانون أول/ديسمبر الجاري.

ويقول جون كورتيس، أستاذ علم السياسة بجامعة “ستراثكلايد” البريطانية: “إنها تحاول صناعة رأي عام لصالح الاتفاقية، وربما بصفة خاصة بين مؤيدي بريكست، من بين الناخبين”.

ويضيف كورتيس لوكالة الأنباء الألمانية (د .ب. أ) أن ماي تريد أن يكون لديها القدرة على تسويق الاتفاق بين النواب وكأنها تقول: “أملك التفويض الذي منحنا الشعب إياه… ولذلك عليكم أن تؤيدوه”. ومن المقرر أن يشارك أعضاء مجلس العموم البريطاني الـ 650، في التصويت على الاتفاقية في الحادي عشر من كانون أول/ديسمبر الجاري، بعد خمسة أيام من النقاشات.

وكان مؤيدو الاتحاد الأوروبي، وانسحاب بريطانيا من التكتل، من أعضاء حزب المحافظين الـ 315 في مجلس العموم، تعهدوا بالتصويت ضد اتفاق ماي للخروج.

وقال كوربين إن نواب حزب العمال الـ257، في المجلس، سيصوتون ضد الاتفاقية.

ورغم الصعوبات التي تواجه رئيسة الوزراء، يبدو أن ماي تعتمد إلى حد كبير على حشد الضغوط الشعبية للتأثير على نواب حزبي المحافظين والعمال، ومخاوف الحزبين من عملية انسحاب غير منظمة من الاتحاد الأوروبي قد تكون مدمرة، لتميل كفة الميزان لصالح رئيسة الوزراء.

ولكن حتى هذا الأمر، موضع خلاف.

ويقول سيمون أشروود، المحلل الاقتصادي المعني بــ “بريكست” في “جامعة سُوري” البريطانية، إنه يتوقع أن يكون تأثير الحملة الشعبية على النواب “ثانويا إلى حد كبير”.

ويضيف آشروود:” يظل الجانب الأكبر من العمل داخل البرلمان… ولكني أعتقد أن الرأي العام سيظل منقسما مادام البرلمان يبدو منقسما.”

وتقول ماي، التي تحظى بدعم كبير من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، إن بريطانيا تواجه خيار الموافقة على اتفاق الخروج، أو انسحاب غير منظم، من التكتل. ويختلف معها الكثيرون في هذا.

ويصف النواب المؤيدون للاتحاد الأوروبي هذه الرؤية بأنها “انشقاق زائف”، ويدعون إلى وضع الخيارات الأخرى في الاعتبار، وإلى إجراء استفتاء ثان على الانسحاب.

ويدعم عدد متزايد من البريطانيين حملة “صوت الشعب” التي تدعو إلى إجراء استفتاء ثان، وهو خيار استبعدته ماي.

ورأي كوربين أن مثل هذه الخطوة ستكون خيارا أخيرا بالنسبة لحزب العمال، الذي يأمل في الدفع صوب إجراء انتخابات عامة بديلا لذلك، وهو ما من شأنه أن يذهب باتفاقية “بريكست” إلى مزيد من الغموض.

ورفض معظم نواب المعارضة لجوء ماي إلى الناخبين، في حين اتهمها النواب المحافظين المتشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي، بأنها تدير “خطة للترهيب” من خلال سلسلة من التقارير الحكومية، التي تحذر من أثار اقتصادية قاسية وعواقب أخرى حال انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

كما وصف “الحزب الوحدوي الديمقراطي” في إيرلندا الشمالية، الذي يؤيد نوابه العشرة في البرلمان الانجليزي حكومة الأقلية بزعامة ماي، الرحلات التي تقوم بها رئيسة الوزراء بأنها جولات “دعائية”.

ورغم بعض التأييد الذي حظيت به ماي على صعيدي السياسة والاعمال خلال الأيام الماضية، يتوقع قليلون فوزها في تصويت البرلمان على اتفاق الخروج، على الأقل ليس في المرحلة الأولى، ويدعي عدد قليل أيضا معرفة ماذا يمكن أن يحدث حال خسارة رئيسة الوزراء.

يقول كورتيس إن ما سيحدث مستقبلا يعتمد إلى حد كبير على “أي نحو سيئ ستخسر (ماي)، وكيف.”

ويضيف أن هزيمة بفارق ضئيل، أي بنحو 20 صوتا أو أقل، “ستكون انتصارا معنويا” يسمح لماي بإدخال تعديلات على الاتفاق، قبل العودة إلى البرلمان مجددا.

وأوضح أن رئيسة الحكومة ربما تلجأ إلى إقناع الاتحاد الأوروبي بتقديم تنازلات ثانوية بشأن القضية الرئيسية الخاصة بحدود ايرلندا الشمالية.

ويرى آشروود أن الاتحاد الأوروبي يبدو غير راغب في إعادة التفاوض بشأن اتفاق الخروج، ولكنه ربما يوافق على تعديل “بعض الأمور الرمزية” في الاعلان غير الملزم المرفق بالاتفاق.

ويقول أيضا: “في الحقيقة… لست أدري (ما يمكن أن يحدث مستقبلا)… ولم ألتق أحدا لديه ثقة في أنه يعلم (ما يمكن أن يحدث).” (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق