أوروبا
اليمين الألماني المتطرف يواجه مصاعب بعد سنة على دخوله اللافت إلى البرلمان
ـ برلين ـ بعد عام على دخوله اللافت الى البرلمان، يواجه اليمين الألماني المتطرف حاليا مصاعب كبيرة، بعد الإشتباه بتورط مسؤولين فيه بعمليات إختلاس، وإثر اقتراب مغادرة المستشارة أنغيلا ميركل التي بنى شعبيته على مهاجمة سياساتها.
وفي نهاية تشرين الاول/اكتوبر 2017، وبعد خمسة أعوام على تأسيسه، حقق حزب البديل لألمانيا فوزا في مقاطعة هيسي، ليكرس دخوله الكبير الى الساحة السياسية الألمانية.
فقد حصل في انتخابات هذه المقاطعة على 13% من الأصوات، ودخل برلمانها بعد أن كانت المقاطعة الوحيدة بين مقاطعات البلاد ال16 التي لم يكن قد تمثل في برلمانها.
وكان دخل في أيلول/سبتمبر 2017 البوندستاغ الفدرالي ليحقق سابقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
إلا أن المصاعب لاحقت هذا الحزب القومي منذ تلك الفترة، وتوقفت شعبيته عند 15%، في حين كان الخضر المؤيدون للمشروع الأوروبي في البلاد يتقدمون ليصبحوا القوة الثانية بنسبة 20%.
وأهم أسباب هذا التعثر، كشف معلومات عن إختلاسات تمت عبر بلدان أجنبية قام بها مسؤولون في هذا الحزب، مع أنه كان جعل التنديد بفساد الطبقة السياسية التقليدية أبرز شعارات حملته الإنتخابية.
“أخطاء”
وفي قلب هذه الفضيحة، أليس فيدل، القيادية في الحزب المتهمة بتلقي هبة من مقاول سويسري. وبعد أن كانت نفت بشكل كامل هذه التهمة، عادت وأقرت بارتكاب “أخطاء”، وأعلنت عزمها على مغادرة سويسرا حيث كانت تقيم، رغم انتقادات حزبها لهذا الأمر.
بعدها يأتي الرحيل المرتقب لميركل الحاكمة منذ 13 عاما. وبعد أن تكبدت هزائم عدة في الإنتخابات الأخيرة، قررت ميركل بدء مسيرة تخليها عن الحكم. وفي هذا الإطار من المقرر أن تتخلى الأسبوع المقبل عن رئاسة حزبها خلال مؤتمره المرتقب الأسبوع المقبل، تمهيدا للإنسحاب من الحياة السياسية عام 2021 كحد أقصى.
وبذلك يفقد قادة حزب البديل لألمانيا هدفهم المفضل.
وتساءلت صحيفة تاغسشبيغل الاحد “ماذا سيحصل لحزب البديل لألمانيا من دون أنغيلا ميركل؟”.
وأضافت الصحيفة “إن انتهاء عصر ميركل ليس بالخبر السعيد للحزب”، لأن المستشارة “كانت الهدف المفضل لهجماته والموضوع المفضل لتعبئة أنصاره”، خصوصا بعد دخول أكثر من مليون طالب لجوء البلاد عام 2015.
وبعد أن كان شعار الحزب الأساسي “لا بد من رحيل ميركل”، بات عليه اليوم أن يبحث عن شعارات أخرى لتعبئة المؤيدين.
ويترقب حزب البديل لألمانيا باهتمام كبير مؤتمر الحزب الديموقراطي المسيحي المقرر في مطلع كانون الاول/ديسمبر الحالي. ففي حال فازت آنيغريت كرامب كارنباور برئاسة الحزب، وهي التي تلقب ب”ميركل الثانية”، فإن الحزب اليميني المتطرف لن يجد صعوبة في تجديد حملاته كما هي اليوم.
التنافس على اليمين
أما في حال فوز أحد المرشحين فريدريتش ميرز، أو ينس سبان الأكثر ميلا الى اليمين، والبعيدين عن سياسة ميركل، فإن المواجهة عندها ستكون أصعب.
وقالت الباحثة في “جرمان مارشال فاند” سودها ديفيد فيلب، أنه في حال مال الحزب الديموقراطي المسيحي أكثر الى اليمين “لا بد أن يفقد حزب البديل لألمانيا قسما من ناخبيه”، مضيفا أن الحزب اليميني المتطرف تمكن حتى في السابق من جذب قسم من ناخبي الحزب الاشتراكي الديموقراطي الغاضبين من سياسة حزبهم.
والمعروف أن المرشح ميرز الذي سبق وأعلن عزمه “تقليص الحجم الإنتخابي لحزب البديل لألمانيا الى النصف”، وهاجم توجه حزبه نحو “الاشتراكية الديموقراطية” خلال عهد ميركل، يرفض بشكل قاطع أي تقارب مع الحزب اليميني المتطرف.
أما بالنسبة الى المرشح الثاني سبان، فإن المسؤولين في حزب البديل لألمانيا يعتقدون أنه قد يكون بالإمكان التقرب من الحزب الديموقراطي المسيحي في حال فوزه برئاسته، بسبب سياسته المتشددة إزاء الهجرة.
وسيجد حزب البديل لألمانيا في هذه الحالة نفسه في موقف حرج، بين أن ينتهج سياسة يمينية متطرفة جدا لتمييز نفسه عن الحزب الديموقراطي المسيحي، أو أن يسعى للدخول في اللعبة السياسية عبر السعي لعقد تحالفات مع الحزب الديموقراطي المسيحي.
ويبدو أن الحزب اليميني المتطرف يعاني من تجاذبات عدة في صفوفه. فهناك الجناح المتطرف جدا القريب من أوساط النازيين الجدد، وهناك الجناح الأقل تطرفا، والتجاذب بينهما غير معروف النتائج بعد.
ووجدت قيادة حزب البديل لألمانيا نفسها قبل أيام مضطرة الى التدخل للجم منظمة الحزب الشبابية بعد أن رفعت شعارات عنصرية وأخرى تدعو الى العنف.
كما يخشى حزب البديل لألمانيا أن يصبح هدفا لأجهزة الإستخبارات فتقوم بمراقبة نشاطاته، مع العلم أن هذه الأجهزة لا تعمل عادة إلا على مواجهة المجموعات التي تعتبر أنها تشكل خطرا على الدولة. (أ ف ب)