محمد صلاح
ماذا كسبت قطر من سياستها العدائية ضد السعودية ومصر والإمارات والبحرين؟ وما هي الأرباح التي جنتها الدوحة من أفعالها التي تستهدف الأذى للدول الأربع ودول أخرى في المنطقة؟ وهل حققت تلك السياسات وهذه الأفعال نجاحاً جعل قطر قوة إقليمية مثلاً؟ أو أخضعت شعوباً وأمماً للقرار القطري، أو جعلت مصر تتراجع وتسمح بعودة «الإخوان»، أو الرياض تنتظر الأوامر من الدوحة، أو أبوظبي ترتعد إذا اتخذت قراراً لا يرضي حكام قطر، أو المنامة لا تنام إذا غضبت الدوحة عليها؟
كلها أسئلة إجاباتها معروفة وبديهية. ويكفي رصد آراء ومواقف وقناعات دول وشعوب العالم تجاه الأفعال القطرية لمعرفة إلى أي مدى صارت السمعة سيئة والانطباعات سلبية. هنا يجب الفصل بين استراتيجية قطر في التعاطي مع ملفات المنطقة وبين مواقف جماعة «الإخوان» وأهدافها، فهناك فرق بين سياسات الدول وخطط الجماعات والتنظيمات والميليشيات، فالمسألة بالنسبة للدوحة خيار وكان هناك خيارات إيجابية يفترض أن تختار من بينها الأصلح لها وللآخرين، في حين لم يجد «الإخوان» سبيلاً آخر بالنظر إلى تاريخ الجماعة الدموي وسعيها نحو السلطة بأي ثمن، فتنظيم ظل على مدى عقود طويلة يحلُم بالتمكين في مصر وغيرها من الدول الأخرى ويعتمد المعتقدات والسلوكيات التي يرى أنها تحقق أهدافه، وصحا من حلم التمكين على كابوس كبير، حين ثار الشعب المصري ضد حكم الجماعة وخلع محمد مرسي من المقعد الرئاسي. وجد قادة الجماعة أنفسهم مضطرين للحفاظ على تنظيمهم ولو على جثث الآخرين، فلم يكن أمامهم سوى الكشف عن الوجه الحقيقي للجماعة، واستخدام العنف لإرهاب الشعوب والتحالف مع تنظيمات إرهابية تقليدية، والانتقام من كل دولة وجهة وشخص وقف حائلاً أمام طموحات الجماعة وأحلامها والثأر خصوصاً من الشعوب في مصر والسعودية والإمارات والبحرين التي حرصت على الحفاظ على مجتمعاتها ودولها وحدودها وكياناتها.
لا يعني ذلك بالطبع أن «الإخوان» ساروا في طريق إيجابي حتى لجماعتهم، إنها جماعة ظلت تسلك أي سبيل للانقضاض على السلطة، وبقاؤها أو فناؤها مسألة تخص أعضاءها الذين انضموا إليها طواعية.
أما الحكام في الدوحة فكانت لديهم خيارات عدة بعدما سعوا لسنوات إلى لعب أدوار تفوق الوزن النسبي لدولتهم، بينها الحرص على حسن الجوار أو التحالف مع الأشقاء وتفادي دعم المعارضين والإرهابيين، أو خيار الوقوف على الحياد والنأي بالنفس عن التورط في أي عمل قد يفسر على أن مؤذٍ أو حتى معادٍ للجيران والأشقاء وتوفير الأموال التي تنفق على مؤسسات وشخصيات غربية لتجنيدها أو دفعها إلى تبني مواقف بعينها. ليس مهماً الآن الإجابة عن السؤال: من جذب الآخر إلى مواقعه قطر أم «الإخوان»؟ فالطرفان صارا في الموقع نفسه، ومنصاتهما مصوّبة نحو الأهداف ذاتها وذابت الدولة القطرية داخل الجماعة «الإخوان»ية وانصهر التنظيم «الإخوان»ي في النسيج القطري!!. اللافت أن الطرفين لا يعترفان بالفشل، ولا يبدو أنهما يعدان خطة مرحلية يمكن تطويرها أو التراجع عنها إذا لم تتحقق أهدافها، وإنما يرتكبان كل يوم جرائم تجعل مسألة العفو عنهما في المستقبل مستحيلة، وعقابهما مهما طال الزمن أو قصر ضرورياً. ستبقى الدول المقاطعة لقطر تبني مشاريع تنموية من أجل مستقبل شعوبها، ولأنها مؤثرة في محيطها الإقليمي والدولي، ولأن ثقلها السياسي يفوق بكثير المؤامرات القطرية والجرائم «الإخوان»ية فإن نتائج الأذى «الإخوان»ي والضرر القطري لا تخرج عن مجرد منغصات كالعواصف أو الرياح أو السيول!!.
صارت شعوب الدول الأربع أكثر وعياً بحيل قطر وألاعيب «الإخوان» التي تحولت مجالاً للسخرية والتهكم و»التريقة» على تلك اللجان الإلكترونية والمنصات الإعلامية والمراكز البحثية والأجهزة الأمنية والاستخباراتية والأموال المهولة التي تنفق لمجرد إثارة ، دون أن تؤثر بشكل حقيقي على الجغرافيا.. أو التاريخ.
الحياة اللندنية