شرق أوسط
حزب الله قوة عسكرية ضخمة والعدو اللدود لإسرائيل
ـ بيروت ـ أثبت حزب الله، العدو اللدود لإسرائيل والمدعوم من إيران، نفسه كقوة سياسة وعسكرية على الصعيدين المحلي والإقليمي. وتتهمه إسرائيل بحفر أنفاق عابرة للحدود من جنوب لبنان وصولا الى أراضيها، وأعلنت الثلاثاء بدء عملية لتدميرها.
التأسيس و”مقاومة” إسرائيل
تأسس حزب الله بمبادرة إيرانية بعد الاجتياح الاسرائيلي لبيروت في العام 1982، وعرف انطلاقته الاولى في منطقة البقاع قبل أن يتوسع الى مناطق لبنانية أخرى، وخصوصاً جنوب البلاد والضاحية الجنوبية لبيروت.
وبنى الحزب الذي يؤكد أن مرجعيته هي “ولاية الفقيه”، عقيدته السياسية على أساس مقاومة إسرائيل. وكانت إحدى اولى أبرز العمليات التي نسبت اليه، تفجير مقري القوات الأمريكية والفرنسية في تشرين الأول/أكتوبر 1983 في بيروت، والذي أسفر عن مقتل 300 عنصر من هذه القوات، وفي وقت لاحق عن انسحاب هذه القوات من لبنان.
وحظي حزب الله، على مر السنين، باحترام وشعبية كبيرين في العالم العربي، نتيجة قتاله ضد إسرائيل.
وبفضل ذلك، والى جانب شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية، كسب شعبية كبيرة خصوصاً لدى الطائفة الشيعية (حوالى 30 في المئة من عدد السكان اللبنانيين).
ويُنظر اليه على أنه رأس الحربة في انسحاب اسرائيل من لبنان العام 2000 بعد 22 عاماُ من الاحتلال.
وخاض حزب الله الذي يتلقى المال والسلاح من طهران وتسهل سوريا نقل أسلحته وذخائره، حرباً ضد اسرائيل في العام 2006 اندلعت اثر خطفه جنديين بالقرب من الحدود مع لبنان.
وردت اسرائيل بهجوم مدمر، إلا انها لم تنجح في تحقيق هدفها المعلن في القضاء على حزب الله، ما أظهر حزب الله في نهاية الحرب داخلياً بموقع المنتصر.
وتسببت الحرب بمقتل 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون و160 إسرائيلياً غالبيتهم عسكريون.
وانتهت الحرب بصدور القرار الدولي 1701 الذي أرسى وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله وعزز انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان. وبموجبه، انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ عقود على الحدود مع إسرائيل بهدف منه أي وجود عسكري “غير شرعي” عليها.
وتتهم أجهزة استخبارات غربية حزب الله بالتورط في الثمانينات في عمليات خطف عديدة طالت غربيين في لبنان. وتتهمه بلغاريا بالتورط في التفجير الذي استهدف حافلة تقل اسرائيليين في تموز/يوليو 2012 على أرضها.
أسلحة متطورة
ورفض حزب الله بعد انتهاء الحرب اللبنانية (1975-1990) التخلي عن أسلحته كما فعلت الميليشيات اللبنانية الأخرى، بحجة مقاومة اسرائيل.
وتحول هذا السلاح، خصوصا منذ 2005، تاريخ مقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، الى محور جدل على الساحة اللبنانية بين مطالبين بحصر السلاح في أيدي القوى الشرعية ومدافعين عن أسلحة الحزب بهدف حماية لبنان من إسرائيل.
ويأخذ خصوم الحزب عليه أنه يستخدم السلاح للضغط على الحياة السياسية اللبنانية والتحكم بالقرار.
ولدى حزب الله حاليا ترسانة ضخمة، وإن كان لا يُعرف حجمها. وقال أمينه العام حسن نصرالله في مناسبات عدة إن حزبه بات يمتلك أسلحة وصواريخ متطورة عدة قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل.
وفي 20 أيلول/سبتمبر العام 2018، أعلن الأمين العام لحزب الله أن “المقاومة باتت تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة ومن الامكانيات التسليحية ما يسمح لها، إذا فرضت إسرائيل على لبنان حرباً، أن تواجه مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام”.
سوريا ونزاعات إقليمية
في العام 2013، أعلن حزب الله بشكل علني مشاركته في النزاع في سوريا المجاورة إلى جانب قوات النظام.
وانقسم لبنان بحدة حول تدخله في سوريا الذي ساهم على مر السنوات في تغيير المعادلة الميدانية لصالح النظام، وفي إفقاد الحزب بعضا من هالته في العالم العربي.
ويتراوح عدد مقاتليه في سوريا، بحسب خبراء، بين خمسة آلاف وثمانية آلاف. وقد شارك في معارك بارزة أهمها ضد مقاتلي المعارضة في ريف حمص (في وسط سوريا) في 2013 بهدف تأمين الحدود اللبنانية السورية، وضد الفصائل المعارضة في مدينة حلب (في شمال سوريا).
في أيلول/سبتمبر 2018، أعلن حزب الله أن مقاتلين باقلون في سوريا “حتى إشعار آخر”.
في العراق، شارك مقاتلون من حزب الله خلال السنوات الماضية إلى جانب الحشد الشعبي في معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وبعد خسارة التنظيم، أعلن الحزب في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 استعداده لسحب “أعداد كبيرة” من قادته وكوادره من العراق.
في اليمن، تتهم السعودية حزب الله بدعم الحوثيين الذين تشن حملة عسكرية ضدهم. كما تتهمه دول خليجية والبحرين بالتدخل في شؤون البحرين وتحريض المعارضة الشيعية فيه. لكن الحزب ينفي ذلك تماما.
وبضغط سعودي، أطلقت جامعة الدول العربية على حزب الله صفة “الإرهابي”.
معترك السياسة
شارك حزب الله في الحكومة اللبنانية للمرة الاولى في 2005. وعزز حضوره على الساحة السياسية منذ ذلك الوقت.
في أيار/مايو 2008، تطورت أزمة سياسية في لبنان الى معارك في الشارع بين حزب الله والأكثرية النيابية في ذلك الحين بزعامة سعد الحريري. وسيطر خلالها حزب الله لأيام عدة على القسم الاكبر من الشطر الغربي لبيروت.
وتلت هذه الاحداث تسوية تم التوصل اليها في الدوحة.
في العام 2016، قامت تسوية جديدة بين الأفرقاء اللبنانيين بعد سنتين من الفراغ في منصب رئاسة الجمهورية، أوصلت ميشال عون، حليف حزب الله الى سدة الرئاسة، والحريري الى رئاسة الحكومة.
وبعد إرجاء للانتخابات النيابية منذ العام 2009 نتيجة التوترات السياسية، حصلت انتخابات تشريعية في أيار/مايو 2018 في لبنان كإحدى نتائج هذا التوافق الهش، عزز خلالها حزب الله وحلفاؤه، الى حد بعيد كتلهم في مجلس النواب.
وكُلِّف الحريري بعد الانتخابات تشكيل حكومة، لكنه لم ينجح في ذلك بعد حوالى سبعة أشهر من التكليف، في وقت يسعى حزب الله الى تكريس قوته المتنامية سياسيا بتشكيلة حكومية لصالحه.
دولياً
تصنف الولايات المتحدة حزب الله “منظمة إرهابية”. في العام 2013، وضع الاتحاد الاوروبي ما سماه الجناح العسكري لحزب الله على لائحته لـ”المنظمات الارهابية”.
وأعلنت وزارة العدل الامريكية في كانون الثاني/يناير 2018 إنشاء وحدة خاصة للتحقيق “حول تمويل حزب الله والاتجار بالمخدرات”.
وتفرض واشنطن عقوبات على عدد من قادة الحزب.
وحزب الله متهم ايضاً من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالتورط في مقتل رفيق الحريري في عملية تفجير استهدفت موكبه في العام 2005. وينفي حزب الله ذلك متحدثا عن “مؤامرة”.